الخميس 25 كانون الأوَّل 2014
25 كانون الأول 2014
الخميس 25 كانون الأوَّل 2014
ميلادُ ربِّنَا وإِلهِنَا ومخلِّصِنَا
يسوعَ المسيحِ بالجَسَدِ
رسالة الميلاد روحيَّة الميلاد
"لمَّا حانَ مِلْءُ الزَّمَانِ أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ مولودًا من امرأةٍ مولودًا تحتَ النَّاموسِ لِيَفْتَدِيَ الَّذينَ تحتَ النَّاموسِ لِنَنَالَ التَّبَنِّي" (غلاطية 4: 4-5)
عبارة "ملء الزَّمان" تعني أن ليس علينا أن ننتظر أزمنة تعطينا معرفة جديدة بالله، لأنَّنا نلنا كلّ معرفة بالمسيح. "لننال التَّبنِّي"، لأنَّه بالخطيئة لم نعد أبناءَ الله. المسيح وحده هو ابن الله جوهريًّا أزليًّا. أمَّا نحن، فأبناء بفضل الابن ومحبّته لنا. لذلك، قال "بالتَّبنِّي"، ولم يقل لننال البُنُوَّة. بسبب هذا، نستطيع أن ننادي الله "أبانا"، وهذا يتمّ بانسكاب الرُّوح القدس علينا بالمعموديّة.
"الرَّبُّ نوري ومخلِّصِي" (مزمور 26: 1). إنَّه نورٌ ومخلِّصٌ لكَ شخصيًّا. يقول القدّيس مكسيموس المعترِف بشأن سرّ التّجسّد الإلهيّ: "حدث التّجسّد الإلهيّ يتكرّر سرّيًّا وروحيًّا. يجعل النَّفْس البتول أُمًّا غير فاسِدَة تَلِدُ المسيحَ للعالم مخلِّصًا، كونها منزَّهَة عن الأهواء والأمور الأرضيّة". في عالم أنانيّ، ظالِم، جَشِعٍ، يأتي الإيمان بسرّ التّجسّد الإلهيّ رجاءً وحيدًا لمستقبلٍ أفضَل. هكذا، كلّ مِنَّا بتوبته يتهيَّأُ لاستقبال يسوع في العيد.
* * *
الميلاد درسٌ عظيمٌ في التّواضع والبساطة. الإله الحقيقيّ يصير إنسانًا طفلًا، ويولَد في مذود البهائم، ينشأ بعدها في بيت نجّارٍ فقيرٍ وأُمٍّ وضيعة هي والدة الإله. حقًّا، كما يقول القدّيس أثناسيوس الكبير، حَدَثُ الميلادِ سرٌّ عظيم. وطريق الألوهة أو التّألُّه، حسب القدّيس غريغوريوس بالاماس، تَمُرُّ بالتَّواضُعِ لا بالإفتخار.
* * *
الأنبياء والفلاسفة هيَّأُوا لظهور المخلِّص. الفلسفة اليونانيَّة هيَّأَت الفكر البشريّ لظهور المسيح بالجسد عن طريق "الكلمات المَزْرُوعَة" (Spermata logoi)، كما يقول القدّيس يوستينوس الشّهيد. المسيحُ حقَّقَ أُمْنِيَةَ القلوبِ الطَّيِّبَة في كلّ الشّعوب، حقَّقَ كلّ الإنتظارات، ولا تنتظر الإنسانيّة بعده شيئًا روحانيًّا آخَر. المسيحُ هو ابنٌ أزليٌّ ووحيدٌ للآب، وهو الَّذي جَعَلَنَا أبناءً بالتَّبَنِّي. اللهُ يَظْهَرُ مُخَلِّصًا للنَّاس، ويُظْهِرُهُم أبناءً، عن طريق تواضع يسوع، وعن طريق سلوكنا بالوداعة والتّواضع.
أخيرًا وليس آخِرًا، كيف نستعِدُّ للعيد حتَّى يصبحَ القلبُ المذودَ والتَّوبةُ هي الرُّؤية، والتّجدُّدُ هو القرار؟!. النَّاس مأخوذون بشهوة الطَّعام وشهوة الجسد. لقد جاء يسوع ليُغَيِّرَ الكون. الضَّعْفُ في كلّ مكان، في كلّ إنسان، وكذلك الكسل والجهل. حتَّى الكنيسة تصبح، في كثير من الأحيان، مَرْتَعًا للمجد العالَمِيّ والمظاهِرِ الباطِلَة، مُجْتَمَعًا مَدَنِيًّا، فيها الطّمع والكسب، فيها كذب العالم وفساده، فيها الفُتُور وقَلَّمَا نجد فيها
مُلْتَهِبِينَ بالحُبِّ الإلهيّ. مَنْ مِنَّا يَعْتَبِرُ أَنَّ المسيحَ هو كلّ شيء؟!. منْ مِنَّا يعيشُ في تواضعٍ ووداعةٍ على صورة هذا الطِّفل الإلهيّ الَّذي انطَرَحَ في مذودٍ، وجاوَرَهُ بُسَطَاءُ القَوْم؟!...
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة عيد الميلاد باللَّحن الرَّابِع
مِيلَادُكَ أَيُّهَا المَسِيحُ إِلَهُنَا قَدْ أَطْلَعَ نُورَ المَعْرِفَةِ في العَالَم، لأَنَّ السَّاجِدِينَ للكَوَاكِبِ بِهِ تَعَلَّمُوا مِنَ الكَوْكَبِ السُّجُودَ لَكَ يَا شَمْسَ العَدْل، وأَنْ يَعْرِفُوا أَنَّكَ مِنْ مِشَارِقِ العُلُوِّ أَتَيْت، يَا رَبُّ المَجْدُ لَك.
قنداق الميلاد باللَّحن الثَّالِث
اليومَ البتولُ تَلِدُ الفَائِقَ الجَوْهَر، والأرضُ تُقَرِّبُ المغارَة لِمَنْ هُوَ غيرُ مُقْتَرَبٍ إليه، الملائكةُ مع الرُّعَاةِ يُمَجِّدُون، والمجوسُ مع الكوكبِ في الطَّريقِ يَسِيرُون، لأَنَّه قَدْ وُلِدَ مِنْ أَجْلِنَا صَبِيٌّ جديدٌ وهو الإلهُ الَّذي قَبْلَ الدُّهُور.
الرِّسَالَة
غلا 4: 4-7
لِيَسْجُدْ لَكَ كُلُّ أَهْلِ الأَرْضِ وَيُرَتِّلُوا لَكَ
هَلِّلُوا لِلهِ يَا جَمِيعَ أَهْلِ الأَرْضِ
يا إخوةُ، لمَّا حانَ مِلْءُ الزَّمانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ مَوْلُودًا من امرأةٍ، مَوْلُودًا تحتَ النَّاموسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذينَ تحتَ النَّاموس، لِنَنَالَ التَّبَنِّي. وبِمَا أَنَّكُم أَبْنَاءٌ أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إلى قُلُوبِكُم صارِخًا يا أَبَّا الآبُ. فَلَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلْ أَنْتَ ابْنٌ، وإِنْ كُنْتَ ابْنًا، فَأَنْتَ وَارِثٌ لِلهِ بيسوعَ المسيح.
الإنجيل
متَّى 2: 1-12
لمَّا وُلِدَ يسوعُ في بيتَ لَحْمَ اليهوديَّة في أيَّام هيرودُسَ المَلِك، إذا مجوسٌ قد أَقْبَلُوا من المَشْرِقِ إلى أورشليمَ قائلين: أينَ المولودُ ملكُ اليهود؟. فإنَّنا رأينا نجمَهُ في المَشْرِقِ فوافَيْنَا لِنَسْجُدَ له. فَلَمَّا سَمِعَ هيرودُسُ الملكُ اضْطَرَبَ هو وكُلُّ أورشليمَ معه. وجَمَعَ كلَّ رُؤَسَاءِ الكهنةِ وكَتَبَةِ الشَّعبِ واسْتَخْبَرَهُم أينَ يُولَدُ المسيح. فقالُوا له في بيتَ لحمَ اليَهُودِيَّة، لأنَّه هكذا قد كُتِبَ بالنَّبِيِّ: وأَنْتِ يا بيتَ لحمُ أرضَ يَهُوذَا، لَسْتِ بِصُغْرَى في رؤساءِ يهوذا لأنَّه مِنْكِ يَخْرُجُ المُدَبِّرُ الَّذي يَرْعَى شعبي إسرائيل. حينَئِذٍ دَعَا هيرودُسُ المَجُوسَ سِرًّا وتَحَقَّقَ منهم زمانَ النَّجمِ الَّذي ظَهَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَهُم إلى بيتَ لَحْمَ قائِلًا: اِنطلِقُوا وابحَثُوا عن الصَّبيِّ بتدقيقٍ، ومتى وَجَدْتُمُوهُ فأَخْبِرُونِي لكي آتِيَ أنا أيضًا وأَسْجُدَ له. فلمَّا سَمِعُوا مِنَ الملكِ ذَهَبُوا، فَإِذَا النَّجْمُ الَّذي كانوا رَأَوْهُ في المَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُم حتَّى جاءَ وَوَقَفَ فَوْقَ المَوْضِعِ الَّذي كانَ فيه الصَّبِيُّ. فلمَّا رَأَوا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا وأَتَوْا إلى البيتِ فَوَجَدُوا الصَّبِيَّ مَعَ أُمِّه فَخَرُّوا سَاجِدِينَ له، وفَتَحُوا كُنُوزَهُم وقَدَّمُوا له هَدَايا من ذَهَبٍ ولُباَنٍ ومُرٍّ. ثُمَّ أُوحِيَ إِلَيْهِم في الحُلْمِ أنْ لا يَرْجِعُوا إلى هيرودُسَ، فانْصَرَفُوا في طَرِيقٍ أُخْرَى إلى بلادِهِم.
في الإنجيل
"وَلَمَّا حَانَ مِلءُ الزَّمان".
يُطِلُّ علينا الرّسول بولس، في رسالة هذا العيد المجيد، بهذه الافتتاحيّة الّتي تختصِر، في كلماتها القليلة، تدبيرًا خلاصِيًّا به ارتفَعَ الإنسان من العبوديّة إلى أن يكون "ابنًا" لله.
"وَبِما أَنَّكُمْ أَبْناء، أَرْسَلَ اللهُ روحَ ابْنِهِ إِلى قُلوبِكُم، صارِخًا: أَبَّا (ABBA)، أَيُّها الآب". ثمر هذه البُنُوَّة هو سُكْنَى الرّوح القدس في قلوبنا لكي تلتصق بالله أكثر فأكثر، التصاقًا بَنَوِيًّا، كالتصاق الرّضيع بأُمِّهِ. الرّضيع الّذي تكون أولى كلماته، حين ينادي أباه: أَبَّا (ABBA). هذا، لأنّه يكون ضعيفًا، طريًّا، وبِأَمَسِّ الحاجة إلى رعاية أبيه ومحبّته واحتضانه. وتُعَبِّر هذه المناداة عن طلب هذه الاحتياجات جميعها.
نسمع، إذًا، في كلّ عيد ميلاد، هذه الرّسالة من الرّسول بولس، لكي نتذكّر المعنى الأكثر أهمّيّة لهذا العيد. أليس أعذب معنى له أن نشعر أنّنا أبناء أبينا السّماويّ، وكم نحن بحاجة إلى تحنانه وعطفه ورعايته واحتضانه وحمايته من جميع أنواع التّجارب والشّرور المحدِقَة بنا!.
هل فقدنا براءة الأطفال والرُّضَّع من قلوبنا، حتّى بِتْنَا لا نشعر أنّنا ضعفاء، لا نقوى على مواجهة هذه الحياة من تلقاء أنفسنا؟!...
هل تجمَّدَ شعورنا بالحاجة إلى ربّنا والإعتماد عليه؟!...
والأقسى من هذا كلّه، هل فقدنا طاعة ناموس ربّنا ومحبّته في سبيل أن نُطيع أهواء قلوبنا وأنانيّاتنا، حتى نتوصّل إلى أن نُمْلِي على ربّنا كيف يجب عليه أن يكون، وبالتّالي، نُبرِّر لأنفسنا كيف نكون؟!...
في هذا العيد، تعصف بنا هذه التأمّلات، ونحن بحاجة إلى واحدة.
نحن بحاجة، يا ربّ، وبقوّة روحك الّذي في قلوبنا، إلى أن نتذكّر أنّنا أبناءُ محبّتك، أبناء لطفك. ولا يبقى أيّ انسان – بميلادك – عبدًا لآلاتِ البُغْضِ والقتلِ والتّدمير، أو خادِمًا لمن لم يعد فيهم قلب يعرف الشَّفَقَة أو العدل أو اللّطف، ولا يريدون أن يعرفوا أنّ ميلاد الرّبّ هو لكلّ انسان آتٍ إلى العالم، لكي يصير ابنًا له و"وارِثًا لله بيسوع المسيح".
صقيع الرُّوح
عكفَ الإنسانُ منذ آلافِ السّنين على مراقبةِ سَيْرِ القُرْصِ المُنِيرِ العجيبِ الَّذي يُضِيءُ الأرضَ ويُدْفِئُهَا. ونظرَ إليه بإعجاب ومحبّة وخِشْيَة، وصَلَّى له كإله. وفَهِمَ أنَّ الشمسَ هي مصدر كلّ حياة وحرارة وطاقة له ولأولاده، وأنّه لولاها لما كان هو ولا الحيوان ولا النّبات. لهذا، كانت الشّمس موضوع عبادة في الحضارات القديمة، ومنهم الرّومان الوثنيّون الّذين كانوا يحتفلون يوم 25 كانون الأوّل بعيد "الشّمس الّتي لا تُقْهَر"، تَزَامُنًا مع الحساب القديم لموعد الإنقلاب الشّتويّ. فقامَتِ الكنيسةُ بتعميد هذا العيد، وإعطائه صبغة مسيحيّة جديدة، واسمًا جديدًا هو "عيد ميلاد ربّ الشّمس". وقد ذَكَرَتْ كتابات آباء الكنيسة، ومنذ مرحلة مُبَكِّرَة أنّ المسيح هو "شمس البِرّ"، كما تنبّأ ملاخي (2:4). ولعلّ أبرز هذه الكتابات، في مقارنة المسيح بالشّمس، هي كتابات الذّهبيّ الفم الّذي اعتبرَ أنَّ "الشَّمسَ الَّتي لا تُقْهَر هي شمس البِرِّ وشمس العدل، أي يسوع المسيح". ويضيف القدّيس أمبروسيوس "أنّ المسيح هو شمسنا الجديدة". وهذه المقارَنَة تُوجَدُ في العديد من طروباريّات الأعياد (دخول السَّيِّد إلى الهيكل، ميلاد السَّيِّدة، ميلاد السَّيِّد)، وفي الكتابات اللّيتورجيَة أيضًا.
فبماذا تفي هذه المقارنة موضوعنا عن صقيع الروح؟!.
إذا كانت الشّمس تمنح الحرارة والدّفء لكلّ ما هو مادّيّ، وتحصّنه ضدّ البرودة والصّقيع، بالتَّالي ضدّ الامراض، فكم بالحريّ يكون دفء إله الشّمس والسّماء والأرض وملئهما. فكما يُعَرِّضُ غياب الشمس الجسمَ للصَّقيع، هكذا يعرّض غياب المسيح الرُّوحَ للصَّقيع. لقد قيل عن الرّبّ: "إِلَهُنَا نارٌ آكِلَة" (عبرانيين 12: 29)، ومن يسكنُ فيه روح الله لا بُدَّ أن يكون مُشْتَعِلًا بهذه النّار المقدَّسَة. فإن ابتعدَ عن هذه النّار، أو عن شعاع المسيح، أُصِيبَ بالفُتُورِ الرُّوحِيّ، الّذي مَتَى طَالَتْ مُدَّتُهُ يزدادُ قوَّةً، ويتحوَّلُ إلى برودَةٍ فصقيعٍ روحِيٍّ، ويصيرُ الإنسانُ جُثَّةً هَامِدَةً في الكنيسةِ ومرتعًا للأهواء.
يقول أحد الأمثال الإنكليزيّة: "البيتُ الَّذي تدخُلُهُ الشَّمسُ لا يدخُلُهُ الطَّبيب". ما يعني أنَّ الشَّمسَ تَحْمِي البيتَ وتمنحُهُ مناعةً لمقاومَةِ الأمراض. هكذا، أيضًا، الرّبّ يسوع المسيح، شمسنا، يمنع دخول الأهواء إلى قلوبنا، ويدفئنا بمحبّته اللَّامتناهية. وكما يملأُ النّهرُ الوديانَ المُنْخَفِضَة، هكذا يملأُ الرّبُّ يسوعُ قلوبَ المؤمنين المُنْكَسِرَة بالتَّوبة، والمنسحقَة والمتواضِعة بالرُّوح القُدَس. فينتُجُ منه فرحُ القلبِ وسلامُ الفكرِ اللّذان لا بدّ لهما من أن ينعكِسَا على الآخَرِين. ولكي يَفِيضَ شعاعُ الرَّبِّ ونارُ الرُّوحِ فينا، علينا أن نزيلَ من أمامه كلّ معطِّل لجريانه وفيضانه. مع اقتراب عيد الميلاد، فلنَحْرَصْ على أن لا نُطِيلَ الجلوس في الظِّلِّ فنخسر دفء الشّمس الآتي إلينا من علوّ السّماء، ولنوجّه وجوهنا نحو أشعّة شمسه، فلا نعود نرى الظّلّ ولا يُمِيتُنا صقيعُ الرُّوح، ففي المغارة تُوجَدُ شمسٌ مضيئةٌ تَشُعُّ على الصَّالِحِين والأشرار.
أقوال آبائيّة في سِرِّ التَّجِسُّد
القدّيس ايريناوس أسقف ليون
كيف يمكن للإنسان أن يذهب إلى الله لو لم يكن الله قد جاء أوَّلًا إلى الإنسان. من أجل ذلك، صار الكلمة إنسانًا وصار ابن الله ابنًا للإنسان لكي يتَّحِدَ الإنسان بـ"الكلمة" فينال التّبنِّي ويصير ابنًا لله (ضدّ الهرطقات).
القدّيس باسيليوس الكبير
حَنَّة النّبيَّة بشَّرَت به، وسمعان الشَّيخ احتضَنَه، وفي الطِّفل الصَّغير كانا يعبدان الإله العظيم. لم يحتقراه بسبب المنظر الخارجيّ، بل كانا يمجِّدان عظمة لاهوته. فقد كانت قوَّته الإلهيَّة تُضيء عبر جسده البشريّ كمثل النّور عبر ألواح الزُّجاج (عظة عن الميلاد).
القدّيس غريغوريوس النيزنزيّ اللّاهوتيّ
ما هذا السّرّ الجديد الّذي يخصّني؟. إنّي صغير وعظيم، حقير وسَام، مائت وغير مائت، أرضيّ وسماويّ. الأولى مع العالم السُّفليّ والأُخرَى مع الله، الأولى مع الجسد والأُخرَى مع الرّوح. ينبغي أن أُدْفَنَ مع المسيح وأَقُومَ معه، أن أَرِثَ معه وأصيرَ ابنًا لله، بل أَصِيرُ مُتَّحِدًا
بالله نفسه. هذه هي غاية السّرّ الأعظم من نحونا، هذا ما يريده الإله الّذي تأنَّسَ وافتقَرَ لأجلنا، لكي يُقِيمَ الجسدَ ويفتَدِيَ الصُّورةَ، ويُجَدِّدَ خِلْقَةَ الإنسان (عظة في عظمة الله).
وأيضًا يقول:
لقد وُلِدَ بكلِّ ما للإنسانِ، ما خلا الخطيئة. وُلِدَ من العذراء، طهَّرَهَا الرُّوحُ القدس جسدًا وروحًا، خرج منها إلهًا مع الجسد الَّذي اقتناهُ واحدًا من اثنينِ مختَلِفَيْنِ، جسدًا وروحًا، حيث أحدهما كان يؤلِّهُ والآخَرُ يَتَأَلَّهُ. فهو الكائن بذاته يصيرُ جسدًا، وغير المخلوق يتَّخِذُ صفةَ المخلوق، وغير المَحْوِيّ يَدْخُلُ إلى حَيِّزِ المكان والزَّمان، ومُعْطِي الغِنَى يَجْعَلُ نفسه فقيرًا (عظة عن الظُّهور الإلهيّ).
القدِّيس كيرلّس الأورشليميّ
لِيُرَنِّمْ كلّ لسان وليُسَبِّح الجميع ويمجِّدُوا الطّفل الإله، الطِّفل الصّغير وهو القديم الأيّام، الطِّفل الرّضيع وهو خالق العالمَيِن، فإنّي أرى طفلًا ولكن أُمَيِّزُ فيه إلهي، أرى طفلًا رضيعًا وهو الّذي يَعُولُ العالم كلّه، طفلًا باكِيًا وهو المانح للعالم الفرح والحياة، طفلًا مُقَمَّطًا وهو الَّذي يَفُكُّنِي من رباطات الخطيئة. ها الطّفل قد أَبْطَلَ الموت وأَخْزَى الشّيطان، وحَلَّ النِّعمة، وأَبادَ الحزن، ومنحَ الخليقة القيامة. هذا الطِّفل قد خلَّصَ آدم وأعاد خِلْقَةَ حوّاء (عظة عن مجيء الرّبّ).
أخبـــارنــــا
قدَّاس عيد الميلاد
يُحْتَفَلُ بعيد الميلاد المجيد في كلِّ كنائس الأبرشيَّة. ويترأَّس راعي الأبرشيّة، سيادة المتروبوليت أفرام الجزيل الإحترام، القدّاس الإلهيّ في كنيسة الميلاد في رعيَّة مجدليَّا يوم الخميس الواقع فيه 25 كانون الأوَّل 2014. تبتدئ صلاة السَّحر عند السَّاعة السَّابعة والنّصف صباحًا، ويليها القدّاس الإلهيّ.
ويستقبل سيادته المهنِّئين بالعيد في دار المطرانيّة ابتداءً من السّاعة الحادية عشرة صباحًا وحتّى الواحدة ظهرًا، ومن السّاعة الرّابعة بعد الظّهر وحتّى السّابعة مساءً.
ويعايد سيادته بهذه المناسبة كلّ أبناء الأبرشية: ميلاد مجيد.