الأحد17 أيَّار 2015

الأحد17 أيَّار 2015

17 أيار 2015
 
الأحد17 أيَّار 2015         
العدد 20
أحد الأعمى
اللَّحن الخامِس   الإيوثينا الثَّامِنَة
 
* 17: أحد الأعمى، الرَّسولان أندرونيكوس ويونياس. * 18: الشُّهداء بطرس ورفقتهم، القدِّيسة كلافذيَّة. * 19: الشَّهيد باتريكيوس أسقف برصة. * 20: وداع الفصح، الشُّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدِّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأُرجُوَان. * 21: خميس الصُّعود الإلهيّ، قسطنطين وهيلانة المعادِلا الرُّسل. 22: الشَّهيد باسيليوس. 23: ميخائيل المعترف، مريم لكلاوبا حاملة الطِّيب، سُوسَنَّا، الشَّهيدة ماركياني.
 
 
"ما دُمْتُ في العَالَمِ فأَنَا نُورُ العَالَمِ”
 
تعطي هذه الجملةُ المدخلَ إلى فَهْمِ ما فعلَهُ الرّبّ يسوع مع الأعمى ومستتبعاته. قالها الرّبّ يسوع وثبَّتَها بالفعل عندما فتح عينيّ المولود أعمَى. فإنَّه، كعادته، يتوجَّهُ إلى سامِعِيه برسالةِ الخلاصِ ويصنَعُ آيةً تُقْنِعُهُم بحقيقةِ كلامِه. إنَّه نورُ العالم، والدَّليل على حقيقة ذلك هو أنّه يعطي النُّور لمُقْلَتَيْنِ لم تعرفاه منذ الولادة. متى عايَنْتَ قدرةَ الله في خليقته لا تَدَعِ الشَّكَّ يدخُلُ قلبَك حول قدرتِه على فعل ما لا تراه أنت ولا تفهمه بقدراتك البشريّة.
 
ويجدُرُ بنا التَّوقُّف، قليلًا، عند تفصيل ما صنعه الرّبّ يسوع للأعمى. في يوم السّبت، الّذي هو يوم راحة الرّبّ من كلّ أعماله، جبل الله الكلمة طينًا من تراب الأرض، كما فعل حين خلق الإنسان من تراب الأرض. فرمَّمَ عينَي الأعمى وأعاد النُّور إليهما. وبهذا، يؤكّد الرّبّ، مرّة أخرى، على أنّه لا يزال يرعى خليقته، ولم يتوقّف عمله الخلَّاق في العالم.
 
ولكن، مَنْ ظنّ أنّ الله استقال من مهمّاته ووكّله هو على خليقته امْتَعَضَ ممّا فعله المسيح، وراح يستجوِبُ الأعمى الّذي أبصرَ، لعلَّه يأخذ منه شهادةً تَدِينُ الرّبّ يسوع. وبَدَأَتْ محاكمة، توسَّعَ الإنجيليّ يوحنّا في سرد بعض تفاصيلها. قالوا للأعمى: "نحن نعلم أنّ هذا الإنسان خاطئ". أجابهم: "لقد كنت أعمى والآن أُبْصِر"، وأبْدَى استغرابَه كيف لا يعرِفُونَ، هم القادة الدّينيّون، حقيقته وقد فتح عَيْنَيْه. وفي تفاصيل السِّجال، تَظْهَرُ علاقةٌ بين الخطيئة والعمى. من ناحية أولى، من الثَّابِت أنّه لا يقدر إنسان خاطئ أن يعيد البصر إلى الأعمى. ومن ناحية أخرى، لم يؤمن الفرّيسيّون بما صنعه الرّبّ يسوع للأعمى، بالرّغم من كلّ البراهين الَّتي عُرِضَتْ أمامهم. لا بل أَخَذُوا يُعَيِّرُونَ الأعمى، الَّذي أبصَرَ، بأنّه مجبول بالخطيئة منذ مولده، بينما هم أصحَّاء البصيرة وأبرار تجاه ناموس موسى.
 
ولمّا تعبوا وتركوا الشَّابَّ المُعَافَى يذهب، وجدَهُ الرّبّ يسوع وسأله إن كان يؤمن بابن الله، فأعلَنَ الشَّابُّ إيمانَه وسجد لسيّد الخليقة الواقِف أمامه. هنا تمّ شفاء الشّابّ للمرّة الثّانية، إذ انْفَتَحَتِ الآنَ عينَاهُ الرُّوحيَّتان. أتى الرّبّ يسوع لكي يبصر العميان، عميان البصيرة الرّوحيّة أوَّلًا، ومن شاء برهانًا ملموسًا على ذلك سيجد ما يكفي أمامه. وفي المقابِل، من لم يَهْتَدِ بنور المسيح، وإنّ ظنّ أنّه صحيح البصيرة، يكون واهِمًا. مَنْ لم يؤمِن به يكون أعمى البصيرة الرّوحيّة، وما أتعس حال مثل هذا!.
 
انتهى السّرد الإنجيليّ بسؤال طرحه الفرّيسيّون: "ألعلَّنا نحن أيضًا عميان؟". وهم كانوا يتكلّمون عن العمى الجسديّ والرّوحيّ على حَدٍّ سَوَاء. حينها قال لهم الرّبّ يسوع، يا ليتكم كنتم عميانًا لا تعرفون ما في الكتب الّتي تشهد عن زمن المسيح المُنْتَظَر. لو كنتم عميانًا لما كانت عليكم خطيئة. هكذا، بَيَّنَ لنا الرّبّ أنّ الخطيئة تُعْمِي بصيرة الإنسان الرّوحيّة، وأنّ نور المسيح يجعل الإنسان يبصر. صار الأعمى منذ مولده صحيح البصر، وأصحّاء البصيرة عميانًا، لأنّ الأوّل سار في نور ابن الله الآتي إلى العالم، والآخَرون فَضَّلُوا الظُّلمة على النُّور.
 
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامِس
 
لِنُسَبِّحْ نَحْنُ المُؤْمِنِينَ ونَسْجُدْ للكَلِمَة المُسَاوِي للآبِ والرُّوحِ في الأَزَلِيَّة وعَدَمِ الاِبْتِدَاء، المَوْلُودِ مِنَ العَذْرَاءِ لِخَلَاصِنَا، لأَنَّهُ سُرَّ بالجَسَد أَنْ يَعْلُوَ عَلَى الصَّلِيبِ ويَحْتَمِلَ المَوْت، ويُنْهِضَ المَوْتَى بِقِيَامَتِهِ المَجِيدَة.
 
 
قنداق الفصح باللَّحن الثَّامِن
 
وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَنْ لا يَمُوت، إلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أيُّهَا المسيحُ الإله، وللنِّسْوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الوَاقِعِينَ القِيَام.
 
 
الرِّسَالَة
أع 16: 16-34
 
أَنْتَ يَا رَبُّ تَحْفَظُنَا وَتَسْتُرُنَا في هذا الجيل
خَلِّصْنِي يَا رَبُّ فَإِنَّ البَارَّ قَدْ فَنِي
 
في تلكَ الأيَّام، فيما نحنُ الرُّسُلَ مُنْطَلِقُونَ إلى الصَّلاةِ، اسْتَقْبَلَتْنَا جارِيَةٌ بها رُوحُ عِرَافَةٍ، وكانَتْ تُكسِبُ مَوَالِيَهَا كَسْبًا جزيلًا بعِرَافَتِهَا. فَطَفِقَتْ تَمْشِي في إِثْرِ بولسَ وإِثْرِنَا وتصيحُ قائلةً: هؤلاءِ الرِّجالُ هم عبيدُ اللهِ العَلِيِّ وهم يُبَشِّرُونَكُم بطريقِ الخلاص. وصَنَعَتْ ذلك أيَّامًا كثيرةً، فَتَضَجَّرَ بولسُ والْتَفَتَ إلى الرُّوحِ وقالَ: إنِّي آمُرُكَ باسمِ يسوعَ المسيحِ أن تخرُجَ منها، فخرجَ في تلكَ السَّاعة. فلمَّا رأى مَوَالِيَهَا أنَّه قد خرجَ رجاءُ مَكْسَبِهِم قبضُوا على بولسَ وسِيلَا وجَرُّوهُمَا إلى السُّوقِ عند الحُكَّامِ، وقَدَّمُوهُمَا إلى الوُلاةِ قائِلِينَ: إِنَّ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يُبَلْبِلَانِ مدينَتَنَا وهما يهودِيَّان، ويُنَادِيَانِ بعادَاتٍ لا يجوزُ لنا قَبُولُهَا ولا العملُ بها إذ نحنُ رومانِيُّون. فقامَ عليهِمَا الجَمْعُ معًا، ومَزَّقَ الوُلَاةُ ثيابَهُمَا وأَمَرُوا أن يُضْرَبَا بالعِصِيّ. ولمَّا أَثْخَنُوهُمَا بالجِرَاح أَلْقَوْهُمَا في السِّجْنِ وأَوْصَوا السَّجَّانَ بأن يحرُسَهُمَا بِضَبْطٍ. وهو، إذ أُوصِيَ بمثلِ تلكَ الوَصِيَّةِ، أَلْقَاهُمَا في السِّجْنِ الدَّاخِلِيّ وضَبَطَ أَرْجُلَهُمَا في المِقْطَرَة. وعند نصفِ اللَّيْلِ كانَ بولسُ وسِيلَا يصلِّيَان ويسبِّحَان اللهَ والمحبُوسُونَ يسمعونَهُمَا. فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عظيمَةٌ حتَّى تَزَعْزَعَتْ أُسُسُ السِّجْنِ، فانْفَتَحَتْ في الحالِ الأبوابُ كلُّها وانْفَكَّتْ قيودُ الجميع. فلمَّا استيقظَ السَّجَّانُ ورأى أبوابَ السِّجْنِ أنَّها مفتُوحَةٌ، اسْتَلَّ السَّيْفَ وَهَمَّ أن يقتُلَ نفسَهُ لِظَنِّهِ أنَّ المحبوسِينَ قد هَرَبُوا. فناداهُ بولسُ بصوتٍ عالٍ قائلًا: لا تَعْمَلْ بنفسِكَ سُوءًا، فَإِنَّا جميعَنَا هَهُنَا. فطلبَ مصباحًا وَوَثَبَ إلى داخِلٍ وخَرَّ لبولسَ وسِيلَا وهو مُرْتَعِدٌ، ثُمَّ خرجَ بهما وقالَ: يا سَيِّدَيَّ، ماذا ينبغي لي أن أصنعَ لكي أَخْلُصَ؟ فقالا: آمِنْ بالرَّبِّ يسوعَ المسيحِ فَتَخْلُصَ أنتَ وأهلُ بيتِك. وكَلَّمَاهُ هو وجميع مَنْ في بيتِه بكلمةِ الرَّبِّ، فأَخَذَهُمَا في تلكِ السَّاعةِ من اللَّيلِ وغَسَلَ جِرَاحَهُمَا واعْتَمَدَ مِنْ وقتِهِ هو وذَوُوهُ أجمَعُون. ثُمَّ أصعَدَهُمَا إلى بيتِهِ وقَدَّمَ لهما مائدةً وابْتَهَجَ مع جميعِ أهلِ بيتِهِ إذ كانَ قد آمَنَ بالله.
 
 
الإنجيل
يو 9: 1-38
 
في ذلكَ الزَّمانِ، فيما يسوعُ مجتازٌ رأى إنسانًا أعمَى منذ مولدِه، فسأله تلاميذُه قائلِين: يا ربُّ، مَنْ أخطَأَ أَهَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حتَّى وُلِدَ أعمَى؟ أجابَ يسوعُ: لا هذا أخطَأَ ولا أَبَوَاهُ، لكنْ لِتَظْهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أن أعملَ أعمالَ الَّذي أَرْسَلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيعُ أَحَدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قال هذا وتَفَلَ على الأرضِ وصنعَ من تَفْلَتِهِ طينًا وطَلَى بالطِّينِ عَيْنَي الأعمى وقال له: اذْهَبْ واغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَامَ (الَّذي تفسيرُهُ المُرْسَل)، فمضى واغْتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فالجيرانُ والَّذين كانوا يَرَوْنَهُ من قبلُ أنَّهُ أَعْمَى قالوا: أَلَيْسَ هذا هو الَّذي كان يجلِسُ ويَسْتَعْطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرُونَ قالوا: إنَّه يشبِهُهُ. وأمّا هو فكان يقول: إنّي أنا هو. فقالوا له: كيف انْفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقالُ له يسوعُ صنعَ طينًا وطَلَى عينَيَّ وقال لي اذْهَبْ إلى بِرْكَةِ سِلْوَامَ واغْتَسِلْ، فمَضَيْتُ واغْتَسَلْتُ فأَبْصَرْتُ. فقالوا له: أين ذلك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأَتَوْا به، أي بالَّذي كانَ قبلًا أعمَى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتحَ عينَيْهِ يومُ سبت. فسألَه الفرّيسيّون أيضًا كيفَ أَبْصَرَ، فقال لهم: جَعَلَ على عينَيَّ طينًا ثُمَّ اغْتَسَلْتُ فأنا الآن أُبْصِرُ. فقالَ قَوْمٌ من الفرّيسيّين: هذا الإنسانُ ليسَ من اللهِ لأنَّه لا يحفَظُ السَّبْتَ. آخَرُون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِىءٌ أن يعمَلَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينَهُم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقولُ أنتَ عنه من حيثُ إنَّه فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟ فقال: إنّه نبِيّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنّه كان أعمّى فأبصَرَ حتَّى دَعَوْا أَبَوَي الَّذي أبصَرَ وسألُوهُمَا قائِلِين: أَهَذَا هو ابْنُكُمَا الَّذي تَقُولَانِ إنَّهُ وُلِدَ أعمَى، فكيف أبصَرَ الآن؟ أجابهم أَبَوَاهُ وقالا: نحنُ نعلمُ أنّ هذا وَلَدُنَا وأنَّه وُلِدَ أعمَى، وأمّا كيفَ أبْصَرَ الآنَ فلا نَعْلَمُ، أو مَنْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فنحنُ لا نَعْلَمُ، هُوَ كَامِلُ السِّنِّ فاسْأَلُوهُ فهو يتكلَّمُ عن نفسِه. قال أبواهُ هذا لأنّهما كانا يخافان من اليهود لأنَّ اليهود كانوا قد تَعَاهَدُوا أنّه إن اعْتَرَفَ أحدٌ بأنّه المسيحُ يُخْرَجُ من المَجْمَع. فلذلك قال أبواه هو كامل السّنّ فاسألوه. فدَعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الَّذي كان أعمى وقالوا له: أَعْطِ مجدًا للهِ فإنَّا نعلمُ أنّ هذا الإنسانَ خاطِئ. فأجاب ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنّما أعلم شيئًا واحدًا، أَنِّي كنتُ أعمَى والآن أنا أُبْصِر. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عَيْنَيْكَ؟ أجابهم: قد أخبرتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلَّكُم أنتم أيضًا تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك. وأمّا نحن فإنَّا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنّ الله قد كلَّمَ موسى. فأمَّا هذا فلا نعلَمُ مِن أين هو. أجابَ الرَّجُلُ وقال لهم: إنّ في هذا عجبًا أنَّكُم ما تعلَمُونَ مِن أين هو وقد فتحَ عَيْنَيَّ، ونحنُ نعلمُ أنّ اللهَ لا يسمَعُ للخطأة، ولكنْ إذا أحدٌ اتَّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فلَهُ يستجيب. منذ الدَّهْرِ لم يُسْمَعْ أنَّ أحدًا فتح عَيْنَي مولودٍ أعمَى. فلو لم يكن هذا من الله لم يقدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إنَّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بِجُمْلَتِكَ، أَفَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارجًا. وسمِعَ يسوعُ أنَّهُم أَخْرَجُوهُ خارجًا، فوَجَدَهُ وقال: أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بابْنِ الله؟ فأجابَ ذاكَ وقال: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوع: قد رَأَيْتَهُ، والَّذِي يتكلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُو. فقالَ: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.
 
 
في الرِّسَالَة
 
نقرأ في كتاب أعمال الرُّسُل أنَّ الرُّسُل غالبًا ما يتعرَّضُون في بشارتهم إلى ثورةِ وهياجِ مَجَامِعِ اليهود عليهم. في قراءة اليوم، نجد أنَّ مصدَرَ التَّعَرُّض هو امرأة، بها روح شرِّير، تُشَوِّشُ على الوعظ والخدمة بصُرَاخِهَا أيَّامًا كثيرة. ونقرأ أنّ الرَّسول بولس تضَجَّرَ من محاولاتها، لا بمعنى الضَّجَرِ أي عدم الاِحتمال من التَّكرار، بل هو خاف من أن يَظُنَّ النّاس أنّ المسيحيّة الّتي يُبَشِّرُ بها على علاقة بالعِرَافَة الشَّيطانيَّة أو هي نوع منها ويختلط الأمر في أذهانهم، لأنَّ عقليَّتَهُم هي أقرب إلى هذا النّوع من الأشياء منها إلى الأمور السَّامِيَة الَّتي تحملها المسيحيَّة. فالشَّيطان الَّذي حَرَّكَ الجارية الّتي كانت مُسْتَعْبَدَة له، شأن كلّ العَرَّافِين في كلِّ الأزمان، لم يحرِّكْهَا إلى مهاجمة الرُّسُل والبشارة بل إلى الشَّهادة لها، لذا هي تصرخ بأقوالٍ توافِقُ الإيمانَ وتشهَدُ للرُّسُل ولبشارتهم. 
 
قد تكون الجارية تَبِعَتِ الرُّسُلَ ظَنًّا بأنَّها قد تنالُ منهم أُجْرَةً أو مديحًا علنِيًّا إذا أَعْلَنَتْ عنهم. لكنَّ الآباءَ الَّذين فسَّرُوا هذا المقطع من الكتاب المقدَّس يَرَوْنَ أنَّها أرادَتِ الشَّهادَةَ حتَّى متى قَبِلَ النَّاس شهادَتَهَا علانِيَةً تعودُ فتُضِلّهم. فهي تنطق بالحقّ لا حبًّا بالحقّ بل كفخٍّ لإسقاط سامِعِيها في الضَّلال على غِرَارِ ما كانت تقوم به الشّياطين حين تتبع السّيّد صارِخَة: "هذا هو قدّوس الله". لهذا، منعها الرّسول بولس من الكلام، لأنّها تكلَّمَتْ بِخُبْثٍ لتجعل من نفسها موضِعَ ثقة. إنّ عملها يجمع الرّياء إلى قلَّة المعرفة، فالرّبّ يسوع لا يقبل شهادة إنسان (يو 5: 34)، فكم بالأَوْلَى أن لا يقبل شهادة شيطان أو ممّن يتعاملون معه، على ما يرد في حكمة ابن سيراخ "التّسبيح لا يليق بفم الخاطئ" (9:15). 
 
الحَدَث الّذي نتكلَّمُ عنه ليس مَشْهَدًا من الماضي بل هو مشهد يتكرَّر كلّ يوم في زماننا الحالي. كثيرة هي مصادر التّشويش على الإيمان الّتي في البداية تشهد، شكليًّا أو بشكل مُجْتَزَئ للإيمان، حتّى يطمئِنَّ إليها السّامِعُون ويثقون بها، فتنتقل إلى المرحلة التّالية حيث يرتفع منسوب الثّقة وتتحرّر من شكّ السّامعين فتضلِّلهم. إنَّ خبث عدوّ الله يتخفّى، في زماننا، تحت أَشْكَالٍ مختلفة، وهو غالبًا ما يأخذ ستار الدِّين، فيبدو في الفترة الأولى شاهِدًا للمسيحيَّة، حتَّى متى وثق النّاس به يبدأ بتضليلهم والهجوم على تفاصيل الإيمان المسيحيّ، فتبدأ العَثَرَة بالتّشويش، ومن ثَمَّ يأتي التّشكيك حتّى ينتهي الإنسان في العَثَرَة. هذا التّوصيف ينطبق على محطّات التَّلْفَزَة والرَّاديو المتعدِّدَة الّتي لا تنتمي إلى الكنيسة، كما ينطبق على البدع والشِّيَع الّتي قد تطرق أبوابنا، أو قد نلتقي بأفرادها أو بالمتأثِّرِين بهم في أيّ مكان في حياتنا اليوميّة. ولا ينطبق هذا الحال فقط على مَن هم خارج الكنيسة بل أحيانًا على مَن فيها، من رعاة أو من مؤمنين. فكلّ راعٍ لا يتَّبِعُ الدِّقَّة في عمله الرّعائيّ والأسراريّ بل يبتدع يكون بمثابة هذه الجارية. فهو يشهَدُ بلسانه مستفيدًا من ثقة المؤمـنـين، لكن  نتيجـة  عـمـلـه  الفعليّة  هي  التّشويش والتّضليل. وكلّ مؤمن من الّذين لا يَأْلُونَ جَهْدًا في استجرار الممارسات والأفكار من خارج الكنيسة إليها، وفي انتقاد تعليمها والتّركيز على ضَعَفَات رعاتها، يكون بمثابة هذه الجارية الّتي انتهرها الرّسول بولس. 
لا يأتي تفسير هذه القراءة لِلَفْتِ النَّظَر إلى وجود مشكلة وحسب، بل للإضاءة على حلِّها. فالتَّخَبُّط الرُّوحِيّ لإنسان القرن الحادي والعشرين واضِح، أمَّا دور الكنيسة اليوم، برعاتها وشعبها، فهو أن تحمل الصَّرخة، الّتي نادى بها الرّسول بولس السَّجَّانَ، لكلّ النّاس في كلّ العالم: "لا تفعل بنفسك سُوءًا"، إذ إنّه لا يقدر أحد أن يؤذي الإنسان ما لم يؤذِ هو نفسه. إنّ دور الإيمان هو فتح عيني الإنسان حتَّى يكون موقفه كمثل ذلك السَّجَّان أيضًا: "ماذا ينبغي أن أصنع لكي أخلص؟" هنا لا بدّ للكنيسة، بمؤمنيها، أن تكون واقفة إلى جانب هذا الإنسان لتقول له: "آمِنْ بالرّبّ يسوع المسيح فتخلُص"، فترشده إلى الإيمان وتدعوه إليها قائلة: "تعالَ وانظُرْ".
 
 
الحياةُ الرُّوحِيَّةُ داخِل البيت: نصائح القدِّيس يوحنَّا الذهبِيّ الفَم
 
إنّ القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم (349 - 407 م.) هو من القدّيسين الأنطاكيّين الأكثر إكرامًا في الكنيسة الأرثوذكسيّة. كان رجلًا قصيرَ القامة، ولكن عظيمَ الإيمان بالله. عشق الكتاب المقدّس، وحاول أن ينهَلَ منه ليفيد المؤمنين بشكل عملِيّ وحياتِيّ. فشرح، بعظات كثيرة وطويلة، كيفيّة عيش إنجيل المسيح يومًا بعد يوم. أحبَّ هذا الرّاعي رعيّته، وبذل نفسه لأجلها حبًّا بالله وفداءً لحقِّ الإنجيل. إنّ سَعْيَهُ الدّؤوب، لشرح وسائل تساعد المؤمنين  في الاقتراب من الله والاستنارة، كان بمثابة هدف حياته كلّها. 
 
من أهمّ ركائز رؤية القدّيس للحياة المسيحيّة هو تشديده على تجسيد الحياة الرّوحية في العائلة. رأى هذا القدّيس، الأنطاكيّ، أنّ دعوة الزّوج والزّوجة هي في جعل بيتهما "كنيسة صغيرة"، وأن يكونا أيقونات حيَّة أمام أعين أولادهما. لذا، دعاهما ليشجِّعَا بعضهما البعض في العمل الرّوحيّ، وأن يُلْهِمَا أولادهما على عيش حياة التَّقْوَى والفضيلة من خلال نصحٍ وتشديدٍ متبادَلَيْن، ومن خلال مِثَال حياتهما اليوميّة. يقول القدّيس: "لتُشدِّدِ النِّساءُ أزواجَهُنَّ، ولينصَحِ الرّجالُ نساءَهُنَّ". يعطي القدّيس نصائح عمليّة للزّوج والزّوجة بأن "يُصَلِّيَا معًا في البيت، ويذهبا معًا إلى الكنيسة، وعند عودتهما من الكنيسة ليسألا بعضهما البعض عن معنى القراءات والصّلوات". في إرشادات القدّيس نرى أنّه ينظر بمساواة بين الرَّجل والمرأة في العمل الرّوحيّ، ويتوقّع نوع من التّبادُلِيَّة بينهما. وحتَّى، يقترح القدّيـس نوعًا من "المنافـسة" بين الزّوج والزّوجة، في جهادهما الرّوحيّ، فيقول: "ليشدِّد كلّ واحد منكما الآخّر في عمل الفضيلة. ليكن هناك نوع من المنافسة في عيش النّاموس (أي الصّلاة والصّوم وعمل المحبّة). ومَن صار أوَّلًا ليشدِّد من يتسكّع في الوراء". ويقول الكلام ذاته بخصوص حضور أعضاء العائلة الصّلوات الكنسيّة: "لِيُحَرِّضُوا بعضهم البعض ويحُثُّوا أنفسهم على حضور الصَّلَوَات: الأب ابنه، والابن أبيه، والرّجل امرأته، والمرأة زوجها". بالنّسبة للذّهبيّ الفم، أفضل طريقة لكي يتشرَّبَ الأولاد الحياة الإلهيَّة تكون من خلال مِثَالِ حياة الأهل اليوميّة. يراقِبُ الأولاد تصرّفات أهلهم: "إن كنّا (كعائلة) نسعى وراء الكمال، الأمور الثّانويَّة تَتْبَع. يقول الرّبّ: "أمَّا أَنتم، فاطلبوا أَوَّلاً ملكوت اللهِ وبِرّهِ، وهذه كلُّها تُزادُ لكم" (متَّى 6 : 33). كيف، إذن، ستكون شخصيّة الولد الّذي أهله هم هكذا؟. عامَّةً، تكون شخصيّة الأهل مطبوعة في الأولاد، وهم يَتَقَوْلَبُونَ بقالَبِ شخصيّة أهلهم. يحبّون ما يحبّه الأهل، ويتكلّمون بلهجة أهلهم، ويعملون للوصول إلى الأهداف الّتي وضعها أهلهم لأنفسهم. فالأب، إذا ضبط نفسه في حبّه للمال أو في شهواته أو نزواته، يؤثّر بفاعليّة كبرى على ابنه وابنته، ويعطيهم مثالًا عظيمًا في الحياة، ولهذا يعمل الأب على تحسين حياته الرُّوحيَّة حتّى لا يشوِّه المثال الَّذي يقدّمه لأولاده. وهكذا تعمل الأمّ أيضًا، كي يصبح البيت كنيسة، أي بيت الله، فتَنْعَمُ العائلة بسلام الله وفرح خلاصه.
 
 
أخبـــارنــــا
 
اجتماع كهنة الأبرشيَّة
 
نذكِّر كهنة الأبرشيَّة بموعد لقائِهم الدَّوريّ الّذي سيُعْقَدُ  في دار المطرانيَّة في طرابلس، وذلك نهار السّبت الواقع فيه 23 أيّار 2015. يبدأ اللِّقاء بصلاة السَّحَرِيَّة عند السّاعة الثّامنة صباحًا، ويليها القدّاس الإلهيّ. بعد القدّاس، يُعْقَدُ اجتماع الكهنة مع صاحب السّيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) راعي الأبرشيّة، والّذي سيُعالَج فيه موضوع "خبرات رعائيّة". يُختم اللّقاء بمائدة محبّة.
 
صبحيَّة لجمعيّة واحَة الفَرَح
 
لمناسبة زيارة معالي وزير الشّؤون الاجتماعيّة النّقيب رشيد درباس لمركز الواحة ومشاغلها، يطيب لنا أن ندعوكم إلى صبحيّة برعاية صاحب السّيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) راعي الأبرشيّة، وذلك نهار السّبت الواقع في 30 أيّار 2015، عند السّاعة 11:00 قبل الظُّهر، في حديقة الواحة في بكفتين.
قيمة المساهمة: 60.000 ل.ل. للحجز الاِتّصال على الأرقام التَّالِيَة: 308121/03- 416770/06