أحــد حاملات الطّيب
04 أيار 2014
الأحد 4 ايّار 2014
العدد 18
أحــد حاملات الطّيب
اللحن الثاني الإيوثينا الرابعة
*4: الشَّهيدة بيلاجيا، البار إيلاريوس العجائبي. *5: الشهيدة إيريني، الشهيد أفرام الجديد *6: الصِّدِّيق أيوب الكثير الجهاد (عيد القدِّيس جاورجيوس). *7: علامة الصَّليب الَّتي ظهرت في أورشليم * 8:يوحنّا اللاهوتيّ الإنجيليّ، أرسانيوس الكبير. * 9: النَّبيّ إشعياء، الشَّهيد خريستوفورس. *10: الرَّسول سمعان الغيور، البار لَفرنديوس، البارة أولمبيَّا.
" الدفن والقيامة"
في إنجيل اليوم كلام عن دفن يسوع وقيامته: دفن يسوع من قبل يوسف الراميّ، ومـجيء حاملات الطيب إلى القبر.
الدفن والقيامة هنا مترابطان ارتباطاً وثيقاً. لا فرق في الزمن بين موت الربّ وقيامته.
هذا هو معنى الأيّام الثلاثة كما تأتي في العهد القديم عند هوشع: "إنّهم في ضيقهم سيبتكرون إليّ. هلمّوا نرجع إلى الربّ لأنّه يفترس ويشفي، يَجرح ويَعصِب. يُحيينا بعد يومين وفي اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه ونعلم ونتبّع الرب لنعرفه" (هوشع 6: 1-2)
في خدمة سبت النور، دَفْنُ يسوعَ وَقِيامتُهُ مُتَّصِلان، لا فَرقَ في الزَّمنِ بينهما، هذا لأنّ دفنَ يسوعَ يعني غَلَبَتَهُ على الموت، أي قيامتَه.
صخرةٌ هو المكانُ الّذي نُحِتَ فيه القبر.. وصخرةٌ هي الّتي دُحرِجَتْ عن باب القبر .. في أيِّ وقتٍ بالضّبطِ دُحرِجَتْ؟ لا نعرف! ما نعرفُهُ أنّها كانت ضخمةً جِدّاً، إلى حَدِّ أنّها لا يمكنُ أن تتزحزحَ مِن تلقاءِ نفسِها. أزاحَتْها قوّةٌ إلهيّة. وفي قبورِ الخطيئةِ القاسيةِ كالصّخرِ نُحِتَتْ قبورُ نفوسِنا. وليس في العالَمِ مِن قوّةٍ تستطيعُ أن تُزَحزِحَ الصّخرةَ الجاثمةَ عندَ مداخلِ قلوبِنا. إلّا أنَّ يسوعَ المسيحَ القائمَ من الموتِ منتصراً يعلِّمُنا أنَّ قوّةَ قيامتِهِ
الإلهيّة قادرةٌ على إزالةِ كُلِّ العَقَبات، ولا يقفُ في وجهِها المرض، ولا الحرب، ولا الخلافات الزوجيّة، ولا الآلام النّفسيّة ولا أيُّ شيءٍ آخَر.
* * *
لقد تغيّرَ المشهدُ، ولم يبقَ أمامَنا إلّا القبرُ الفارغ. لقد ماتَ الموت، وصارَ في لُغةِ المسيحِ رقاداً. وكُلُّ مَن يَرقُدُ في الربّ يدخلُ في سلامِ السيّد العديمِ الموت. هذا ليس مجرّدَ كلامٍ أيّها الأحبّاء، بل هُوَ في صُلْبِ إيمانِنا، في صُلْبِ خِبرَتِنا. لأنّنا، على حدِّ تعبيرِ القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث، في كلّ لحظةٍ نَخرجُ فيها مِن عالَمِ الخطيئةِ ونَدخلُ في قبرِ التّواضعِ والتّوبة، عندَها نذوقُ قيامةَ المسيحِ فينا. قوّةُ قيامتِه تَنبتُ في أعماقِنا.. نلتمعُ بِبَهاءٍ رُوحيّ. يَنفتحُ قلبُنا محبّةً لِكُلٍّ إنسان، لِلّذِين يُحبّونَنا والّذين يُبغضونَنا.
مع ذلك، يسوعُ الناصريُّ يبقى مصلوباً في وسطِ آلام الكثيرين، هو الحملُ المذبوحُ منذُ إنشاءِ العالَم. لكنّه في كُلِّ وقتٍ نتناولُ جسدَه ودمَه الكريمَين يُدخلُ فينا المحبّةَ والرّجاء، ناقلاً اِيّانا من الموت إلى الحياة.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة للّحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
قنداق الفصح باللَّحن الثامن
وَلَئِنْ كُنْتَ نزَلتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إلّا أنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّة الجحيم، وقُمْتَ غالِباً أيُّها المسيحُ الإله، وَلِلنِّسْوَةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، وَوَهبتَ رُسُلَكَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
الرِّسالة
أع 6: 1-7
قُوَّتي وتسبِحَتي الربُّ. أدبًا أدّبني الربُّ وإلى الموت لم يُسْلِمني
في تلك الأيّام، لمّا تكاثر التلاميذ، حدثَ تذمّرٌ من اليونانييّن على العبرانييّن بأنّ أرامِلَهُم كُنَّ يُهْمَلْنَ في الخدمة اليومية. فدعا الاِثنا عَشَرَ جُمهورَ التلاميذ وقالوا: لا يَحسُنُ أن نتركَ نحن كلمة اللهِ ونخدم الموائد، فانتَخِبُوا أيُّها الإخوةُ منكم سبعةَ رجالٍ مشهودٍ لهم بالفضل، ممتَلِئِين من الرُّوح القدس والحكمة، فنقيمَهُم على هذه الحاجة، ونواظِبَ نحن على الصَّلاة وخدمةِ الكلمة. فَحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا استفانُسَ رجلاً ممتلئاً من الإيمان والرُّوح القدس، وفيلبُّسَ وبروخورُسَ ونيكانُورَ وتيمنَ وبَرمِناسَ ونيقولاوُسَ دخيلاً أنطاكياً. وأقاموهم أمام الرُّسُل، فصلَّوا ووضعُوا عليهم الأيدي. وكانت كلمةُ الله تنمو وعددُ التلاميذِ يتكاثَرُ في أورشليمَ جداً. وكان جمعٌ كثيرٌ من الكهنةِ يطيعونَ الإيمان.
الإنجيل
مر 15: 43-47، 16: 1-8
في ذلكَ الزمان، جاء يوسفُ الذي من الرامة، مشيرٌ تقيٌّ، وكان هو أيضًا منتظراً ملكوت الله. فاجترأ ودخلَ على بيلاطُسُ وطلب جسدَ يسوع. فاستَغْرَبَ بيلاطُسُ أنَّه قد ماتَ هكذا سريعاً، واستدعى قائدَ المئةِ وسأله: هل له زمانٌ قد مات؟ ولمّا عرف من القائد، وَهَبَ الجسدَ ليوسف. فاشترَى كتّاناً وأنزله ولفَّهُ في الكتّان، ووضعه في قبرٍ كان منحوتاً في صخرةٍ، ودحرج حجراً على باب القبر. وكانت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تنظران أينَ وُضِعَ. ولمّا انقضى السبتُ، اشترت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يعقوب وسالومةُ حَنوطاً ليأتين ويدهنَّه. وبكّرنَ جداً في أوّل الإسبوع وأتينَ القبر وقد طلعتِ الشمس، وكُنَّ يَقُلنَ في ما بينهنّ: من يدحرجُ لنا الحجرَ عن باب القبر؟ فتطلّعن فرأين الحجر قد دُحرج لأنه كان عظيماً جدًّا. فلمّا دخلن القبرَ رأين شابًّا جالساً عن اليمين لابِساً حُلَّةً بيضاءَ فانذَهَلْنَ. فقال لهن: لا تنذهلن. أنتنّ تطلبنَ يسوع الناصريّ المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضعُ الذي وضعوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذِه ولبطرس إنّه يسبقُكُم إلى الجيل، هناك تَرونَهُ كما قال لكم. فخَرجْنَ سريعاً وفررن من القبر وقد أخذتهنَّ الرِّعدة والدَّهش. ولم يَقلنَ لأحدٍ شيئاً، لأنّهنَ كُنَّ خائفات.
في الإنجيل
قيامة الرب يسوع تفوق الطبيعة البشريّة. هي حياةٌ جديدة، جبلةٌ جديدة وعودةٌ إلى الحياة الخالدة التي كانت لآدم الأوّل قبل سقوطه وعودته إلى الأرض التي منها أُخذ.
في البداية، بعد أن أخذ آدم نسمةَ حياةٍ بالنّفخةِ الإلهيّة، رَأَتْهُ امرأةٌ قبلَ غيرِها هي حوّاء، وكذلك آدمُ الثّاني، الرّبُّ النّاهضُ من بين الأموات، رَأَتْهُ امرأةٌ قبلَ غيرِها.
- من هي المرأةُ الّتي رَأَتْهُ أوّلاً قبلَ مريم المجدليّة؟
"...وأمر القيامة أوّلاً صار معروفاً عند والدة الاله..." (سنكسار أحد الفصح)
والدة الاله قد قبلته أوّلاً ورأت قبل غيرِها الرّبَّ القائمَ، وتمتّعَتْ بكلامِه الإلهيّ " ...صادفْتَ البتولَ مانحاً الحياة..." (طروباريّة القيامة للّحن السّادس)، ولَمْ تَرَهُ بعينَيها وَتَسْمَعْهُ بأُذُنَيها وحَسْب، بل كانَتْ أيضاً أوّلَ مَن لَمَسَ قدمَيه الطاهرتين.
حاملات الطيب هُنَّ نساءٌ تَبِعْنَ الرّبَّ بِرِفقةِ أُمِّهِ (مريم الأخرى كما يُسمّيها متّى الانجيليّ)، وَبَقِينَ معها في ساعة آلامه الخلاصيّة، واهتمَمْنَ بِدَهْنِ جسدِ يسوع بالطّيب، وبكَّرْنَ في أوّلِ الأسبوع وذهبن إلى القبر.
قبل ذلك الوقت، كانت النسوةُ حاملاتُ الطِّيب، مريمُ المجدليّة مع حنّةَ امرأةِ خُوزي قهرمانِ هيرودس وسوسنّةَ وأُخَرَ كثيرات، كُنَّ يَبذُلْنَ مِن أموالهنّ في خدمة الربّ يسوع في تجواله للبشارة مع التلاميذ في المدن والقرى، شاهداتٍ لكرازته وبشارته بملكوت الله. (لو 8 : 1)
- لماذا هيّأن طيوباً؟
لقد هيّأن طيوباً وحنوطاً من جهةٍ لإكرام الميت، ومن جهة ثانية لتخفيفِ الرّائحةِ النّتنة تعزيةً لكلّ الذين يَوَدُّون أن يزوروا القبر. ولأنّهنّ تأكّدن أنّ الربّ يسوع هو بالحقيقة عطر الحياة لكلّ الذين يقتربون منه بإيمان، ورائحة جسده هي أسمى من العطور كلِّها، بل هو الطيب المهراق الذي بواسطته امتلأت المسكونة عطراً ذكيّاً إلهيّاً.
- لماذا أتينَ القبر باكراً؟ ظاهريّاً لاستكمال تطييب يسوع، أمّا السبب العميق فهو حزنهنّ العميق وإحساسهنّ بالغياب النهائيّ الذي يعنيه القبر دائماً، مدفوعاتٍ بأمانتهنّ الداخليّة الكلّيّة لمن صار لهنّ الآن غائباً، متحديّات الحجر الكبير والجند الحرّاس، وغير خائفات من اليهود، على عكس التلاميذ. "...والأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين خوفاً من اليهود..." (يوحنا 20 : 19)
وبذلك أظهرن حبّاً عظيماً وأمانة كبيرة وتضحية فائقة. "...لأنّ عزمهنّ الشفوق قد أرضى الله..." (من كاتسماطات سحر الأحد)
فاستحققنَ بجدارةٍ أن يَكُنَّ أوّل من رأى الحجر مرفوعاً عن القبر، وينتظرهنّ الملاك لاستقبالهنّ، "... إنّ النسوة لمّا قدّمن طيوباً للرمس بحرارة ابتهجت نفوسُهنّ بِلَمع الملاك ..." (كاتسما الاودية الثالثة)، وأوّل من شاهد القبر الفارغ ولفائف الأكفان موضوعة وحدها، وأوّل من عاين الرّبّ الناهض من القبر وسجدَ له، وأوّل من أوكل إليه رسالة التبشير "...إذهَبْنَ وبَشِّرْنَ التلاميذ بالقيامة..." و "...إنّه يسبقكم إلى الجليل..."
ماذا يعني لنا اليوم هذا الحدث؟
إنّ كلَّ إنسان يؤمن بالمسيح ويُظهِرُ حُبّاً عظيماً له بأفكاره وأقواله وأفعاله، ويكون أميناً له حتّى النهاية، مضحّياً بكلّ شيء لإتمام وصاياه الإلهيّة: سينتظره ملاك الربّ وسيُعاين الحجر مرفوعاً، وسيرى وجه الرّبّ القائم، وسيعطيه رسالة تبشير خاصة به، كلّ ذلك إذا خرج من ديجور أنانيتِه وأظهر حبّاً صافياً.
" فلنبتكرنّ مدّلجين دلجة عميقة، ولنقربنّ للسيّد التسبيح النقيّ عوض الطيب الذّكيّ، ونعاين المسيح الذي هو شمس العدل مُطلِعاً الحياةَ لِلكُلّ" (إرموس الأودية الخامسة)
وحدة الكنيسة، إعلان القيامة
المسيح قام! حقًا قام!
هذه صرخةٌ يطلقها الأرثوذكسيّون، من الأعماق، أينما وُجدوا ومهما اختلف التقويم الذي يتبعونه، فهم أبناء هذه القيامة التي توحّدهم والتي هم لها يشهدون.
دعا صاحبُ الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر الكلّي الطوبى لمؤتمر أنطاكيّ يجمع كلّ أبرشيّات الكرسيّ الأنطاكيّ المقدّس ويتمثّل فيه المؤمنون وفق ما جاء في الأنظمة الأنطاكيّة. يلتئم هذا المؤتمر في نهاية شهر حزيران ليتوّج في عيد القدِّيسَين بطرس وبولس مؤسّسَي الكرسيّ الأنطاكيّ بقدّاس يجمع ما أمكن من المؤمنين حول رُعاتِهم مِن كُلِّ القارّات. عنوان هذا المؤتمر هو وحدة الكنيسة. فهل لنا أن نتأمّل اليوم في ارتباط حَدَثٍ كهذا بالقيامة التي نحن معيّدون لها؟ يتناول السؤالُ الوجهَ الآخر مِن علاقة الكنيسة بالقيامة: فإن كانت القيامة عامل توحيد، كيف تكون حياة الكنيسة مجال إعلان القيامة؟
يأتي الجواب على هذا السؤال بشكل طبيعيّ من صلب إيماننا بالتجسّد. فالتجسّد ليس حدثًا تاريخيًّا حصل في زمن معيّن من أجل خلاصنا وخلاص العالم. هو أيضًا طريقة حياة أرادها الله لنا ليدلّنا على الطريق بقوله: "أنا هو الطريق، والحقُّ، والحياة". تجسّد هو لنكون نحن جسده مرآة دائمة لهذا التجسّد. وهذا يعني عددًا من الأمور التي تعلّمنا إيّاها القيامة:
١ - جسد المسيح لا يعرف الموت. اجتاز جسد المسيح الموت ليتغلّب عليه لأنه لا يمكن لمبدأ الحياة أن يستقرّ في الموت. ونحن كذلك، نجتاز الموت رغم كلّ الضعفات التي يمكن أن تتراكم في الجسد الذي هو الكنيسة. وهذا يعني في ما يعنيه أنّنا كوحدة متراصّة نعلن الإيمان بالقيامة. من المهمّ جدًّا أن يكون كلّ منا واعيًا لمستلزمات الواقع القياميّ على صعيده الشخصيّ، لكنّ العالم ينظر إلينا كجماعة، وعلى هذه الجماعة بوحدتها أن تُظهر أنّ القبر لم يضبط الجسد الإلهيّ.
٢ - جسد المسيح لم يعرف الفناء. إعلان القيامة في اليوم الثالث هو أنّ الجسد، حتّى لو عبرَ بالموت، إلّا أنّه لم يَعبُر بالفساد. المسيح قام من بين الأموات على الصليب. أُعلِنَتْ لنا قيامتُه عندما وَجدتِ النّسوةُ القبرَ فارغًا. نحن، كجماعة، نُعلنُ القيامةَ حين لا نسمح للفساد بأن يأكل هذا الجسد الذي نؤلّف. أيْ إنّنا نُبقي على حيويّةِ جسد لا تتآكله لحميّة هذا الدهر. أن نعلن القيامة في وحدتنا يعني بأنّنا لا نسمح لفكر أهل هذا الدهر أن يُدْخِل الفساد إلى الجسد الإلهيّ. فلا نسمح باستعلاء، ولا بتفرقة، ولا باستقلاليّة، بل نكون واحدًا بالمحبة، نُغْني بعضنا بعضًا بالصبر، وطول الأناة، والتواصل.
٣ - ظهر جسد المسيح لمحبّيه وللعالم (بواسطتهم) متجلّيًا، غالبًا الموت والفساد. القيامة ليست عمليّةً داخليّةً تهمّ الكنيسة وحدها، بل هي شأن عالميّ وكونيّ نعلنها كجسد. وأفعالُ كلٍّ مِنّا تعبيرٌ عن هذا الفكر القياميّ. لكن ما لم تأتِ هذه الأعمال على خلفيّة إعلاناتٍ تُتَرجِمُها وَحْدَتُنا كجسد، يمكن أن تبقى أفعالُ كُلٍّ مِنّا مجرّد أخلاقيّات هامّة وضروريّة من دون أن تصل إلى المبتغى الأبعد ألا وهو الشهادة في العالم. لذلك، لا يكفي أن نعمل كأفراد أو كجماعات على التحلّي بأخلاقيّات قياميّة. من الضرورة بمكان أن نعلن، بوحدتنا، أنّ المسيح قام، وأنّنا نسعى جاهدين لِجَعلِ هذا الإعلانِ شُغلَنا الشّاغِلَ تجاه العالم الذي هو غاية التجسّد والخلاص.
لذلك من الطبيعيّ جدًّا أن نعطي مبادرةَ الدّعوة لهذا المؤتمر، التي تأتي بعد عيد العنصرة، البُعْدَ الذي تستحقّ، فنبرهن للعالم الذي نعيش فيه أنّ أنطاكية حيّة وقويّة بوحدتها، وأنّ هذه الوحدة هي سبيلها لعيش القيامة ونقل البشرى الخلاصيّة للعالم. كثير من الآمال معلّقة، في ديارنا كما في العالم الأرثوذكسيّ، على استعادة أنطاكية دورها الرياديّ. ألا أعطانا ربّنا الناهض من بين الأموات أن نحسن استعمال المواهب التي زرعها فينا.
المسيح قام! حقًا قام!