الأحد 29 حزيران 2014

الأحد 29 حزيران 2014

29 حزيران 2014
الأحد 29 حزيران 2014 
العدد 26
الأحد الثالث بعد العنصرة
اللحن الثاني  الإيوثينا الثالثة
 
*29:  بطرس وبولس هامتا الرُّسل. *30: تذكار جامع للرُّسل الإثني عشر . * 1:الشَّهيدان قزما وداميانوس الماقتا الفضَّة * 2: وضع ثوب والدة الإله في فلاشرنس.*3: الشَّهيد ياكنثس، أناطوليوس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة. *4: القدِّيس أندراوس الأورشليمي رئيس أساقفة كريت، أندره روبلاف * 5: البارّ أثناسيوس الآثوسيّ، لمباذوس العجائبيّ.
 
الوحدة في الكنيسة الطابع المجمعيّ
 
هي وحدةُ حركة، حركةِ محبّةٍ وحركةِ شَرِكة. هناك وحدةٌ كلّيّةٌ وتَنَوُّعٌ كُلِّيّ. اللهُ واحدٌ، وفي الوقتِ نفسِه شَرِكَةُ أشخاص. هكذا في الكنيسة، أو بالأحرى هكذا يُفتَرَضُ أن يكون، وحدةٌ كاملةٌ في تَنَوُّعٍ كامل. الرّأسُ لا يَكْبُتُ حُرِّيَّةَ الأعضاء: "من أراد أن يكون فيكم أوّلَ، فَلْيَكُنْ لِلجَمِيعِ خادماً" (متى 20: 27). لا يَكْبُتُهُم، وَلا يتَسَلَّطُ عَلَيهِم، بل يظلّ في تنسيق كاملٍ معهم.
الوحدة تصبح علاقةَ محبّةٍ، علاقةَ شَرِكة. بهذا المعنى الله محبّة، وبهذا المعنى الكنيسة شركة محبّةٍ، تكون على صورة الثالوث الأقدس.
 
*  *  *
 
كيف يكون الطابع المجمعيّ الذي يؤدّي إلى الوحدة؟
 
الكنيسة هي جسد المسيح، هي الجماعة التي افتداها الرّبُّ بِدَمِهِ. تُساهِمُ في جَمْعِ المُتَفَرِّقِينَ إلى واحد. يتجسّد هذا الاِتّحادُ الواحد في سرّ الشكر، حيث يجتمع الأسقفُ مع المؤمنين.
 
يبقى الأسقف دائماً داخل شعب الله، ولا يَسلُكُ أحدٌ فَرْدِيّاً في الكنيسة هذه.
 
الأسقفُ يَرعى كنيستَهُ، أي شعبَ الله، بكلمةِ الحقّ، كلمةِ يسوع المسيح، فيكتشفُ مواهبَ الأعضاء. يَحمِلُهُم في صَلاتِه، لا يهتّم بربحٍ مالِيٍّ أو مَجْدٍ دُنْيَوِيّ (راجع : بطرس 5: 2-4).
 
"اِرْعَوا قَطيعَ الله الّذي أُوكِلَ إليكم واحرسوه... لا رغبةً في مَكْسَبٍ خَسيس، ولا تتسلّطوا على الذين هم في رعيتّكم، بل كونوا قُدْوَةً للقطيع..."
 
المُحافِظُ على الإيمان هو شعب الله كلّه، ومهمّةُ الأُسقفِ هي الإعلان عن هذا الإيمان.
 
اجتماعُ الأساقفةِ معًا هو أيضًا وَجْهٌ مِن وُجُوهِ الوحدة. فيه يحمل كُلُّ أُسقُفٍ كنيستَهُ معه، خبرتَها وضعفَها، كما أنّ الشّعبَ بِدَورِهِ يَحمِلُ أُسقُفَهُ في صَلاتِه، حتّى تأتيَ القراراتُ مُرْضِيَةً لِلّهِ ونافعةً لِبُنيانِ الكنيسة.
 
                                                                                                                                                              + أفرام
                                                                                                                                         مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروبارية القيامة  باللحن الثاني
 
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
طروبارية الرسولان بطرس وبولس باللحن الرابع
 
أيها المتقدمان في كراسي الرسل، ومعلِّما المسكونة، تشفَّعا إلى سيد الكل أن يمنح السلامة للمسكونة، ولنفوسنا الرحمة العظمى.
 
القنداق باللحن الثاني
 
يا شفيعةَ المَسيحيين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ اليكِ بايمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسَرعي في الطلبَةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفعةَ دائماً بمكرِّميك.
 
الرسالة: 2 كو 11: 21-33، 12: 1-9
 
إلى كلِ الأرضِ خرج صوُته السماواتُ تُذيعُ مجدَ الله
 
يا إخوةُ مهما يَجترِئ فيهِ أحدٌ (أقولُ كجاهلٍ) فأنا أيضاً أجترِئُ فيهِ، أعبرانيُّونَ هم فأنا كذلك. (أإسرائيليون هم فأنا كذلك. أذريَّةُ ابراهيمَ هم فأنا كذلك. أخدَّامُ المسيح هم (أقول كمختلِ العقل) فأنا افضل. أنا في الأتعابِ أكثرُ وفي الجلدِ فوقَ القياسِ وفي السجونِ أكثرُ وفي الموتِ مراراً. نالني من اليهودِ خمسَ مراتٍ أربعون جلدةً الا واحدةً. وضُربتُ بالعِصي ثلاثَ مرَّاتٍ ورُجمتُ مرةً. وانكسرتْ بي السفينةُ ثلاثَ مرَّاتٍ. وقضيتُ ليلاً ونهاراً في العُمق. وكنتُ في الأسفارِ مرَّاتٍ كثيرةً وفي أخطارِ السُّيول وفي أخطارِ اللصوص وفي أخطارٍ من جِنسي وأخطارٍ من الأُممِ وأخطارٍ في المدينة وأخطارٍ في البريَّة وأخطارِ في البحرِ وأخطارٍ بينَ الإخوةِ الكَذَبة، وفي التَّعب والكدِ والأسهارِ الكثيرة والجوع والعطش والأصوامِ الكثيرة والبردِ والعُري، وما عدا هذه التي هي من خارجٍ ما يتفاقَمُ عليَّ كُلَّ يومٍ من تدبير الأمور ومنَ الإهتمام بجميع الكنائس فمن يضعفْ ولا أضعف انا أو من يُشكَّكْ ولا أحترِق انا إن كانَ لا بدَّ منَ الإفتخار فاني أفتخرُ بما يَخُصُّ ضُعفي. وقد علمَ الله أبو ربِنا يسوعَ المسيحَ المبارَكُ إلى الأبدِ أني لا أكذب. كانَ بدمشقَ الحاكمُ تحتَ إمرةِ الحارثِ يحرُسُ مدينةَ الدمشقيينَ ليقبَضَ عليَّ، فدُليت من كوَّةٍ في زِنبيلٍ منَ السور ونَجوتُ من يديه انَّهُ يوافقني أن أفتخِرَ فآتي إلى رؤى الربِ وإعلاناتِه إني أعرِفُ إنساناً في المسيح مُنذُ أربعَ عشرَةَ سنةً (أفي الجسدِ لستُ أعلمُ امْ خارجَ الجسدِ لستُ أعلم. الله يعلم) أختُطِفَ إلى السماءِ الثالثة. وأعرِفُ انَّ هذا الإنسانَ (أفي الجسَدِ أم خارجَ الجسدِ لستُ أعلم. الله يعلم)، أختطفَ إلى الفردَوسِ وسمعَ كلمات سريَّةً لا يحلُّ لإنسانٍ ان ينطق بها، فمن جِهِةِ هذا أفتخر. وأمَّا من جهةِ نفسي فلا أفتخرُ الا بأوهاني فإني لو أردتُ الإفتخارَ لم أكُنْ جاهلاً لأني أقولُ الحقَّ. لكنّي أتحاشى لئلاً يظنَّ بي أحدٌ فوق ما يَراني عليه او يسمَعُهُ مِني، ولئلاَّ  استكبِر بفَرطِ الإعلاناتِ أُعطيتُ شوكةً في الجسَدِ ملاكَ الشيطانِ ليَلطمِني لئلاَّ استكبر ولهذا طلبتُ إلى الربِ ثلاث مراتٍ أن تُفارقني فقالَ لي تكفيك نِعمتي. لأنَّ قوَّتي في الضُّعفِ تُكمَل فبكُلِ سرورٍ أفتخرُ بالحِري بأهاوني لتستقِرَّ فيّ قوَّةُ المسيح.
 
الإنجيل: متى 16: 13-19
 
في ذلك الزمان، لمَّا جاءَ يسوع إلى نواحي قيصريةِ فيلبُّسَ سأل تلاميذَهُ قائلاً: مَنْ يقولْ الناسُ إنّي أنا ابنَ البشر؟ فقالوا قومٌ يقولون إنَّك يوحنا المعمدان وآخرون انَّك ايليَّا وآخرون انَّك ارميا أو واحدٌ من الأنبياءِ. فقال لهم يسوع وأنتم مَن تقولون إنّي هو، أجاب سمعانُ بطرسُ قائلاً انت المسيح ابنُ اللهِ الحيّ، فأجاب يسوع وقال لهُ طوبى لك يا سمعانُ بنُ يونا. فانَّه ليس لحمٌ ولا دمٌ كشف لك هذا لكِنْ ابي الذي في السماوات. وأنا اقول لك أنت بطرسُ وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وسأُعطيكَ مفاتيحَ ملكوتِ السماوات. وكلُّ ما حَلَلْتَهُ على الأرض يكونُ محلولاً في السماوات.
 
في الإنجيل
 
اذ نعيد اليوم للقديسين بطرس وبولس، فلا بد أن نرى الرابط الوثيق بينهما وعيد العنصرة، حيث هما صورة البشارة إلى العالم اليهودي والوثني، بعمل الروح القدس. ولذا نجد ان هناك سلطة أُعطيت لهما في الكنيسة. ولكن ما هي هذه السلطة؟ المسيح يمنح سلطة خاصة، وهي سلطة المحبة التي تبدأ بالخدمة وأولها خدمة الكلمة "ما جئتُ لأُخدم بل لأخدم". هي خدمة التواضع ومسؤولية نشر الكلمة إلى كل نفس صُلب المسيح من أجلها. تفوقها وأولويتها لهذه السلطة يجب أن تستند إلى القصد الإلهي، إلى الوصول إلى ملء قامة المسيح. فكل سلطة حتى ولو تغلفت بالخدمة والمحبة إذا لم تنسجم معها، فهي سلطة غريبة عن الكنيسة، فلا هيمنة ولا أمتلاك ولا نفوذ. فالرب يسوع لم يدعو بطرس إلى المشاركة فيها ولم يعطيه مفاتيحها الا لأنه فهم ان المسيح هو الأول والآخر فيها. وكما يقول أحد الآباء "هذا الصخر ليس ملك بطرس، وحده، ولكنه ملك كل انسان، ولكن لما قال ان اعترافه صخر، اعلن انه سيبني كنيسته على هذا الصخر، اي على هذا الإعتراف نفسه والإيمان نفسه".
 
فكل يدّعي بسلطة تبدو بشرية، عالمية، هو بعيد عن روح الخدمة. والصورة الكبرى لمفهوم السلطة الخدماتية تتجلى مع بولس الرسول في اصراره على فخر رسوليته الذي استند فيها إلى كل الآلام والعذابات التي تكبدها: في السجون، الجلد، ضرب العصي، الرجم. اخطار البحر، السيول، اللصوص، الجوع، الصوم،..... وفوق هذا كله افتخاره بضعفه الذي هو من أجل كلمة المسيح. ونحن في يومنا الذي نحياه، نحياه على أساس الإيمان بشخص المسيح الحياة مملوءة صبراً واحتمالاً ورجاءً، بين مجتمع عديم الإيمان منحرف وضال.
 
كما كان سابقاً هو اليوم، جهادنا وصراعنا كله قائم على اساس خدمة الكلمة بين اناس يصارعون مشاكلهم ويستهلكون حياتهم باهداف فارغة. لذا لنمتلئ من روح العطاء والتضحية بدون أن نخيب أمله من قلوب متصلِّبة تستهزأ من حضور المسيح، طالبين التوبة لنا أولاً وللباقين الذين ينامون نوم الخطيئة.
 
المسيح الحقّ
 
مهما تكلمنا عن الوحدة في الكنيسة وعن الحقيقة الواحدة تبقى ناقصة وعاجزين عن إيفاء حقّهما.إن الآباء المتوشحين بالله لم يتفقوا على رأي واحدٍ إلّا لما نطقوا بإلهامٍ إلهيٍّ بواسطة الروح، وفحَصوا بالروح الإلهي قانون الإيمان المغبوط الموّقر ودوّنوه بكتابةٍ إلهية التي علّموا بها بإيضاحٍ أن الكلمةَ مُساوٍ لوالدهِ بالأزليّةِ ومُعادلٌ له في الجوهرِ.
 
إذن الوحدة الكنسية تكون حول إيمانٍ واحدٍ مجتمعٍ حولِ روحٍ إلهيٍّ واحدٍ نابعٍ من رحمِ الكنيسةِ الواحدة!
 
الثالوث الأقدَس هو حركةٌ واحدةٌ، "وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ" (يو 10:17). هكذا كانت الكنيسة مجتمعٌ صغير على صورة الثالوث، الذي وإن كان بثلاثة أقانيم لكنّهُ إلَهٌ واحدٌ بجوهرٍ واحد، والجماعة مهما كانت كبيرة أم صغيرة، وحدهُ الإيمان بالرّب يجمعها، لأن كلّ شيءِ مُشتركٌ فيما بينهم، عندما انفصل حنَانيّا وامرأته سفِّيرة واختلسا أموال الجماعة انفصلا عنها هكذا يُفسّر موتَهما،"أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ" (أع 4:5).  
 
أما سفر أعمال الرّسل فيُعطينا صورة الجماعة الحقيقيّة المُتّحدة: "وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ" (أع 46:2) و في رسالة القدّيس بولس إلى أهلِ فيلبي يقول:"فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا (في 2:2).
 
قال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا (تك 1: 26) أي على صورة الثالوث، الله في حركة وهذا ما عبّر عنه كاتب أيقونة الثالوث أندره روبليف إذ نرى الملائكة الثلاث هم في حركة دائرية باحترام ووقار بالغيْن.
 
لا وحدة في الكنيسة الواحدة إلا بالمسيح أحد أقانيم الثالوث،"اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ" (يو 9:14). إذاً اتفاق الآباء في المجامع المقدّسة لصورة واضحة عن عمل الروح الواحد فيهم. فكل انقسام هو غريب عن الله لا بل هو من الشيطان لأنه هو المقسِّم والمفرِّق. من مزّق ثوبك؟ آريوس، أجاب المسيح، لأنّ آريوس شقّ الكنيسة وضلّ بتعاليمه الخراف وشتّتها.
 
إذا أردنا وحدة ليس على الصعيد العام، بل على صعيدالكنيسة، العائلة، الرعية، الأبرشية، لا تتم إلاّ باتفاق الجميع حولَ الإيمان الواحد المُسلّم مرّةً من القديسن، "اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ" (يهوذا 3:1)، "اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا" هكذا يُشدّد الرسول بولس أهل كورنثوس (1كور 13:16).وحولَ الكأسَ الواحدة، كلُّ ما عدا ذلك وحدةُ أبدانٍ لا قيمة لها، وبروتوكولاتٍ عالميّة لا نفعَ لها. المسيح لا يُلغي شخصية الإنسان، لا بل يُعزّزها في الوحدة والشركة مع الآخرين! فالثالوث الأقدسْ هو واحدٌ لكنّه مُثلّث الأقانيم، ولكلِّ شخصٍ منهُ لهُ فرادتهُ، هكذا الرّوح القدُس الواحد يُعطيالمواهب التي هي مختلفة عن الآخر، والجميع يصبّون في نبعٍ واحدٍ أيّ الكأسَ المقدَّسة،التي هي التعبير الأخير لوحدة الكنيسة.
 
"إن آريوسَ الغبيّ قد قسّمَ وِحدةَ رئاسةَ الثالوث الكلّي قدْسه... فلأجلِ ذلك الآباء المتوشحونَ باللهِ قد التأَموا بنشاطٍ مُلتهبينَ بالغيْرةِ كمثلِ إيليا التزفيتي وقطعوا بسيفِ الرّوح للمُتّصِف بالخزي". (عشية أحد الآباء من صلاة المساء).
 
كم نحن بعيدون عن هذه الوحدة التي تصل الحقيقة الواحدة!
 
كم ننظر إلى الحقيقة، لكنّنا عميان أمامها، في المسيح ليس هناك من ميوعة. المسيح لم يكن مائعًا!
الكنيسة أمام الخطر لم تكن واهِنة، الآباء القديسون عبّروا عن إيمان الكنيسة وهم حاملون سِمات العذاب تماماً كالمسيح بعد القيامة.
 
 نسأل هل هذه الروح الشهادية التي كانت ملتهبة في الكنيسة ما زالت موجودة؟؟
 
أمام النور يضمّحل الظلام وتنحل قواه، أمام نورُ المسيح كلُّنا عراةٌ وخطأة، ونستُر وجوهَنا من الخِزي. هو الحق
الكامل والحقيقة الكاملة، ليس هناك من حقائق على الأرض، إذا عندنا هذا الإيمان وهذا التمسك بالحق: "هذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يو 17:3).
 
الكنيسةُ تُكثر من احتفالاتها بآحاد الآباء ليس لكي نتهم أولئك القديسين بالتعصُّب كما هو منطق العالم اليوم! لا الكنسية تحثُّنا للإقتداءِ بهم في الحفاظ على الإيمان المسلّم مرّة واحدة. 
 
نعم، كلّ شخصٍ في الكنيسة بامكانه أن يكون "أب" يلدُ للكنيسةِ أبناءً، ولكي يكون الواحدُ مِّنا "أب" عليه أن يكون على مثال الُمعلّم حاملٌ صليبَه مع أوسمتهِ، أعني الخزي، البِصاق، المسامير مع إكليل الشّوك. 
 
لن نكون آباء ومتّحدين بروح هذا العالم الذي وللأسف دخل إلى عمق كنيسة المسيح، وصار يعمل بها كأبناء هذا الدهر. نحن لسنا أبناء هذا الدهر، نحن وُلدنا من رحمِ الكنيسة بالموت والقيامة. ومُسحنا بالدهن الشهي وأصبحنا منذ المعمودية واحداً مع الثالوث الواحد.
 
لكي تتحقّق الوحدة علينا أن ننزع الأنا، علينا أن ننسحق أمام الآخر، عليْنا أن نتواضع، علينا أن نصمت لكي يتكلم فينا روح الله! ليصمت كلّ ذي جسديْ...
 
ختاماً نقول وندعو من أعماق القلب بفكرٍ مِلئهُ الرجاء قائلين: أيها الواحدُ الفائق الجوهر والرب المثلّث الأشخاص المنيرة الكائن بلاهوتٍ واحد فهّمنا وأهلّنا لإشراقاتك الإلهية. آمين.