الأحد 12 شباط 2017

الأحد 12 شباط 2017

12 شباط 2017
 
الأحد 12 شباط 2017 
العدد 7
أحد الإبن الشاطر
 
اللّحن الأوّل الإيوثينا الأولى
 
* 12: ملاتيوس أسقف أنطاكية، * 13: الرَّسولان برسكيلا وأكيلا، البارّ مرتينيانوس، * 14: البارّ أفكسنديوس، البارّ مارون النَّاسك، * 15: أونيسيموس أحد الرُّسل السَّبعين، البارّ أفسابيوس، * 16: الشّهيد بمفيلس ورفقته، * 17: العظيم في الشّهداء ثاوذورس التِّيرونيّ، * 18: سبت الأموات، لاون بابا رومية، أغابيتوس السِّينائيّ. *
 
وِسْواسُ الخَطيئةِ
 
قالَ الرّبُّ إنَّ الشّيطانَ "هو الكذّاب وأبو الكَذِب". (يوحنّا 44:8) مِنْ هُنا، يَخدَعُ الشَّيْطانُ الإنسانَ إذ يُوهِمُهُ بأفكارِ السَّعادةِ بَعيدًا عن الله. هذا ما حصلَ مع آدمَ وحوّاءَ لمّا وَسْوَسَ لَهُما الشّرّيرُ فِكرًا في قلبَيْهِما بأنّهما، متى أكلا من ثمرةِ شَجرةِ معرفة الخير والشّرّ، يقتَنيان سعادةَ كونِهما آلِهةَ دونَ الإله. وَسْوَسَ الشّرّيرُ هذا الفكر للإنسانِ فرأى الإنسانُ أنّ الثّمرة المَمنوعة جميلة المنظر ولذيذة الطّعم. وسقط الإنسانُ في دوّامةِ المَرارَة والبَشاعَة الكَيانيّة لأنّه انغلق على ذاتهِ دونَ الله.
 
لا سلطان للشّرّيرِ على الإنسانِ ما لم يستسلم هذا الأخير لِوَسْوَسَاتِ الخَصْمِ ضِدَّ الله. إبليس يُوهِمُنا بأنّ الحقَّ باطل والباطل حقّ. نحن نتجاوب معه لأنّنا لا نحبّ الله أكثر من حبّنا لذواتنا. يُريدُ الشّرّيرُ أن يجعلَ الله غَرِيبًا بين أبنائِهِ لأنّه قد غَرَّبَ الله عنهُ لمّا شاءَ أن يكونَ فوق الخالق. لذلك، ينقلُ إلينا المُعانِد خبرة سقوطه في كذبة التّألّه دون الله. يريدُ أن يجعل الله بالنّسبة لنا عدوًّا. وينجحُ في مأربِه إذا خَضَعْنا لأهوائِنا واعتبرْنا أنّ اللهَ لا يُريدُنا أن نحيا بحرّيّةٍ ويمنعُنا عن كلِّ ما يمنحُنا السّعادةَ. عدوُّ اللهِ يُريدُ أن يُقنعَنا بأنَّ كلَّ ما في الحياةِ هو "شهوةُ الجَسدِ وشهوةُ العيونِ وتَعَظُّمُ المَعيشةِ"، أي، بكلمةٍ أخرى، بمحبّةِ هذا العالمَ الفاني. من هنا، يُدخِل إلى قلوبِنا فكرةَ أنّ الله ظالمٌ لأنّه وهبنا هذا الكون ومَنَعَنا عَنه في آنٍ. لذلك نرى إنسانَ هذا الزّمان، وكلّ زمن، يطلب التّحرّر أو الحرّيّة؛ إنّه، بالحقيقة، يطلب التّفلّت من الضّميرِ أي صوت الله في كَيانِنا.
 
عالَمُ اليومِ صارَ أسيرًا لفكرِ الشّرّيرِ وخدعةِ الحرّيّةِ، أو، بالأحرى، وَهمِ الحريّة، إذ أدْخَلَ هذا الثّعبان سُمَّهُ لتدميرِ الإنسانيّةِ عبر ادّعاءِ التّطوّر الإنسانيّ من خِلال حرّيّة اللّاحُدود.
 
البشريّةُ، اليوم، دخلتْ في دوّامةِ الموت عَبرَ وِسْوَاسِ الحياة المُرَفّهة الّتي صارَ كلُّ إنسانٍ يَطلبُها، أَكانَ فقيرًا أو غنيًّا، أَكانَ عامِلًا أو عاطِلًا عن العمل...
 
لا خَلاصَ دونَ الرّجوعِ إلى الحقِّ، إلى اللهِ، إلى "الإنسان". للأسف لا يَعودُ الإنسان إلى الله ما لم يَدْفَعْ ثمنَ انجرارِه وراءَ وَسْوَسَاتِ الشّرّيرِ الكاذبة.
 
فهَل من سامعٍ لِنداءِ الرّبّ: "تعالَوْا إِلَيَّ أيُّها المُتعَبون والثّقيلو الأحْمَال وأنا أُرِيحُكُم. إِحملوا نِيْرِي عليكم فإنّ نِيْرِي لَيّنٌ وحِمْلِي خَفيف... فَتَجدوا راحَةً لقلوبِكُم" (متّى 11: 28-30).
 
"ومَنْ لَهُ أذنان للسّمع فَلْيَسمَع"
 
+ أنطونيوس 
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
 
 
طروباريّة القيامة باللّحن الأوّل
 
إنّ الحجر لمّا خُتم من اليهود، وجسدَك الطاهر حُفِظَ من الجند، قُمتَ في اليوم الثالث أيّها المخلِّص، مانحاً العالَمَ الحياة. لذلك، قوّات السماوات هتفوا اليك يا واهبَ الحياة: المجدُ لقيامتك أيّها المسيح، ألمجدُ لملكك، المجدُ لتدبيرك يا محبَّ البشرِ وحدَك. 
 
قنداق أحد الإبن الشاطر باللّحن الثالث
 
لمّا هجرتُ مجدَك الأبويَّ عن جهل وغباوة، بدَّدتُ في الشّرور الغنى الذي أعطيتَني أيُّها الأب الرَّؤوف. لذلك أَصرخُ إليك بصوت الإبن الشاطر هاتفاً: خطئتُ أمامَك فاقَبلني تائباً، واجعلني كأحد أُجَرائك.
 
الرِّسالة
1 كور 6: 12-20
 
لتكُن يا ربُّ رَحْمتُكَ علينا
ابتهجوا أيُّها الصدّيقون بالربّ 
 
يا إخوة، كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن ليس كلُّ شيءٍ يوافق. كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن لا يتسلَّطُ عليَّ شيءٌ. إنَّ الأطعمة للجوفِ والجوفَ للأطعمة وسيُبيدُ الله هذا وتلك. أمَّا الجسدُ فليسَ للزِّنى بل للرَّبِّ والرَّبُّ للجسد. واللهُ قد أقام الرّبَّ وسيُقيمنا نحن أيضاً بقوَّته. أما تعلمون أنَّ أجسادَكم هي أعضاءُ المسيح؟ أفآخذُ أعضاءَ المسيح وأجعلُها أعضاءَ زانيةٍ؟ حاشا. أما تعلمون أنَّ من اقترنَ بزانية يصيرُ معها جسداً واحداً، لأنَّه قد قيلَ: يصيران كلاهما جسداً واحداً. أمَّا الذي يقترنُ بالرَّبِّ فيكون معه روحًا واحداً. اُهربوا من الزِّنى. فإنَّ كلَّ خطيئةٍ يفعلها الإنسانُ هي في خارج الجسد، أمَّا الزَّاني فإنه يخطئُ إلى جسدِه. ألستم تعلمون أنَّ أجسادَكم هي هيكلُ الرُّوح القدس الذي فيكم، الذي نلتموه من الله، وانَّكم لستم لأنفسكم لأنَّكم قد اشتُريتم بثمن؟ فمجِّدوا الله في أجسادِكم وفي أرواحِكم التي هي لِلَّه.
 
 
الإنجيل
لو 15: 11-32
 
قال الربُّ هذا المثل: إِنسانٌ كان له ابنان. فقال أصغرُهما لأبيه: يا أبتِ، أَعطني النَّصيبَ الذي يخصُّني من المال. فقسم بينهما معيشته. وبعد أيَّام غيرِ كثيرةٍ جمعَ الاِبنُ الأصغرُ كلَّ شيءٍ لهُ وسافر إلى بلدٍ بعيدٍ وبذَّر مالَه هناك عائشاً في الخلاعة. فلمَّا أنفقَ كلَّ شيءٍ، حدثت في تلك البلدِ مجاعةٌ شديدة، فأخذَ في العَوَز. فذهب وانضوى إلى واحدٍ من أهل ذلك البلد فأرسله إلى حقوله يرعى خنازير. وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازيرُ تأكله فلم يعطهِ أحد. فرجَع إلى نفسه وقال: كم لأبي من أُجراءَ يفضُلُ عنهم الخبزُ وأنا أهلِك جوعًا! أقوم وأمضي إلى أبي وأقول له: يا أبتِ، قد أخطأتُ إلى السَّماء وإليك، ولستُ مُستحقًّا بعدُ أن أُدعى لك ابناً، فاجعلني كأحد أُجَرائك. فقام وجاء إلى أبيه. وفيما هو بعدُ غيرُ بعيد، رآه أبوه فتحنَّن عليه وأسرع وألقى بنفسه على عُنقه وقبَّله. فقال له الاِبنُ: يا أبتِ قد أخطأتُ إلى السَّماء وأمامك ولستُ مُستحقًّا بعد أن أُدعى لك ابناً. فقال الأبُ لعبيده: هاتُوا الحُلَّة الأولى وأَلبِسوه، واجعلوا خاتَماً في يده وحذاءً في رجليه، وأْتُوا بالعجل المُسمَّن واذبحوه فنأكلَ ونفرحَ، لأنَّ ابني هذا كان مَيْتاً فعاش، وكان ضالًّا فوُجد. فطفقوا يفرحون. وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلمّا أتى وقرُب من البيت سمع أصوات الغناء والرقص. فدعا أحدَ الغلمان وسأله: ما هذا؟ فقال له: قد قدم أخوك فذبح أبوك العجل المسمّن لأنّه لقيَه سالماً. فغضب ولم يُرِدْ أن يدخل. فخرج أبوه وطَفِقَ يتوسّل إليه. فأجاب وقال لأبيه: كم لي من السنينَ أخدمك ولم أتعدَّ لك وصيَّة فلم تعطني قطُّ جَدْياً لأفرح مع أصدقائي. ولمّا جاء ابنك، هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني، ذبحت له العجل المسمّن. فقال له: يا ابني، أنت معي في كلِّ حين، وكلُّ ما هو لي فهو لك. ولكن كان ينبغي أن نفرحَ ونُسَرَّ لأنَّ أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالًّا فوُجِد.
 
 
في الإنجيل 
 
يقول القدّيس كبريانوس: "خارج الكنيسة لا يوجد خلاص" الخلاص الذي فتّش عنه الأنبياء وبحثوا، الأنبياءُ الذين تنبّأوا بالنعمة التي لأجلنا. الكنيسة هي مستشفًى روحيّ، فلا يستطيع الإنسان أن يخلص من أدران الخطيئة إلّا بيسوع المسيح. يسوع هو المخلّص، هو الذي حرّر البشريّة من عبوديّة الخطيئة القتّالة. الخطيئة تقسم الإنسان على ذاته وتضيّع له هدفه.. المسيح يوحّد الإنسان بذاته ويضعه على طريق البرّ.
 
أمامنا، في إنجيل اليوم، إنسان ترك البيت الأبويّ وسافر. هذا الإنسان يرمز إلى الإنسانية المتمرّغة بأفعال الشرّ، والبيت الأبويّ يرمز إلى السفينة الروحيّة التي ربّانها المسيح. كثيراً ما يُحارَب الإنسان من شهواته؛ "الشهوة، إذا حبلت، تلد خطيئة، والخطيئة، إذا كملت، تنتج موتاً".
 
هو لا يريد أن يتّحد بالمسيح، بالرغم من أنّ ربّنا يحبّ الخاطئ التائب. الإنسان في هذا الإنجيل هو الإبن الضالّ الذي يفتّش عنه المسيح، ويفرح بعودته "لأنّ السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارّاً لا يحتاجون إلى توبة.
 
الإبن الضالّ أخذ ماله من الميراث الأبويّ، وسافر. الخطيئة تجرّك إلى رحابها لتدخلك في ظلمة الأهواء المقيتة.
 
الفضيلة ترفع مُقامك بين الجماعة الأفخارستيّة المتّحدة بجسد المسيح ودمه لتضعك على المنارة! لأنّ البارّ يضيء سراجه ويضعه "على المنارة ليُضيءَ لجميع الذين في البيت".
 
بتعبير آخر، الإبن الضالّ ترك العظة الأبويّة وأحبّ العالم وشهوته؛ لم يدرك أنّ "محبّته العالم عداوة لله". ولم يختبر أنّ كلّ ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون، وتعظّم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. الخطيئة تشعرك أنّك إنسان ضعيف. هذا ما كان عليه الاِبن الأصغر عندما وقع في المعصية. أحسّ بفقره وحقارته. ينفخ فيك الشيطان روح الكبرياء لكي تتشامخ نفسك وتكسر الوصيّة. لكنّ الاِبن الشاطر قال في نفسه: "أعود إلى أبي وأقول له يا أبي إنّي أخطأت إلى السماء وقدّامك، ولست مستحقّاً بعدُ أن أُدعى لك ابناً، إجعلني كأحد أجرائك". الأجير هو العبد، أمّا المؤمن فقد أصبح ابناً للآب: "لم أعد بعدُ أدعوكم عبيدًا، بل أبناء". يطلب الاِبن الشاطر العودة إلى حضن أبيه، إلى الكنيسة، إلى الحالة الأولى... لكنّ العودة إلى الكنيسة تتطلّب عِفّةَ المؤمن عن الخطيئة التي تفسد الكيان كلّه. العودة تعني التوبة أي تغيير المسلك، تغيير الذهن بحسب فكر الآباء.
 
أنت في توبة مستمرّة لتعاين وجه الله، لأنّه لا يراه إلّا التائبون. "فالتوبة ضروريّة لكلّ من يرغب في الخلاص" القدّيس إسحق السريانيّ. يعود إلى أبيه ويعترف أمامه بأنّه خطئ ويطلب الغفران... يركض الآب إليه لأنّه كلّه محبّة. "الله محبّة" ويعيد إليه اعتباراته: "الحلّة الأولى- الخاتم- الحذاء- العجل المسمّن" ويضمّه، من جديد، إلى الكنيسة.
 
مسيرتنا مع الربّ يسوع مسيرة تنقية واستنارة، فلا نعود إلى الخطيئة لكي لا نذوق الموت. فالمطلوب هو الثبات على عطيّة الله مع الشكران والتحرّك نحوه بصلاة حارّة قائلين: "أللّهمّ ارحمني أنا الواقع".
 
 
وهب الأعضاء
إنّ التبرّع بالأعضاء هو الشيء الذي يسمح به الشخص إذ يوصي بنقل أعضائه وأنسجته البشريّة إلى شخص آخر، إمّا بعد موته أو وهو بعدُ حيّ يرزق. وتشمل عمليّات الزرع الأعضاء التالية: الكلى، القلب، الكبد، البنكرياس، الرئتين، النخاع الشوكيّ، الجلد والقرنيات.
 
وحتّى 1 آب 2016 هناك 120.004 أشخاص في الولايات المتّحدة ينتظرون عمليّات زرع الأعضاء لإنقاذ الحياة، ومنهم حوالى 96.645 شخصًا ينتظرون عمليّة زرع الكلى.
 
إنّ رونالد لي هيريك هو أوّل من وهب عضواً من أعضائه، فقد وهب كليته إلى أخيه التوأم قبل مماته في العام 1954.
 
وقد فاز الجرّاح جوزيف موراي بجائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطبّ في عام 2010 لتحقيقه التقدّم فى زراعة الأعضاء.
 
إنّ أصغر واهب أعضاء هو طفل مولود فى عام 2015، عاش 100 دقيقة فقط وتبرّع بكليتيه إلى أشخاص مصابين بفشل الكلى. أمّا أكبر واهب للأعضاء فهو كهلة عمرها 107 سنوات تبرّعت بقرنيّتيها بعد وفاتها.
 
إنّ وهب الأعضاء هو عمل إنسانيّ ويمكن أن يخلّص العديد من الناس من الموت والمعاناة. إنّ محبّة الآخر هي من القواعد الأساسيّة التي تؤسّس لإيماننا المسيحيّ وتلخّصه، ولذلك يجب علينا أن نترجم هذا الحبّ بمساعدتنا على تخفيف آلام الآخرين الذين يعانون، إن أمكننا ذلك. هذا الآخر قد يكون فرداً من العائلة أو حتّى غريبًا عنّا ولكنّه يظلّ أخًا لنا في الإنسانيّة ويجب علينا مساعدته.
 
لفعل هذا يمكننا، قبل وفاتنا، أن نصرّح للأطبّاء والأشخاص المعنيّين عن رغبتنا في المساعدة. وبذلك نكون قد ترجمنا حبّنا لأخينا الإنسان علّنا نصيب حظوة في عينيِ الله الآب. آمين.
 
أخبــارنــا
مطرانيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس
تتشرَّف الجمعيّة الثقافيَّة الروميَّة، في إطار برنامج ندواتِها التثقيفيّة في شمال لبنان، بدعوتكم لسماع محاضرة بعنوان: الرّوم من سنة 1453 إلى العصر الحديث
 
الجزء الثاني: الظواهر والمُعضِلات الغربيّة
ينظِّم المحاضرة ويلقيها البروفسور نجيب جهشان ويقدِّم لها الدكتور نقولا الجّلاد 
الزمان: الأحد 19 شباط 2017 الساعة الخامسة والنصف مساءً 
المكان: قاعة المحاضرات في دار المطرانيّة.
يلي اللقاء ضيافة.
الموقف مؤمّن.