الأحد 11 أيلول 2016
العدد 37
الأحد قبل رفع الصَّليب
اللَّحن الثالث الإيوثينا الأولى
* 11: البارَّة ثاوذورة الإسكندريّة، آفروسينوس الطبَّاخ، * 12: وداع ميلاد السيّدة، الشّهيد في الكهنة أفطونومس،* 13: تقدمة عيد الصَّليب، الشَّهيد كورنيليوس قائد المائة ورفقته، تجديد هيكل القيامة. * 14: عيد رفع الصَّليب الكريم المحيي (صوم). * 15: الشَّهيد نيقيطا، سمعان التِّسَالُونِيكِيّ. * 16: العظيمة في الشَّهيدات آفيميَّة، مرتينوس أسقف رومية. * 17: الشَّهيدات صوفيَّا وبناتها بيستي وإلبيذي وأغابي.
في الـصَّـلـيـب
يهرب النّاس من الصّليب في حياتهم، ظنًّا منهم أنّه ألمٌ غاشم. ليس كلّ وجع صليبًا. يُخطِئ النّاس لأنّهم يفكّرون هكذا. لا صليب خارج العلاقة مع المسيح، لأنّه هو القائل: "من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه كلّ يوم ويتبعني" (لو 9: 23).
الصّليب يأتي من الكفر بالأنا، أي من سعي الإنسان للعودة إلى عبادة الله بدل عبادة ذاته. الانسلاخ عن محبّة الذات هو الألم الأكبر، كلّ الآلام الأُخرى سهلة بالمقارنة معه.
السؤال العمليّ هو كيف يعبد الإنسان ذاته؟
ربّما، معظم النّاس لا يرون هذا الأمر فيهم. لكنّ المسالة بسيطة، إذ إنّ كلّ عمل يسعى الإنسان من خلاله إلى إثبات ذاته خارج الله هو عبادة للذّات، وهذا هو ما يؤدّي إلى تصارع البشر فيما بينهم لأنّهم لا يستطيعون أن يقبلوا بعضهم البعض، بل كلّ واحد يريد أن يسيطر على الآخَر في الفكر أو في القول أو في الفعل.
طالما الآخَر يشكّل تهديدًا لوجودي فأنا أسير هوى الأنا. عندما يصير الآخَر حياتي وفرحي أكون قد صرت عبدًا لله إذ قد تحرّرتُ من الأنا.
أتستطيع أن تحبّ الآخَر، أن تقبَله، أن تسامِحَه، أن لا تدينه، أن تبرّر له سقطاته، أن تفرح بالبذل لأجله، أن تنكسر لتربحه، أن تشاركه
أوجاعه، أن ترى نقائصك الّتي توجعه وتسعى بنعمة الله لتتغيّر لأجله؟...
الأجوبة الشّفّافة عن كلّ هذه الأسئلة، وأكثر، هي مرآتك الصّادقة الّتي تقول لك إن كنت تعبد ذاتك أم الله. من هنا، الصّليب الحقّ هو طريق التّوبة، والقيامةُ الحقّ تأتيك بهذا الصّليب وفيه، لأنّك، إذا اخترت صليبك في الحقّ، صار هو طريق خلاصك.
ومن له أذنان للسَّمْع فليسمع.
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّالِث
لِتَفْرَحِ السَّمَاوِيَّات، وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضِيَّات، لِأَنَّ الرَّبَّ صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وَوَطِئَ الْمَوْتَ بالْمَوْتِ، وَصَارَ بِكْرَ الأَمْوَات، وَأَنْقَذَنَا مِنْ جَوْفِ الْجَحِيمِ، وَمَنَحَ العَالَمَ الرَّحْمَةَ العُظْمَى.
طروباريَّة ميلاد السَّيِّدة باللَّحن الرَّّابِع
ميلادكِ يا والدة الإله بشَّر بالفرحِ كلَّ المسكونة، لأنهُ منكِ أشرق شمسُ العدل المسيحُ إلهنا، فحلَّ اللعنةَ، ووهب البركة، وأبطل الموت، ومنحنا حياةً أبديّة.
قنداق ميلاد السيّدة باللحن الرّابع
إنّ يواكيم وحنَّة قد أُطلقا من عار العقر، وآدمَ وحوَّاءَ قد أُعتقا من فساد الموت، بمولدكِ المقدَّس أيّتها الطاهرة. فله أيضاً يعيّد شعبكِ، إذ قد تَخلَّص من وْصمة الزلاَّت، صارخاً نحوكِ: العاقر تلدُ والدةَ الإلهِ المغذِّيةَ حياتَنا.
الرِّسالَة
غلا 6: 11-18
خلّص يا ربُّ شعبَك وبارك ميراثَك
إليكَ يا ربُّ أصرخ: إلهي
يا إخوةُ، انْظُرُوا ما أعظمَ الكتاباتِ الَّتي كتبتُها إليكم بيدِي. إنَّ كُلَّ الَّذينَ يُريدونَ أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلْزِمُونَكُم أنْ تَخْتَتِنُوا، وإنَّما ذلكَ لئلَّا يُضْطَهَدُوا من أجلِ صليبِ المسيح. لأنَّ الَّذينَ يَخْتَتِنُونَ هُم أَنْفُسُهُم لا يَحْفَظُونَ النَّاموسَ بل إنَّما يُريدونَ أنْ تَخْتَتِنُوا ليَفْتَخِرُوا بأجسادِكُم. أمَّا أنا فحاشا لي أنْ أَفْتَخِرَ إلَّا بصليبِ ربِّنَا يسوعَ المسيحِ الَّذي بِهِ صُلِبَ العَالَمُ لي وأَنَا صُلِبْتُ للعالَم. لأنَّهُ في المسيحِ يسوعَ ليسَ الخِتَانُ بشيءٍ ولا القَلَفُ بَلِ الخليقَةُ الجديدَة. وكلُّ الَّذين يَسْلُكُونَ بحَسبِ هذا القانونِ فَعَلَيْهِم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلِ الله. فلا يَجْلِبْ عليَّ أحدٌ أَتْعَابًا فيما بَعْدُ، فَإِنِّي حَامِلٌ في جسدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يسوع. نعمةُ ربِّنَا يسوعَ المسيحِ مع روحِكُم أيُّها الإخوة. آمين.
الإنجيل
يو 3: 13-17
قال الربُّ: لم يصعد أحدٌ إلى السماءِ إلاّ الذي نزَلَ من السماءِ ابنُ البشر الذي هو في السماءِ. وكما رفع موسى الحيَّة في البرّيَّة، هكذا ينبغي أن يُرفّعَ ابنُ البشر لكي لا يهلِكَ كلُّ مَن يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياة الأبديَّة. فإنَّهُ لم يُرسِلِ الله ابنَهُ الوحيدَ إلى العالم ليَدينَ العالم بل ليُخلِّصَ بهِ العالم.
في الإنجيل
قبل أيّام قليلة من عيد رفع الصليب الكريم، يؤكّد إنجيل اليوم ضرورةَ الولادة الجديدة وهي بالروح القدس. إنّها الولادة من فوق، من هبوب الروح الإلهيّ فينا الذي ينقلنا من مرتبة الجسدّيات إلى سكنانا في العهد الجديد، بحيث نصعد إلى السماء وفق ما يتحدّث عنه فصل الإنجيل اليوم.
"لم يصعد أحد إلى السماء إلّا الذي نزل من السماء أبن البشر الذي هو في السماء". يُقصد بالسماء مقرّ الله حيث لا يوجد سواه. وكلّ شيء آخر، بما في ذلك الملائكة والأرواح، هو من الخليقة. ولا يوجد إلا إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس وهو يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجل الجميع.
"لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة. أي كلُّ من يؤمن بأنّ يسوع المصلوب هو المخلّص. وهذه الآية تلخِّص الهدف الذي وضعه الله، والفداءُ مسخَّر لتحقيق هذا الهدف. وقد أحبّ الله العالم بهذا المقدار الفائق حتّى تحتّم أن يُرفع ابن البشر. الرفع على الصليب هو نتيجة محبّة الله لهذا العالم، وما من سبب للفداء سوى أنّ الله أحبّ، الله اندفع من ذاته، ولذلك أتى الفداء مبادرة إلهيّة محضة، والمحبّة وحدها أصبحت لغة الله تجاه العالم. وبذلُ اللهِ لابنه الوحيد هو أسمى مستويات الحبّ. والهدف هو الحياة الأبديّة، ونيلها مرتبط بالإيمان بالمصلوب، لأنّ عدم الإيمان يجلب الدينونة.
وهنا نتساءل: ما دور المؤمن الحقيقيّ والعيد آت؟ وماذا يحصل بعد ذلك؟ الذي غُفرت ذنوبه ويتناول الأسرار المقدّسة، هل يعود يسقط في خطايا كثيرة؟ طبعاً هذا يستحقّ عقاباً أشدّ، لأنّ العقاب لا يساوي السقطة بل يكون أشدّ لأنّنا قد تدرّبنا، قد تجدّدنا ونحن نسقط من جديد! ومع كلّ ذلك فتحت للإنسان الساقط أبواب واسعة للتوبة وأعطيت له طرق كثيرة ليغسل خطاياه إن أراد لذلك سبيلاً.
فلننظر، أيّها الأحبَّة، كم هي كثيرة البراهين عن محبّة الله، لأنّه يغفر عن طريق النعمة وبعدها لا يعاقب الخاطئ المستحقّ العقاب بل يعطيه فرصة للتوبة. ولذلك كان من المنتظر أن يطلب جواباً عن كلّ ذلك. ولم يطلب ولم يحاكم ولم يَدِن بسبب محبّته للبشر. بل هو يسامح إلى حدّ معين. فلو دان لما بقي أحد حيًّا "لأنّ الكلّ أخطأوا وأعوزهم مجد الربّ" (رومية 3: 23).
فهل رأينا كم هي محبّته لنا كبيرة؟
فلنبادل المصلوب المحبّة بالمحبّة، ولنسلِّمه ذواتنا، كما أسلم نفسه للآب، ولنصلب خطايانا على خشبة الخلاص، لنصل إلى أفراح القيامة المجيدة. لأنّه بالصليب وحده قد أتى الفرح لكلّ العالم. ومن لم يشاركِ الربّ في صلبه يحرمْ نفسه من التلذُّذ بتذوّق حلاوة مشاركة القائم من بين الأموات عذوبةَ القيامة.
ألا أعطنا يا ربُّ فرح قيامتك. آمين.
تأمّلات في الموت
لسنا هنا بصدد دراسة فلسفيّة حول الموت وتحليل عقلانيّ لأسبابه وما ورائيّاته، لكنّنا سنورد خواطر بسيطة حول هذا الحدث اليوميّ الذي نلقاه جميعنا، وهو الحقيقة الأكيدة التي لا مفرّ منها لأيّ كائن ورد على هذه الحياة، وقد أتت على لسان العامّة بقولهم: (كاس على كلّ الناس).
لكن، بالرغم من تأكيد هذه الحقيقة وحتميّتها، ما تزال ترسم علامة استفهام كبيرة، واستنكارًا في كثير من الأحيان، يعبِّر عنه البشر ويتساءلون: لماذا؟ ولماذا الآن؟ وما يزال صغيرًا! وما بيستاهل!!!
هذه الحقيقة تأخذ صورًا متعدّدة ومختلفة، إلّا أنّها، بالنهاية، تعني شيئًا واحدًا. نقطة تعلن نهاية فقرة وبدء سطر جديد، في مكان آخر مختلف كلّيًّا عن هذه الدنيا. هو انتقال من حال إلى حال أخرى ومن مكان إلى مكان آخر.
في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل يوحنّا نقرأ الآيات التالية:
"لا تضطربْ قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله فآمِنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة. وإلّا فإنّي كنت قد قلت لكم: أنا أمضي لأُعدَّ لكم مكانًا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليَّ حتّى حيث أكون أنا تكونوا أنتم أيضًا. أنتم تعلمون إلى أين أذهب أنا وتعلمون الطريق." (يو 14 : 1-4).
يقول لنا الربّ، بدءًا، لا تضطرب قلوبكم. هو يدعونا إلى عدم الاضطراب أي إلى الاطمئنان الذي ينشأ من الإيمان بالله. فقط الذين لا رجاء لهم لا يجدون تعزية (1 تس:4- 13). لا شكَّ في أنّ الحزن شعور إنسانيّ طبيعيّ، إلّا أنّ حزن المسيحيّ يرافقه الرجاء بوعد المخلّص بأنّه سيأخذنا إليه، هناك حيث "لا حزن ولا وجع ولا تنهّد" (خدمة الجنّاز).
في المسيح يأخذ الموت صورة أخرى، لونًا آخر مضيئًا مفعمًا بالرجاء، لماذا؟ لأنّه رقاد جسديّ وهو تلبية لدعوة الربّ يسوع للانضمام إليه حيث الحياة الأبديّة والفرح اللذان لا نهاية لهما، ومعاينة مجده القدّوس، وصحبة القدّيسين والأبرار.
بالإيمان يصير الرقاد الجسديّ مصدرًا للفرح لأنّه تَخفُّف من الأعباء الدنيويّة وتحرُّر من الهموم العالميّة، وانطلاق نحو الأبديّ والدائم. من يحزن إذا دُعي للانتقال من مكان إقامته إلى مكان آخر أكثر سعادة وغبطة؟ أليس هذا السعي الدائم للإنسان لتحسين ظروفه وإدراك ما هو أفضل وأجمل؟ وها هو ربّنا يدعونا إلى الأفضل والأجمل والأبقى، فلمَ الاستنكار والرفض؟
آباء كثر في الكنيسة، منهم يوحنّا الذهبيّ الفم، تناولوا موضوع الموت من خلال خبرتهم الروحيّة واستنارتهم بالإيمان بوعود الربّ يسوع المسيح الصادقة بأنّ هذا الانتقال سيكون للأفضل؛ فلنعدْ إلى كتاباتهم لكي نجد إجابات صحيحة عن تساؤلاتنا حول الموت الذي يرسمه لنا العالم بخطوط قاتمة تدفع إلى اليأس والشكّ بعدالة الله فتجدنا مسوقين وراء طقوس وتصرّفات دنيويّة وضعها العالم وهي بعيدة جدًّا عن الإيمان بالله.
في الماضي كان المسيحيّون يلبسون ثيابًا بيضاء عندما يموت أحدهم، لذلك كانوا يسمّونهم "لابسي الأبيض" لأنّهم كانوا يعتبرون الموت معبرًا للقيامة، تمامًا كما كان موت المسيح على الصليب مقدّمة لقيامته.
وحتّى في هذه الأيّام ما زال بعض المسيحيّين لا يأبهون لأقاويل الناس ويحرصون على ارتداء اللون الأبيض في المآتم. صحيح أنّ اللون الأبيض مظهر خارجيّ ولكنّه يعبّر عن الإيمان الحقيقيّ بأنّ الموت عبور إلى الحياة.
أمّا لماذا يجهل الإنسان ساعة موته؟ فالجواب بسيط جدًّا: لأنّ الله، بمحبّته لنا، أراد أن يجعلنا مستعدّين لهذه اللحظة ومتأهّبين لها دائما. وهكذا نبتعد عن الخطأ والشرور ونسلك درب الطهارة والسيرة الحسنة.
إذا ما نظرنا إلى الأمور بعين الحقيقة، التي تعلنها لنا الكنيسة من خلال تعاليمها، التي تستمدّها من رأسها ومؤسّسها الربّ يسوع المسيح، ستتغيّر مفاهيم كثيرة في حياتنا وسنقبل ما يأتي علينا بإيمان وفرح ورجاء.
المسيح قام
أخبارنا
عيد رفع الصّليب في رعيّة القرين
برعاية صاحب السيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الإحترام، تحتفل رعيّة القرين بعيد رفع الصليب الكريم، وذلك بإقامة صلاة غروب العيد مساء الثلاثاء الواقع فيه 13 ايلول 2016 عند الساعة الخامسة. في اليوم التالي الأربعاء الواقع فيه 14 أيلول 2016، تقام خدمة سحريّة العيد وقدّاسه. تبدأ السحريّة عند الساعة الثامنة والنصف صباحاً.
المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ - العام الدّراسيّ ٢٠١٦-٢٠١٧
يُعلن المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ فتح باب التسجيل لفصل الخريف ٢٠١٦.
* آباء الكنيسة "القرون ٩-١٤" مع قدس الأرشمندريت كسيانوس العيناتي من الثلاثاء ٢٧ أيلول 2016 حتّى ٢٩ تشرين الثّاني ٢٠١٦.
* الكتاب المقدّس "أمثال الرّب يسوع في الأناجيل الإزائيّة" مع قدس الأب ميخائيل الدّبس – ابتداءً من الخميس ٢٩ أيلول 2016 حتّى الخميس ١ كانون الأوّل ٢٠١٦.
مُلاحظة: تُقبل طلبات التسجيل للتلامذة الجدد والقُدامى في مبنى المركز الملاصق للمطرانيّة، كلَّ يوم من الإثنين حتى الجمعة، ابتداءً من الإثنين 12 أيلول ٢٠١٦، من السادسة مساءً حتّى الثامنة. لا تُقبل الطلبات خارج هذه الأوقات المحدّدة أعلاه، وشكراً.