الأحد 19 شباط 2017

الأحد 19 شباط 2017

19 شباط 2017
 
الأحد 19 شباط 2017 
  العدد 8
أحد مرفع اللّحم
 
اللّحن الثاني            الإيوثينا الثانية
 
*  19: الرَّسول أرخيبس، البارّة فيلوثاي الأثينائيَّة، * 20: لاون أسقف قطاني، الأب بيساريون، * 21: البارّ تيموثاوس، أفستاثيوس الأنطاكيّ، * 22: العثور على عظام الشّهداء في أماكن أفجانيوس، * 23: پوليكاربُس أسقف أزمير، القدّيسة غورغوني أخت القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ، * 24: ظهور هامة السابق للمرّتين الأولى والثانية،  * 25: تذكار جامع للآباء الأبرار، طاراسيوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة. *
 
 
وَهْب الأعضاء 
 
أصدر المجمع الأنطاكيّ الأرثوذكسيّ، في ت1 1996، البيان الآتي: درس المجمع المقدّس قضيّة زرع الأعضاء، ورأى أنّ الإنسان الحيّ يوصي بكلّ حرّيّة بتقديم أعضائه.
 
1- تُعتبر تقدمة الأعضاء عطاءً وتضحية، شرط ألّا يؤذي الإنسان نفسه.
 
2- لا يمكن، في أيّ حال من الأحوال، أن تُصبح الأعضاء سلعة تجاريّة، لأنّ الواهب لا يُعطي شيئاً يخصّه، بل شيئاً من ذاته.
 
أمّا في حالات  الوفاة المفاجئة فيعود القرار للوصيّ على الميت. وأيضًا على أن لا يصبح ذلك تجارةً.
برأي كنسيّ عامّ إنّ مسألة وهب الأعضاء عمل محبّة بامتياز. الإنسان مخلوق على صورة الله فله احترام وكرامة وقدسيّة.
 
الجسد هو هيكل الرّوح القدس، أي مقدّس بسكنى روح الله فيه. الأهميّة الشخصيّة للإنسان لا يحدّدها التشخيص الطبّيّ فقط بل العناية الإلهيّة. الجسد والنفس دوماً متلازمان.
 
يشبه وهب الأعضاء  عملَ السيّد الخلاصيّ الذي أسلم ذاته من أجل حياة العالم وخلاصه. إذاً، تُشجّع الكنيسة على وهب الأعضاء، إلاّ أنّه يبقى موضوعَ ضمير شخصيّ بالدرجة الأولى متروك للمؤمنين أن يحدّدوا موقفهم منه بالصّوم والصلاة ومؤازرة الآباء الروحييّن.
 
قلنا إنّ المحبّة agape هي أساس وهب عضو سليم لإنسان محتاج. أمّا إذا تطوّر الموضوع وأصبح تجارة لها عياداتها ومكاتبها وأطبّاؤها، تستورد وتصدّر مثل أيّة سلعة أخرى بقصد الربح، فيتغيّر عندها الموقف الكنسيّ، إذ لا يجوز الإستخفاف بالإنسان أو التبادل المفرط للمصالح. الكنيسة ترفض المتاجرة بالأعضاء وإلغاءَ كلّ عنصر روحيّ.
 
من جهةٍ ثانية، إنّ التبرّع بعضو مركزيّ في الإنسان، كالقلب، أمرٌ مرفوض. يستند بعض اللاهوتيّين الأرثوذكسيّين إلى أقوال الآباء الكبار التي ترى أنّ القلب اللحميّ له بعد روحيّ عميق في تكوين الجسد، ولهذا يعارضون وهبه. وكذلك الأمر بالنسبة للرّئة (راجع مقالة الأب هاراكس وهو مرجع هامّ في علم الأخلاق الأرثوذكسيّ Orthodox introduction to bioethics).
 
إنّ وهب الأعضاء في الحالات الطبيعيّة المسموح بها، كما ذكرنا أعلاه، يصبح بمثابة انتصار على الموت بقوّة المحبّة والتضحية؛ بالمقابل ترفض الكنيسة كلّ الاِختبارات التي من شأنها أن تعرّض الإنسان للخطر. لذا يكون من غير الأخلاقيّ استخدام الأطفال اللّادماغيّين، أو البالغين المحتضَرين، كمصادر لجمع الأعضاء (بريك 282).
 
ملاحظة أخرى وليست أخيرة: إنّ الأعضاء لا يمكن أخذها من واهب ميْت نتيجة سكتة قلبيّة، إذ لا نفع من الأعضاء بعد توقّف القلب. إنّ عمليّة نقل الأعضاء من ميْت إلى حيّ غير ممكنة إلّا في الساعات القليلة الأولى ممّا يسمّى "الموت الدماغيّ" أي توقّف عمل الدماغ بشكل شبه نهائيّ، فيما يستمرّ القلب بالخفقان لوقت ما يستطيع فيه الأطباء استئصال الأعضاء للوَهْب.
 
+ أفرام 
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما 
 
 
طروباريّة القيامة باللّحن الثّاني
 
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرق لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك. 
 
قنداق أحد مرفع اللّحم  باللّحن الأوّل 
 
إذا أتيتَ يا اللهُ على الأرضِ بمجدٍ، فترتعدُ منكَ البرايا بأسرها، ونهرُ النارِ يجري أمامَ المِنبر، والكتبُ تُفتَحُ والأفكار تُشَهَّر. فنجِّني من النار التي لا تُطفأ، وأهِّلني للوقوف عن يمينِك، أيُّها الدَّيّانُ العادِل. 
 
 
الرِّسالة
1 كور 8: 8-13، 9: 1-2
 
قُوَّتي وتَسْبِحَتي الربُّ
أدباً أَدَّبَني الربُّ، وإلى المَوْتِ لَمْ يُسلّمني 
 
يا إخوة، إنّ الطعامَ لا يقرِّبُنا إلى الله، فإنّنا إن أكلنا لا نَزيدُ، وإن لم نأكل لا ننقُص. ولكنِ انظروا أن لا يكونَ سلطانُكم هذا مَعثرةً للضعفاء. لأنّه، إن رآك أحدٌ يا من له العِلمُ، مُتَّكِئاً في بيتِ الأوثان، أفلا يتقوّى ضميرُه، وهو ضعيفٌ، على أكلِ ذبائح الأوثان، فيهلكُ بسببِ عِلْمك الأخُ الضعيفُ الذي مات المسيحُ لأجلِه. وهكذا، إذ تُخطِئون إلى الإخوةِ وتجرحون ضمائرَهم وهي ضعيفة، إنّما تُخطئِون إلى المسيح. فلذلك، إن كان الطعامُ يُشَكِّكُ أخي فلا آكلُ لحمًا إلى الأبد لئلاّ أُشكِّكَ أخي. ألستُ أنا رسولا؟ ألستُ أنا حُرًّا؟ أما رأيتُ يسوعَ المسيحَ ربَّنا؟ ألستم أنتم عملي في الربّ؟ وإن لم أكن رسولاً إلى الآخرين فإنّي رسولٌ إليكم، لأنّ خاتَمَ رسالتي هو أنتم في الربّ.
 
 
الإنجيل
متّى 25: 31-46
 
قال الربُّ: متى جاءَ ابنُ البشر في مجده وجميعُ الملائكةِ القدّيسين معه، فحينئذٍ يجلس على عرش مجدِه، وتُجمَعُ إليه كلُّ الأمم، فيميِّزُ بعضَهم من بعضٍ كما يميِّزُ الراعي الخرافَ من الجِداء، ويقيمُ الخرافَ عن يمينه والجِداءَ عن يسارِه. حينئذٍ يقول الملكُ للّذين عن يمينه: تعالَوا يا مبارَكي أبي، رِثُوا المُلكَ المُعَدَّ لكم منذ إنشاء العالم، لأنّي جُعتُ فأطعمتموني، وعطِشتُ فسقيتموني، وكنتُ غريباً فآوَيتموني، وعريانا فكسَوتموني، ومريضاً فعُدتموني، ومحبوساً فأتيتم إليَّ. يُجيبه الصدّيقون قائلين: يا ربُّ، متى رأيناك جائعاً فأطعَمناك أو عطشانَ فسقيناك؟ ومتى رأيناكَ غريباً فآوَيناك، أو عُريانا فكسَوناك؟ ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك؟ فيُجيبُ الملكُ ويقولُ لهم: الحقَّ أقولُ لكم،  بما أنَّكم فعلتم ذلك بأحدِ إخوتي هؤلاءِ الصِّغار فبي فعلتُموه. حينئذٍ يقولُ أيضاً للّذين عن يسارِه: إذهبوا عنّي يا ملاعين إلى النار الأبدَّية المُعدَّةِ لإبليسَ وملائكتِه، لأني جُعتُ فلم تطعِموني، وعطِشتُ فلم تَسقُوني، وكنتُ غريباً فلم تُؤووني وعُرياناً فلم تَكسوُني، ومريضاً ومحبوساً فلم تزوروني. حينئذٍ يُجيبونَه هم أيضاً قائلين: يا ربُّ متى رأيناكَ جائعاً أوغريباً أو عُرياناً أو مَريضاً أو مَحبوساً ولم نخدُمْك؟ حينئذٍ يُجيبُهم قائلاً: الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم لم تفعلوا ذلك بأحدِ هؤلاء الصِّغار فبي لم تفعلوه. فيذهبُ هؤلاءِ إلى العَذابِ الأبديّ، والصِّدّيقونَ إلى الحياةِ الأبديّة.
 
 
في الإنجيل 
 
مقياس إنجيل الدينونة هو المحبّة. بما أنّكم فعلتموه بأحد إخوتي الصغار فبي فعلتم (متّى 25: 40)."عندما يأتي المسيح بمجده". هذا المجد يعني مجدَ الصليب الذي يحملُ إلى العالمِ العدالةَ وعِظَم المحبّة وعظمةَ التواضع. الذين عاشوا سرّ الصليب في حياتهم حتماً سيبتهجون في حضور المسيح وسيتحقّق لهم ما يشتاقون إليهِ، لأنّهم عاشوا سرّ الصليب الذي هو المحبّة المطلوبة من أجل الآخرين. سرّ الصليب هو سرّ امّحاء الأنا لكي يبرز الآخر الذي بدوره وحّد المسيح ذاتَه به في كلّ مريضٍ ومسجون وجائع. هؤلاءِ عاشوا سرّ طاعة المسيح وقبلوا طوعاً، كما المسيح، صلب الشهوات والحقد والأهواء الأخرى؛ هؤلاءِ سيرثونَ المُلك المُعدَّ لهم منذ إنشاء العالم. هؤلاءِ رأَوا إخوة يسوع لأنّهم خرجوا من حبِّ الذات إلى المحبّة التي تشمل الخليقة كافّةً، حتّى غيرَ الناطقة منها.
 
هؤلاء وحدّوا البشريّة بمحبّتهم كما فعل المسيح عندما بسَط يديهِ على الصليبِ مُشيراً بذلك إلى ضمّه أقطار العالم لكي تتّحد كلُّها تحت راية الصليب.
 
إنجيل الدينونة يرسم لنا الطريق التي تؤدّي إلى معاينة مجد ابن الإنسان المذبوح منذ إنشاء العالم لأجل العالم أجمع. هذا ما تصوّره الكنيسة إيقونوغرافيًّا في قبّة الكنيسة عندما تصوّر الضّابط الكلّ الذي سيدين العالم بحسب الإنجيل القابض عليه بيده.
 
أمّا الآخَرون، الذين أهملوا وصايا الله بوقاحة وعاشوا الأنا والحقد متذمّرين ومُزدرين كلّ ضعفٍ واسترخاءٍ، هؤلاء الذين لم يتلمّسوا سرّ محبّة الله، فسيكون ذلك اليوم رهيباً لهم ومجد الله، عوض أن يُضيء لهم، سيُحرقهم بنارٍ لا تُطفأ ودودٍ لا ينام! لهؤلاء سيقول المسيح الجواب القاطع: "لا أعرفكم"، لأنّكم لم تروني في كلّ آخر.
 
القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث يكشفُ لنا أنّ كلّ أخٍ للمسيح، أي الجائع، العطشان، المسجون... إلخ، موجود في إنسان القلب الخفيّ (1 بط 3: 4). لذلكَ، ليس المهمّ فقط زيارة من هو بحاجةٍ، إنّما الأصعب يكمنُ في كيفيّةِ مداواة النفسِ البشريّة المتألّمة والمُعذَّبة. وأدويةُ النفس هي الصلاة وكلّ ممارسة نسكيّة تحدّ لجام الأهواء والشهوات وتكبحه. هكذا نتملّس حضور المعزّي في النفس البشريّة  التي جرّحتها الأهواء، فنلتقي بيسوع في أعماق ألم المألومين ووحدتهم وبؤسهم. من عاش للمسيح ويحيا بيقظة وصاياه لا يستطيع أن يُهمل هذا الجانب الروحيّ وليس الإنسانيّ الاِجتماعيّ فقط. لأنّ الكنيسة هي مُلتقًى لكلّ متعبٍ وغريبٍ في الأرضٍ، مُلتقًى فتُبلسِم جِراحَه وتكويها بنار الرّوح الذي فيها.
 
الزّنى : حالةٌ وفعلٌ 
الزّنى من المواضيع الرئيسةِ التي تطرحُها رسالةُ أحد الإبن الشاطر (1 كور 6/12-20) والتي يواجه الرسول بولس، من خلالها، مزاعم الكورنثيّين أنْ لا غنى عن الزّنى لأنّه حاجة من حاجات الجسد كالشراب والطعام. يبدو، لعمري، أنّ الرسول يعيش في زمننا. يَعتبر الجسدَ الأداة الفاعلة والمباشرة لفعل الزّنى. الزّنى اقتحام لحرمة الجسد. الزاني لا يرى في الآخَر إلّا جسدًا للاِستهلاك، فيتهافت على جسد الآخر تهافتَه على وجبة طعام وشراب لا مكان فيها إلّا لحاجة حيوانيّة، لا مكان فيها للإنسان الذي هو أبعد من اللحم والدم وأسمى.
 
هنا لا بدّ من التنويه بقول الربّ في متّى 5، 27- 28 : "من نظر إلى امرأة فاشتهاها زنى بها في قلبه". نرى في هذا القولِ أنَّ الزنى يَنشَأ في فكر الإنسانِ وقلبهِ وحواسِّه، كحالةٍ، قبل أن يتجسّد َ كفعلٍ. كلُّ تهاونٍ في مواجهةِ الزنى في مهدِه، في دواخلِنا وحواسِّنا، سيجرُّنا إلى ممارسةِ الزنى فعلًا.
 
يقول الرّسول "إنّ الزاني يُذنِبُ إلى جسدِه" قبل أن يُذْنِبَ إلى جسدِ الآخرِ موضوعِ زِناه. الزاني يَمسخُ جسدَه أيّ إنسانيّتَه لأنّه يختصرُها باللّحم والدم وحاجاتِهما دون أيّ شيء آخر. الزاني لا يفكّر إلّا في متعته وحاجته الحيوانيّة. الآخرُ، عنده، حاضرٌ فقط كوسيلة، وإن ادّعى شراكةً مزيّفةً في متعتِه الحيوانيّةِ التي يَبغيها منه. إدّعاءٌ كهذا مِن قِبَلِه لا يعكس شراكة إنسانيّة، بل هو انغلاق خبيث على أناه. لأنّ الزاني، في هذه الحالة، ينتشي بشعورٍ زائف برجوليّتِه فيظنّها كافيةً لإثبات إنسانيّته ووجودِه وتفوّقِه الذكوريّ، وهذا ما يُبقيه أسيرَ ذاتيّتِه واستهلاكيّتِه.
 
ما نقوله ليس إنشاءً منمّقًا أو أفكارًا مجرّدةً بل هو الذي يعطينا البصيرةَ لنميّز فعلَ الزّنى من فعلِ الحبّ والعشق EROS الإنسانيًّين اللّذين باركهما الله منذ البدء: "ذكرًا وأنثى خلقهم وباركهم وقال لهم أُنموا واكثروا واملأوا الأرض" (تك1، 27- 28). هذا التبريك يعني "أنّ الجسد ليس للزنى بل هو للربِّ والربُّ للجسد". قليلًا ما تستوقفنا عبارة "الربّ للجسد"، (الربّ = الجسد) هذه العلاقة التبادليّة reciproque تعني أن يكون الجسد مُلْكًا للربّ وأن يكون الربّ مُلْكًا للجسد، بمعنى أن يكون الربّ في خدمة الجسد " ليتمجّد الربّ في أجسادنا". لقد شاء الربّ،  بالتحامه بجسدنا إلى الأبد، أن يضع مجدَه وأبديّتَه في خدمة جسدنا وأن نجعل نحن أيضًا أجسادَنا في خدمة مجده، أن يجعلنا نتملّك مجده لخدمة مجده ولخدمة أجسادنا لتكون أجسادُنا، كما شاءها، "هيكلًا للروح القدس" وليست لحمًا ودمًا فحسب.
 
كيف لنا أن نحكم بصدقٍ على فعلٍ أنّه زنى؟ ببساطة كلّيّة، عندما نجعل من الجنس أداةً لأنانيّتنا وراحتِنا ومتعتِنا الذاتيّة نكون تحت وطأةِ خديعةِ فعلِ الزنى. أمّا عندما يكون الجنس أداة للقاء إنسانيّ محبّ، الآخَرُ فيه مهمّ وأساس بكلّ ما يحويه هذا الآخرَ من أمان وعاطفة  وفرح، فأنت تمجّد الله في جسدك وجسد شريكك لأنّك تكون حينها وإيّاه "جسدًا واحدًا":
 
▪ كلّ علاقة جنسيّة تُمارَس تحت ضغط الخوف من التزام الآخر والتخلّي عنه عند أوّل خيبة، هي زنى.
▪ في المقابل، كلّ علاقة جنسيّة ترتبط بالتزام نهائيّ وأبديّ للآخر، لا عودة عنه، هي تمجيد لله في جسدك.
 
▪ كلّ علاقة جنسيّة يشوبها هوى التملّك والسيطرة والقهر هي زنى.
 
▪ في المقابل، كلّ علاقة جنسيّة تحكمها الشراكة واحترام فرادة الشريك وكرامته، هي تمجيد لله في جسدك.
 
▪ كل علاقة جنسيّة همّها متعةٌ ذاتيّة دون متعة الشريك، بحجّة أنّ المتعة هي من الشيطان، هي زنى.
▪ في المقابل، كلّ علاقة جنسيّة تغمرها روح التضحية والبذل والمتعة المتبادلة، هي فرح ملكوتيّ وتمجيد لله في جسدك.
 
▪ كلّ علاقة جنسيّة لا تترك بين ثناياها مجالًا لحضور الربّ، من خلال عبادة مَرْضِيَّة له وتناولٍ لجسد الربّ ودمه، هي معرّضة لخطر الزنى.
 
هذه هي المعايير الإلهيّة الوحيدة التي يُميَّز على أساسها الزنى من عدمه. كلّ الالتزامات الكنسيّة والأسراريّة إنّما وُضعت لبلوغ هذه المعايير وهذه الأهداف ولضمانها. دونها تغدو كلّ ممارساتنا الكنسيّة زيفٌ ودجلٌ وفرّيسيّةٌ بغيضةٌ إلى قلب الله، بما فيها سرّ الزواج الكنسيّ.
 
لم يكن سرّ الزواج، يومًا، ولن يكون أبدًا إذنًا للزنى أو غطاءً شرعيًّا له. إن لم تحكم هذه المعايير العلاقة الزوجيّة، فكلّ علاقة جنسيّة في الزواج هي علاقة زنًى ولو حصلت تحت غطاء سرّ الزواج الكنسيّ. السرّ الكنسيّ لا يفعل فينا إلّا من خلال جهادنا لتحقيق هذه المعايير. فالسرّ، فعلًا، هو فُتْحةٌ لقوى الله تجاهنا لدعمنا في تحقيق ما لا يمكن للإنسان أن يحقّقه بمفرده. هذه القوى الأسراريّة لا تفعل فينا إن لم نحقّق، بجهادنا، هذا التآزر بين قوانا وقوى الله التقديسيّة.
 
كلّ علاقة تسودها هذه المعايير هي مباركة والله حاضر فيها، ولو لم تُحقَّق من خلال سرّ الزواج الكنسيّ. أقول هذا لا انتقاصًا من شأن هذا السرّ العظيم ولا دعوة لأبنائنا للتخلّي عنه- إذ هناك علامة استفهام كبرى حول زواج مؤمنين خارج سرّ الزواج- بل أقول هذا لأؤكّد حضور الله في كثير من الزيجات التي تتقيّد بهذه المعايير دون خضوعها لسرّ الزواج. وعلى عكس ذلك، كلّ علاقة لا تسودها هذه المعايير هي زنًى ولو تحقّقت تحت غطاء سرّ الزواج. ولو مارس الزوجان كلّ الأسرار الكنسيّة وغابت عنهما هذه المعايير، فهما كمن يتلهّى بالشكل دون الجوهر وبالوسيلة دون الغاية.