الأحد 6 تشرين الأوَّل 2013

الأحد 6 تشرين الأوَّل 2013

06 تشرين الأول 2013
 
 
الأحد  6 تشرين الأوَّل  2013
العدد 40
الأحد (15) بعد العنصرة
اللَّحن السَّادِس       الإيوثينا الرَّابِعَة
 
*  6: الرَّسول توما، كينذياس البارّ.  *7: الشَّهيدان سرجيوس وباخوس، الشَّهيد بوليخرونيوس.  *8: البارَّة بيلاجيا، تائيس التَّائبة، سرجيوس رادونيج (25 أيلول ش).*9: الرَّسول يعقوب بن حلفا، البارّ أندرونيكس وزوجته أثناسيَّا، إبراهيم الصِّدِّيق ولوط *10: الشَّهيدان إفلَمْبيوس وأخته إفلمبيَّة. * 11: الرَّسول فيلبُّس أحد الشَّمامسة السَّبعة، البارّ اسحق السِّرياني (28 أيلول شرقي)، ثيوفانِّس الموسوم، فيلوثيوس بطريرك القسطنطينيّة. *12: الشُّهداء بروفوس وأندرونيكُس وطراخُس، سمعان اللَّاهوتيّ الحديث. *
 
 
 
مَعْمُودِيَّةُ الأَطفَال
 
"دعُوا الأطفالَ يأتونَ إليَّ ولا تمنعُوهُم، لأنَّ لمثلِ هؤلاءِ ملكوت السَّماوات" (مرقس 10: 14).
 
يعتقد العقلانيّون، ومنهم البروتستانت، أنَّ ممارسة سرّ المعمودية للأطفال ﭐبتِكارٌ غير كتابيّ، مُدَّعِين أنَّ الرُّسل لم يعمِّدُوا قطّ من كان صغير السِّنّ. نقرأ في أعمال الرُّسل (2: 41) أنَّ الشَّعب بعد سماعه عظة الرَّسول بطرس "قَبِلَ كلامَه بفرحٍ وﭐعتَمَدُوا وﭐنضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نَفْس". لا بدَّ أن يكون فيما بينهم أطفال. راجِع أيضًا معموديَّة كورنيليوس مع "جميع أهل بيته" (أعمال 10 و11) و(أعمال 16: 15) حيث ﭐعتمَدَتْ ليدية هي وأهل بيتها.
 
هنا كلمة بيت (οἶκος) تعني العائلة برمَّتها. وفي "التَّقليد الرَّسوليّ" (حوالي 215 م.) يأمر القدِّيس هيبُّوليتُس أسقف روما "بأن يعمِّدوا الأولاد أوَّلًا، وإن كانوا يستطيعون الإجابة على أسئلة الكاهن بأنفسهم فليَفْعَلُوا وإلَّا فَلْيُجِبْ والداهم أو أقرباء آخرين عنهم".
وقد أقرّ مجمع قرطاجة مع رئيسه القدِّيس كبريانوس بأنَّ معموديَّة الأطفال كانت ملائِمَة ويمكن أن تتمَّ في اليوم الثَّالِث لولادة الطِّفل ولا تحتاج إلى تأجيل أكثر من ثمانية أيَّام.
* * *
أيُّها الأحِبَّاء!، إنَّ الإيمان بيسوع المسيح ربّنا وإلهنا ليس مجرَّدَ فكرةٍ عقلانيَّة. إنَّه رباط ثقة
ومحبّة قبل كلّ شيء. الطِّفل قادر أن يبنِيَ على طريقته علاقةَ ثقةٍ مع الآخَرِين، وإن كان لا 
 
يستطيع أن يفهم عقلانيًّا شيئًا عن الله كالرَّاشِد لكنَّه قادِرٌ أن يثِقَ به ويحبّه. 
قال الرَّبُّ يسوع عندما تناول ولدًا بين ذراعيه: "من أَعْثَرَ أحد هؤلاء الصِّغار المؤمنين بي فخير له أن يُعَلَّقَ في عنقه حجر الرُّحى ويغرَّق في لجَّة البحر" (متَّى 18: 6). الطِّفل يأخذ الغذاء الرُّوحيّ، عن طريق أسرار المعموديَّة والميرون والمناولة (أسرار الدُّخول الَّتي تجعله عضوًا في جسد المسيح، في شعب الله الجديد الكنيسة)، كما يتناول الغذاء الجسديّ، الحليب، من صدر أمّه.
وبالمناسبة، أيضًا،  نتعجَّب من الكنيسة الكاثوليكيَّة كيف تضع تحديدًا للسِّنِّ الَّذي يُسْمَحُ فيه للولد أن يتقدَّم من الإشتراك في الأفخارستيّة!.
 
لقد أثَّرَتْ بهذا الفعل على الكنيسة الإنجيليَّة في عدم إعطاء سرّ المعموديّة للأطفال بسبب سنّهم! منطق عقلانيّ مرفوض لا يوجد له أَثَر في الكتاب المقدّس على الإطلاق. أجاب الرّبّ على هذا كلّه بقوله:
"دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأنّ لمثل هؤلاء ملكوت السّماوات" (مرقس 10: 14).
هذا كلّه لا ينسينا واجبنا أن نسلِّمَ أولادنا المعمَّدِين إلى عائلة مسيحيّة ملتزِمَة (أو عرَّابَيْن) لكي تتعهَّد تربيتهم تربية حَسَنَة على الإيمان القويم. 
 
                                           + أفرام 
                   مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
 
 
طروباريَّة القيامة   باللَّحن السَّادِس
 
إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
 
القنداق   باللَّحن الثَّانِي
 
يا شفيعَةَ المسيحيِّين غَيْرَ الخازِيَة، الوَسيطَةَ لدى الخالِقِ غيْرَ المرْدُودَة، لا تُعرِضِي عَنْ أصواتِ طَلِبَاتِنَا نَحْنُ الخَطَأَة، بَلْ تدارَكِينَا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحْنُ الصَّارِخِينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِرِي إلى الشَّفاعَةِ وأَسْرِعِي في الطِّلْبَةِ يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمُكَرِّمِيكِ.
 
 
الرِّسَالَة
2 كو 4: 6-15
 
خلِّصْ يا رَبُّ شَعْبَكَ وبَارِكْ ميراثَكَ
إليكَ يا رَبُّ أَصْرُخُ إلهِي
 
يا إخوةُ،  إنَّ اللهَ الَّذي أَمَرَ أَنْ يُشْرِقَ من ظُلمةٍ نُورٌ هو الَّذي أشَرَق في قلوبِنا لإنارَةِ معرِفَةِ مجدِ اللهِ في وجهِ يسوعَ المسيح. ولنا هذا الكنزُ في آنِيةٍ خَزَفيَّةٍ ليكونَ فضلُ القوَّةِ لله لا مِنَّا، مُتَضَايِقِينَ في كُلِّ شَيءٍ ولكن غيرَ مُنحَصِرِين، ومُتحيِّرينَ ولكن غيرَ يائِسِين، ومُضطَّهَدين ولكن غيرَ مَخذُولِين، ومَطروحِين ولكن غيرَ هالِكِين، حامِلينَ في الجَسَدِ كُلَّ حينٍ إماتَةَ الرَّبِّ يسوعَ لتَظْهَرَ حياةُ يسوعَ أيضًا في أجسادِنا. لأنَّا نحنُ الأحياءَ نُسلَّمُ دائمًا إلى الموتِ من أجلِ يسوعَ لِتَظْهَرَ حياةُ المسيحِ أيضًا في أجسادِنا المائِتَة. فالموتُ إذَنْ يُجْرَى فينا والحَيَاةُ فيكم. فإذ فينا روحُ الإيمانِ بِعَينِهِ على حَسَبِ ما كُتِبَ إِنِّي آمَنْتُ ولذلكَ تكلَّمْتُ، فَنحنُ أيضًا نؤمِنُ ولذلِك نَتَكلَّم، عالِمِينَ أَنَّ الَّذي أقامَ الرَّبَّ يسوعَ سيُقِيمُنَا نحنُ أيضًا بيسوعَ فننتَصِبَ مَعَكُم، لأنَّ كلَّ شيء هو من أجلِكُم، لكي تتكاثَرَ النِّعْمَةُ بشُكْرِ الأكثَرِينَ فتزدادَ لمجدِ الله.
 
الإنجيل
لو 7: 11-16 (لوقا 3)
 
في ذلك الزَّمان كان يسوعُ مُنْطَلِقًا إلى مدينةٍ ﭐسمُهَا نايين، وكان كثيرون من تلاميذِه وجمعٌ غفيرٌ مُنْطَلِقِينَ معه. فلمَّا قَرُبَ من بابِ ﭐلمدينة، إذا مَيْتٌ محمولٌ، وهو ﭐبنٌ وحيدٌ لأمِّه، وكانت أرمَلَةً، وكان معها جمعٌ كثيرٌ من ﭐلمدينة. فلمَّا رآها الرَّبُّ تَحَنَّنَ عليها، وقال لها: لا تبكِي. ودَنَا ولَمَسَ النَّعْشَ فوقفَ ﭐلحامِلُون. فقال: أَيُّها الشَّابُّ، لكَ أقولُ قُمْ. فـﭑسْتَوَى المَيْتُ وبدأَ يتكلَّم، فسلَّمَه إلى أمِّه. فأخَذَ ﭐلجميعَ خوفٌ، ومجَّدُوا اللهَ قائِلِين: لقد قامَ فينا نَبِيٌّ عظيمٌ وﭐفتَقَدَ اللهُ شعبَه.
 
 
في الرِّسَالَة
 
يُحَدِّثُ الرَّسُولُ الكورنثِيِّينَ عن النُّور "الَّذي أشرقَ في قُلوبِنا"، أي نور الإيمان. فيبدأُ كَلامَهُ بتذكيرهم بأنَّ الله، في البداية، خَلَقَ النُّورَ الطَّبيعيّ- ولا شكَّ أن عَمَلَ الخَلْقِ ذلك كان عظيمًا جدًّا- إلَّا أنَّ اللهَ نفسَهُ، الَّذي خَلَقَ ذلك النُّورَ العظيم، جَعَلَ قُلُوبَنا تَستَنِيرُ لنتمَكَّنَ من مَعرِفَةِ مجدِ الله. وهذا خَلْقٌ جديدٌ أعظمُ مِنَ الأوَّل، لأنَّ هذه الاستنارَةُ الدَّاخِليَّةُ لم تَحْدُثْ بواسطة نُورٍ حِسِّيٍّ، بَلْ بواسطةِ الله نفسهِ، الَّذي "أشرقَ في قلوبِنَا"، أي صارَ هُوَ بنفسِهِ شمْسَنا وضِياءَنا إذ ﭐرتَضى أن يَسكُنَ فينا.
 
وَمِمّا يَدْعُو إلى العَجَب أنَّنا قد أُهِّلْنَا لهذا المجد كُلِّهِ ونحنُ، بعد، في أجسادٍ مائتة، شَبَّهَهَا الرَّسُول بالآنِيَةِ الخزفِيَّة، لهَشَاشَتِها وسُهُولةِ ﭐنكِسارِها. إن أجسادَنا سريعةُ العَطَبِ، مُعَرَّضَةٌ باستمرار للأمراض والكوراثِ والموت، فَعَلامَ نتَكَبَّرُ، أو نُقيمُ وزنًا لأنفُسِنَا؟ إن كانَ لنا مِن مجد، فهو من نعمة الله السَّاكِن فينا عن غير ﭐستحقاقٍ منَّا، بمجده الَّذي هو أَجَلُّ بكثيرٍ من أن يُحفَظَ في أجسادٍ ضعيفةٍ كأجسادِنا. فالفضلُ كلُّه يعود إلى الله، فيما يتعلَّقُ بالقوَّة الَّتي نحُوزُها، أَلَا وهي قُوَّةُ معرفةِ مجدِ الله. وما هذه المُفارَقَة سوى دليل ساطِع على قُوَّة الله: تحقيق أشياء عظيمة في جسد هزيل "إنَّ قُوَّتي في الضُّعف تُكْمَل" (2 كور 12: 9).
 
أليست قُوَّةُ الله هي الَّتي جَعَلَتِ الرُّسلَ الضُّعفاء العُزَّلَ الأُمِّيِّينَ القليلي العدد، يَقْلِبُون المسكونةَ عَن دياناتها المَوروثَةِ إلى المسيحيَّة؟! أليست قوَّةُ الله هي الَّتي جَعَلَتْ هؤلاء الرُّسل يتحمَّلون الضِّيقاتِ "في كلِّ شيء"، أي مِن الغُرباء ومن الأقرباء، وجعلتْهُم يتحمَّلونَ الاضطهادات والإهانات والمواقف الحَرِجَة بصبرٍ وتفاؤلٍ ورجاء؟!!.
 
ولماذا سمح الله بأنْ نتعذَّبَ؟. لكي نكون نماذج حيَّةً عن موت المسيح وقيامته، شُهودًا للمسيح أمام غير المسيحيِّين. ذلك أنَّ الَّذي لا يُؤمن بأنَّ بعد الموتِ قيامة، إذا رآنا نتعرَّضُ للأخطار الكبيرة وننجو منها، وإذا رآنا نتألَّم ولا نُغلَبُ، يُسارِع إلى الإيمان بالقيامة.
بهذا المعنى يقولُ الرَّسولُ هنا: "الموتُ، إذن، يُجرَى فينا والحياةُ فيكم". فالموتُ المقصود هنا هو التَّجارِب والأخطَار الَّتي تعرَّضَ لها الرُّسُلُ، أمَّا الحياة فهي الرَّاحَة الَّتي يتمتَّعُ بها المؤمنون الَّذين يتنعَّمُون بالخيرات إذ تحمَّلُوا مثل تلك التَّجارِب والأخطار.
 
أخيرًا، نحن "نؤمن ولذلك نتكلَّم". نُؤمِنُ بماذا؟. بقيامةِ المسيح، الَّتي هي من أجل الجميع: الرُّسل المُبشِّرِين والنَّاس المُبَشَّرِين. فعلى ﭐلجميع أن يشكرُوا الله على نعَمِهِ الفائقة الَّتي لا يَنفَكُّ يُغدِقُهَا بوَفْرَة. 
على الجميع أن يتعلَّمُوا تمجيدَ الله بلا فتُور. 
 
في الجهاد الرُّوحيّ
للأب بورفيريوس الرَّائي
 
"يا أيُّها العالم الباطِل، يا أيَّتها البشريَّة المخدوعَة! ليس فيكِ شيء صالِح، الكلّ أكاذيب، الكلّ خِداع، يخدعُنَا، يمكُرُ بنا، يلهو بنا، يُظهِر لنا سنين ومواهب وصحَّة مديدة..." (الشَّيخ يوسف الهدوئيّ).
 
هذا ليس تشاؤمًا وإنَّما هي الحقيقة وكلّ الحقيقة لأشخاص ﭐستَنَارُوا بالرُّوح ورأوا بأنَّ العالم وكلّ ما فيه باطِلٌ وخَدَّاع. اِكتشَفُوا أنَّه لا نجاة لنا إلَّا بيسوع المسيح ﭐبن الله الوحيد وأحد أقانيم الثَّالوث القدُّوس. اليوم نحن نرى الموت أمامنا في كلّ ساعة، ونرى أضاليل العالم تملأ الكون. حروبٌ وﭐضطهاداتٌ، مكرٌ وأكاذيب. ونسأل أين هو الله؟، وما هي إرادة الله في كلّ هذا؟.
 
لا تسأَلْ ولا تنخَدِعْ بالشَّيطان الَّذي يوهِمُكَ أنَّ الله غير موجود. صحيح أنَّ الأيَّام عصيبة، لكنَّها ﭐمتحان قويّ للإنسان المجاهِد ليقرِّر ويختار ماذا يريد: الله أم العالم؟، الخلاص أم الهلاك؟؟. "لا تُشَاكِلُوا هذا الدَّهر بل تغيَّروا عن شكلكم بتحييد أذهانكم لتختَبِروا ما هي إرادة الله الصَّالِحَة المَرْضِيَّة الكامِلَة" (رو 12: 2)، ويُضيف صاحب الرِّسالة أنَّ "الجميع أخطأوا وأعوَزَهُم مجد الله" (رو 3: 23).
 
ليس المهمّ أن تُخطِئ، لكن الأهمّ أن تنهَض من خطيئتك في نفسِ اللَّحظةِ الَّتي سقطتَ فيها. هذه الحياة أُعْطِيَتْ لكَ للتَّوبة فلا تُضيِّعْها في مَسَاعٍ باطِلَة، يقول أحد الآباء.
 
المفتاح بيدك أيّها الإنسان، عُدْ من حيث أخطأَتْ إلى الله ولا تتعلَّل بعلَلِ الخطايا. لذلك، يقول الأب بورفيريوس الرَّائي أنَّ الإنسان سِرٌّ، وأنَّنا نحمل في داخلنا ميراثًا أبديًّا، هو كلّ الصَّلاح الَّذي عاشهُ الأنبياء القدّيسون والشُّهداء والرُّسل، وخاصَّة ربّنا يسوع المسيح. ولكنَّنا نحمل أيضًا الشَّرّ الموجود في العالم من آدم حتَّى اليوم. كلّ ذلك هو فينا وكذلك الغرائز، والكلّ يطلب إرضاءً. فإذا لم نُرضِهِم، سوف ينتقمون منّا وقتًا ما، إلَّا إذا حوَّلْنَاهُم في اتِّجاه آخَر، نحو الأسمى، نحو الله. لأجل ذلك ينبغي أن نموت عن الإنسان العتيق ونلبَسَ الجديد، هذا ما نعترف به في سرّ المعموديَّة. بالمعموديَّة ندخل إلى فرح المسيح. هكذا تأتي النِّعمة الإلهيَّة بواسطة الأسرار.
 
هل نُدرِكُ أنَّ النِّعمة الإلهيَّة تأتي بواسطة الأسرار؟ وكم نهمل نحن هذه الأسرار، وخاصَّةً سرّ الشُّكر الَّذي فيه نأكل المسيح الحياة لكي تجري في عروقنا الحياة من جديد بعد أن سادتها الخطيئة والموت. الخوف، يا إخوة، ليس من الموت الجسديّ، هذا تحصيل حاصِلٌ والكلّ سوف يموت، مَنْ بَقِيَ من البَدْءِ وأصبح خالِدًا؟. لا أحد. وحدهُ الباقي أزليًّا هو الله! الخوف، يا إخوة، هو من الَّذي يقتل النَّفس مع الجسد، هذا ما قالهُ الرّبّ يسوع في إنجيله (متّى 10: 25): "بل خافوا بالحريَّ من الَّذي يقدرُ أن يُهلِكَ النَّفس والجسد كِلَيْهِما في جهنّم". لأجل ذلك ينبغي أن يموت الإنسان العتيق يوميًّا بالتَّوبة، أن تموت فينا الأنا السَّائِدَة والَّتي ستُفْنِي العالم. يا ليتنا نُصبحُ فعلًا ممتلِئِين، مُفعَمِين من الرُّوح القدس، لأنَّه هنا يَكْمُنُ جوهرُ الحياة الرُّوحيَّة الَّذي هو فَنُّ الفنون. عندما نربح المسيح، يقول الأب بورفيريوس، "سيحوِّل كلّ شيء في داخلنا، سيجلب السَّلام والفرح والتَّواضع والمحبَّة، الصَّلاة والتَّسامي". ويُضيف: "بدون المسيح يستحيل علينا أن نُصلِحَ ذواتنا، ولن نتمكَّن من التَّحرُّر من الأهواء، وحدها محبَّة المسيح هي العلاج الأفضل للأهواء".
 
لا تخافوا يا إخوة رغم الهوان الحاصِل، إنَّ الله وضع في نفس الإنسان قوّة، أمَّا كيفيَّة تحويلها إلى الخير أو الشَّرّ فهذا يعود إلى الإنسان. إذا شبَّهنا الخير بحديقةٍ فيحاء مليئة بالأزهار والأشجار والنَّباتات، وشبَّهنا الشَّرّ بالأشواك، والقوَّة بالماء، عندئذٍ من الممكن أن يحدث التَّالي: عندما نحوِّلُ الماء إلى حديقة الأزهار، تنمو كلّ النَّباتات، وتَخْضَرُّ وتُزهِرُ وتحيا، وفي الوقت نفسه تذبُلُ الأشواك وتذبُل لعدم سقايتها. والعكس صحيح، لا حاجة للانشغال بالأشواك، لن نُصبح قدِّيسين بمطاردة الشَّرّ. ويقول الأب بورفيريوس "دعوا الشّرّ وﭐنظُرُوا إلى المسيح وهو سيخلِّصُكم. فبدل أن تقفُوا خارج الباب وتطرُدُوا العدوَّ، احتَقِرُوهُ. وإذا جاءكم الشّرّ من هنا، انصرِفُوا أنتم بأسلوب لطيف إلى هناك!".
لنصرخ يا إخوة من الأعماق: "أيُّها الرَّبُّ يسوعُ ﭐرحمني".
 
لنمتَلِئ من الصَّلاح لأنَّ كلّ شيء مع المسيح هو مُسْتَطَاع. عندما نُعطيه قلبَنا لن يبقى مجال بعد للأمور الأُخرَى: "يا بُنَيَّ أعطِنِي قلبَك ولتُلاحِظْ عيناك طُرُقِي" (سفر الأمثال 23: 23).
 
عندما يقول الكتاب: "أعطني قلبك" لا يعني به هذا القلب اللَّحميّ إنَّما كلّ الكيان. لذلك، عندما نُسلِم كلّ كياننا إلى الله لا مجال لتقديم أيَّة فضيلة، لأنّه هو سيمنحنا إيَّاها، هو سيُحرِّرنا من كلّ خيبة وخوف، فقط أَحِبُّوهُ ببساطة وتواضع وبدون إلحاح، وقولوا مع الرَّسول بولس: "مَن يُنقِذُني من جسدِ هذا الموت" (رو 7: 24). عندما نتحرَّك نحو المسيح هو سيأتي فورًا وستعمل نعمته فينا مباشَرَة.
أيُّها الأحبَّاء، المسيحيَّة ليست ديانة فلسفةٍ وتعقيد!، إنَّها ديانة كامِلَة وعميقَة وحكيمة. ما هو بسيط هو الأكثر قيمة. لِتَكُنْ محبَّتنا نحو الرَّبّ ببساطة ورقَّة ودون غضب. لأنَّ "إلهنا ليس إله تشويش بل إله سلام" (1 كور 14: 33).
 
أخبـــارنــــا
 
المركز الرِّعائيّ للتُّراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ
 
نظَّمَتْ إدارة "المركز الرِّعائيّ للتُّراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ"، برعاية المتروبوليت أفرام راعي الأبرشيّة، لقاءً مفتوحًا لأبناء الأبرشيَّة، لمناسبة ﭐفتِتَاح دورات قسم الإعداد اللَّاهوتيّ للسَّنة الدِّراسيَّة 2013 – 2014، في كنيسة القدِّيس يعقوب أخي الرَّبّ - كفرحزير، بحضور لفيف من الكهنة وأعضاء الهيئة الإداريَّة للمركز وحشد من المؤمنين.
 
استُهِلَّ اللِّقاء بصلاة الغروب برئاسة صاحب السِّيادة ومعاونة كاهن البلدة الأب توفيق (فاضل) والشَّمَّاس برثانيوس (أبو حيدر).
ثم ألقى مدير المركز د. نبيل سمعان كلمة حول المركز وتوقَّف عند نشاطاته كالنَّدوات الموسميَّة، وإصدار كتب ومحاضرات، إضافة إلى تقديم دروس في اللُّغة اليونانيَّة الحديثة. وشدَّد على أنَّ" الدِّراسة وحدها لا تكفي إن لم نتعرَّف على الرَّبّ يسوع".
 
وكانت كلمة للأرشمندريت يونان الَّذي أشار إلى أنَّ "الدِّراسة اللَّاهوتيّة في هذا المركز ليست الغاية منها أن تضاهي معاهد اللَّاهوت مثل البلمند وغيره، (...) إنَّما تحفيز المؤمنين إلى السَّعي لمعرفة الله. لهذا تتمتَّع هذه الدِّراسة بنكهة مختلفة وخاصَّة".
 
وألقى راعي الأبرشيّة المطران أفرام كلمة أكَّد فيها أنَّه، شخصيًّا، يعطي مركز الإعداد اللَّاهوتيّ الأولويَّة في العمل والرِّعاية للمستقبل القريب والبعيد.
 
وشدَّد على أنَّ" الغاية ليست اقتناء المعلومات فحسب (...) بل محبَّة الله. والإنسان الَّذي يحبُّ الله (...) تحلُّ عليه نعمة الرَّبِّ ويدخل فيه شيئ غير بشريّ".
 
واختتم اللقاء بعرض وثائقيّ، من تنفيذ الشَّمَّاس برثانيوس (أبو حيدر)، حول نشاطات المركز منذ تأسيسه، وبضيافة من رعيّة كفرحزير.