الأحد 19 أيَّار 2013

الأحد 19 أيَّار 2013

19 أيار 2013

الأحد 19 أيَّار  2013

العدد 20
أحــد حاملات الطِّيب
اللَّحن الثَّاني       الإيوثينا الرَّابِعة
 
*19: الشَّهيد باتريكيوس أسقف برصة. *20:  الشُّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدِّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان
* 21: قسطنطين وهيلانة المعادلا الرُّسل * 22: الشَّهيد باسيليوس. *23: ميخائيل المعترف، مريم لكلاوبا حاملة الطِّيب، سوسنّا، الشَّهيدة ماركياني.  *24: البار سمعان الَّذي في الجبل العجيب *25:  وجود هامة السَّابق  ثالثًا
 
حوار مريم المجدليَّة مع يسوع القائم
 
نبذة عامَّة
من أوّل الشُّهود على قيامة المسيح، من مجدل على الضِّفَّة الغربيَّة من بحر الجليل. ليست هي المرأة الزَّانية. يذكُرُ الإنجيل، فقط، أنَّ يسوع أَخْرَجَ منها سبعة شياطين. شفاها يسوع من أرواح خبيثة وأمراض (لوقا 8: 1-3).
يُعَيَّدُ لها مع النِّسوة حاملات الطِّيب في الأحد الثَّاني من الفصح وفي20 تموّز. رافقَتْ يسوع إلى حيث صُلِبَ (متَّى 27: 55-56). هي شاهِدَة لقيامة المسيح. لقد ذاقت مريم المجدليَّة قوّة القيامة قبل القيامة العامَّة، كما ذاقت معاناة الآلام والصَّلب. اشتهَرَتْ بشجاعتها مع مريم الأخرى. كان لها يسوع بديلاً عن كلِّ مخلوق.
* * *
الإيوثينا الثَّامِنَة
"أمّا مريمُ فكانَتْ واقفة عند القبر خارجًا تبكي". وفيما هي تبكي انحنَتْ إلى القبر، فَعَلَتْ كما فَعَلَ يوحنَّا قبلها "انحنى ونظر الأكفان موضوعة" (يو 20: 5).
كانت مريم المجدليَّة وحدها بعد انصراف التِّلميذَين بطرس ويوحنا التِّلميذ الآخَر الَّذي كان يسوع يحبُّه. قالت للملاكَين بثياب بيض: "إنَّهم أَخذوا سيِّدي ولست أعلم أين وضعوه" (يوحنا 20: 13).
"اِنحنَتْ إلى القبر وهي تبكي" (يوحنا 20: 11).
"لست أعلم" تُذَكِّرُنا بحادثة قانا الجليل حيث "رئيس المتَّكأ لم يكن يعلم من أين هي الخمر".
وكذلك السَّامريَّة، بحسب كلام يسوع، لم تكن تعلم عطيَّة الرَّبّ (يو 4: 10).
تُذَكِّرُنا أيضًا بتلميذَي عمواس حين كان يسوع سائِرًا معهما دون أن يعرفاه (لوقا 24: 16).
الرَّدُّ على هذا السُّؤال يأتي قريبًا جدًّا.
الجواب هو يسوع بالذَّات، "مَنْ تَطْلُبِين". ظنَّت أوَّلاً أنَّه البستانيُّ، أَتَى أخيرًا الجواب: "مريم". قالت له: "رابُّوني"، الَّذي تفسيره يا معلِّم، وكأنَّ المجدليَّة تأخذ مكانَنا نحن الَّذين نفتِّشُ عن المسيح شوقًا إليه فيتراءَى لنا في لحظةِ صَحْوَةِ صلاة، في لقاء سرِّيّ، ونقول له: "ربّي وسيّدي!".
هذا يذكِّرنا بموقفٍ مشابِه، موقف توما عند صراخه: "ربّي وإلهي".
ربَّما عند هتافها "رابُّوني" ارتَمَتْ مريم المجدلية عند قدمَي يسوع لتقبِّلَهُما كما في الماضي (راجع متى 28: 9)، أو أنَّها أَسْرَعَتْ لتلمسَه. لذلك قال لها يسوع: "لا تلمُسِيني"!. عليكِ أوَّلاً أن تذهبي إلى إخوتي وتقولي لهم إنِّي أَصْعَدُ إلى أبي. أين أنت يا يسوع الآن؟ الآنَ أعلم أين تمكُث. هذا الَّذي سوف يُحَوِّلُ دموعَ مريم إلى فرح ودموعي أيضًا. هناك سنمكث مع أحبَّائنا إن كنَّا جديرين برحمة الله.
فهل نقول معها: "قد رأيتُ الرَّبَّ وبأنَّه قال لي هذا"؟!..
                              
                                + أفــرام
                مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريَّة القيامة   باللَّحن الثَّاني
 
عندما انْحَدَرْتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الَّذي لا يموت، حينَئِذٍ أَمَتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك. وعندما أَقَمْتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماوييِّن: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
قنداق الفصح  باللَّحن الثَّامِن
 
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إلاّ أنَّك درستَ قوةَ الجحيم، وقُمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قُلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقِعِينَ القِيام.
 
الرسالة
أع 6: 1-7
 
قُوَّتي وتسبِحَتي الرَّبُّ أَدَبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ               
وإلى الموت لم يُسْلِمْنِي
 
في تلك الأيَّام، لـمَّا تكاثَرَ التَّلاميذ، حدثَ تَذَمُّرٌ من اليونانييِّن على العبرانييِّن بأنَّ أرامِلَهُم كُنَّ يُهْمَلْنَ في الخدمة اليوميَّة. فدعا الإثنا عَشَرَ جُمهورَ التَّلاميذ وقالوا: لا يَحْسُنُ أنْ نترُكَ نحن كلمةَ اللهِ ونخدمَ الموائد، فانتَخِبُوا أيُّها الإخوةُ منكم سبعةَ رجالٍ مشهودٍ لهم بالفضل، ممتَلِئِين من الرُّوح القدس والحكمة، فنقيمَهُم على هذه الحاجة، ونواظِبَ نحن على الصَّلاة وخدمةِ الكلمة. فَحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا استفانُسَ رجلاً ممتلِئًا من الإيمان والرُّوح القدس، وفيلبُّسَ وبروخورُسَ ونيكانُورَ وتيمُنَ وبَرْمِنَاسَ ونيقولاوُسَ دخيلاً أنطاكيًّا. وأقاموهم أمام الرُّسُل، فَصَلَّوْا ووضَعُوا عليهم الأَيْدِي. وكانت كلمةُ الله تنمو وعددُ التَّلاميذِ يتكاثَرُ في أورشليمَ جدًّا. وكان جمعٌ كثيرٌ من الكهنةِ يطيعونَ الإيمان.
 
الإنجيل
مر 15: 43-47، 16: 1-8
 
في ذلكَ الزَّمان، جاءَ يوسفُ الَّذي من الرَّامة، مُشِيرٌ تَقِيٌّ، وكان هو أيضًا منتَظِرًا ملكوتَ الله. فاجْتَرَأَ ودخلَ على بيلاطسَ وطلبَ جسدَ يسوع. فاسْتَغْرَبَ بيلاطُسُ أنَّه قد ماتَ هكذا سريعًا، واستَدْعَى قائدَ المئةِ وسأَلَهُ: هل له زمانٌ قد مات؟ ولـمَّا عرفَ من القائد، وَهَبَ الجسدَ ليوسف. فاشتَرَى كَتَّانًا وأَنْزَلَهُ ولَفَّهُ في الكَتَّان، ووضعَهُ في قبرٍ كان منحوتًا في صخرةٍ،  ودحرج حجرًا على باب القبر. وكانت مريمُ المجدليَّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تنظُران أينَ وُضِعَ. ولـمَّا انْقَضَى السَّبْتُ، اشتَرَتْ مريمُ المجدليَّةُ ومريمُ أمُّ يعقوبَ وسالومَةُ حَنُوطًا ليَأْتِينَ ويَدْهَنَّهُ. وبَكَّرْنَ جدًّا في أوّل الإسبوع وأَتَيْنَ القبرَ وقد طَلَعَتِ الشَّمس، وكُنَّ يَقُلْنَ في ما بينَهُنَّ: مَنْ يُدحرِجُ لنا الحجرَ عن بابِ القبر؟ فَتَطَلَّعْنَ فَرَأَيْنَ الحجرَ قَدْ دُحْرِجَ لأنَّه كان عظيمًا جدًّا. فلمَّا دَخَلْنَ القبرَ رأيْنَ شابًّا جالِسًا عن اليمينِ لابِسًا حُلَّةً بيضاءَ فانْذَهَلْنَ. فقال لَـهُنَّ: لا تَنْذَهِلْنَ. أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يسوعَ النَّاصِرِيَّ المصلوب. قد قام. ليس هو ههُنا. هوذا الموضِعُ الَّذي وضعُوه فيه. فاذْهَبْنَ وقُلْنَ لتلاميذِه ولبطرسَ إنَّه يسبِقُكُم إلى الجليل، هناك تَرَوْنَهُ كما قالَ لكم. فَخَرَجْنَ سريعًا وفَرَرْنَ من القبرِ وقد أَخَذَتْهُنَّ الرِّعْدَةُ والدَّهَش. ولم يَقُلْنَ لأَحَدٍ شيئًا، لأنَّهُنَّ كُنَّ خائِفَات.
 
شرح الرِّسَالَة
 
لقد حَدَثَ الإهمالُ بسببِ كثرةِ عَدَدِ التَّلاميذ، فَحَصلَ التَّذَمُّر. والمسيحيُّون، في ذلك الوقت، كانوا يتعرَّضُونَ، مِنَ الخارج، لإزعاجات كثيرة، للجَلْدِ والاضطهادات المتنوِّعَة. وكانت تلكَ الإزعاجات كفيلةً بِـجَعْلِهِم يَتَذَمَّرُون. إلَّا أنَّ التَّذَمُّرَ المذكور هُنا هُو من نوعٍ آخَر، ناجِمٌ عن شُؤون داخليَّة، وتحديدًا بسبب تكاثُر عدد التَّلاميذ. فواضح أنَّ الإهمال لم يكنْ مُتَعَمَّدًا، بل كان ناتِجًا عن كثرة العدد، فيما الكنيسة حديثةُ النَّشْأَة، غير مُجَهَّزَة بعدُ لإدارةِ ذلك العددِ الكبير من النَّاس الَّذين كانوا قد آمنوا حديثًا. أَضِفْ إلى ذلك أنَّ الرُّسُلَ كانوا مُنشَغِلِينَ بأمرِ الشَّهادَةِ لقيامةِ الرَّبّ، ونشر تعاليمه بين النَّاس، ومُواجَهَة الـمُجادِلين والـمُضْطَهِدِين. 
فلما برزَت الحاجةُ إلى من يتدبَّر أمرَ الخدمة اليوميَّة، طلبَ الرُّسُلُ من المؤمنين أن ينتخِبُوا سبعةَ رجالٍ تُوكَلُ إليهم هذه المهمَّة، لئلَّا ينشغِلَ الرُّسُلُ عن خدمة الكلمة. الجماعةُ انتخَبَتْ، ولكنَّ الرُّسُلَ شَرْطَنُوا، أي رسَمُوا. كيف ذلك؟ بوضع الأيدي. الرُّسل وضعوا أيدِيَهُم بحيث تُلامِسُ رأسَ الشَّخص الـمُنْتَخَب، من بعد أن صَلُّوْا. العملُ كُلُّهُ لله الَّذي، بواسطة وضع أيدي الرُّسُل، يُبارِك ويُشَرْطِنُ بطريقة سِرِّيّة.
 واللَّافِتُ، بعد ذلك، أنَّ أعدادًا أَكْثَرَ كانَتْ تَنضَمُّ إلى الجماعة المسيحيَّة، في أورشليم، أي حيث صُلِبَ المسيح. ورغم الاضطهاد الَّذي كان الرُّسُلُ يتعرَّضُون له، كان النَّاسُ ينضمُّون أكثر فأكثر، وحتَّى الكهنة. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنَّ كثيرين مـِمَّنْ تشاوَرُوا على قَتْلِ المسيح آمنوا به في النِّهاية. تخيَّلُوا أنَّ أولئك الَّذين هزئُوا به مصلوبًا، وقالوا: "خَلَّصَ آخَرين وأمَّا نفسُه فما يقدرُ أن يُخلِّصَها، إن كان هُوَ مَلِكَ إسرائيل فلينزلِ الآن عن الصَّليب فنُؤمن به"، مِنْ هؤلاء أنفسهم راحَ "كثيرون يُطيعون الإيمان".
فيا لمحبَّة الله العظيمة للبشر! ويا لرحمته الغزيرة! لقد أرسل ابنه الوحيدَ ليتألَّم من أجل شاتِمِيه، ويرحم مُبغِضِيه، ويُخلِّص قاتليه. فهلَّا كَفَفْنَا عن إهانته بخطايانا وتراخِينا! وهلَّا تجاوَبْنَا مع محبَّتِه الإلهيَّة الَّتي لا حدَّ لها!...
 
في الخــطيئـة
 
الخطيئةُ هي أن نخرُجَ على طاعة الله في ما هو لله، أن نخالِفَه في ما يُوصِي به. هذه هي الـمَعْصِيَةُ تحديدًا. والله يسمح بها لأنَّه يحترِمُ حرِّيَّتَنا، ولو على حسابِه، ولأنّه يريد أن يمتَحِنَ مِقدار رجائنا بعدله ورحمته. فلا ننسى أبدًا أنّه التَّوَّاب على مساوِئِنا ومعاصِينا مهما كَثُرَت، وهو لا يُهْلِكُنا بآثامنا ولا إلى الأبد يحقِد علينا حافِظًا علينا شرورنا. والخطيئة، حسب كاتب الرِّسالة إلى العبرانييِّن، "تُحيطُ بسهولةٍ بِنَا" (عب 12: 1). من كلِّ جهةٍ تُحيطُ بنا. تتسلَّلُ إلينا خِلْسَةً، لا ندري متى ولا من أين ولا كيف. على حين غفلة تُبَاغِتُنا وترمي لنا شباكَها- وشباك الخطيئة عديدة ومتنوِّعَة، وحِيَلُها فاتِنَةٌ- فنَعْلَق بها إذا كنّا من أهل الغَفْلَة.
من هنا أنّ الخطيئة عدوٌّ شرِس، لا تجوز الإستهانَةُ به ولا المكابَرَة أمامه، إذ لا كبير على الخطيئة. القدّيس يوحنّا السُّلّميّ كاتب "السُّلَّم إلى الله" أو "سُلَّم الفضائِل" يقدِّم لنا، في كتابه هذا، نماذِج من عمالِقَةٍ في الحياة الرُّوحيَّة والفضيلة، بلغوا من سُلَّم الفضائل درجاته العُلْيَا، ثمّ سقطوا من أعلى السُّلَّم. نقول في رتبة جنّاز الرَّاقِدين "ليس إنسانٌ يحيا ولا يخطِئ"، وإنّما ذلك لأنّ "الجميع أخطأوا وأَعْوَزَهُم مجد الله" على ما يقول الرسول بولس في رومية 3: 23. لذلك، أنت لا تُكابِر أمام الخطيئة. أنت لكَ أن ترى كيف تجتنبها وتحفظ نفسك منها، وهذا حَسْبُك.
لماذ نُخطِئ؟ عن هذا السُّؤال يُجيب الكتاب الإلهيّ بالقول: "وكانوا مُدّة حياتهم كلّها خاضِعِين للعبوديّة مخافَةً من الموت" (عب 2: 15). نخاف من الموت فنسرق. نخاف من الموت فنكذب. نخاف من الموت فنقتل. نخاف من الموت فنزني. نخاف من الموت فنفتري بعضنا على بعض... نخاف من الموت فنُحَلِّلُ لأنفسنا كلَّ حَرَامٍ وكلَّ إِثْمٍ ونَسْتَسْلِمُ لكلِّ شهوةٍ ضارَّة.
والحقيقة، في الـمُحَصَّلَة الأخيرة، أنّنا نغارُ من الله على كبريائنا فنَثْأَرُ منه لكبريائنا بالتَّمَرُّد عليه. أليست هذه، في التَّحليل الأخير، الخطيئة الجدِّيَّة؟ وإذا كانت الخطيئة عدوًّا شرِسًا لا تجوز الإستهانة به، كما سَلَفَتِ الإشارة، فلكي نحفظَ أنفسَنا منها. فكيف، إذًا، نحفظ أنفسنا من الخطيئة؟.
أوّلًا: بالهَرَب منها. يقول الرَّسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "اهرُبُوا من الزِّنَا" (1كور 6: 18). ليس أحدٌ، إذا رأى النَّارَ زاحِفَةً نحوه، لا يهرب منها. كذلك المؤمن، هو يهرب من الخطيئة هَرَبَه من نار.
ثانيًا: بتحاشينا مَجالِسها ومسالِكها. يقول صاحب المزامير: "طوبى للإنسان الذي لم يسلُك في مشورة الخطأة، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس..." (مزمور 1: 1).
ثالثًا: بتحاشينا الوجود في الأجواء الَّتي قد تُحَرِّكُ فينا الشَّهَوَات الضَّارَّة. فهذه الأخيرة غَلاَّبَة، وتصعُبُ مقاومتها إلاّ على الَّذين رَسَخَتْ قَدمُهم في الحياة الرُّوحيَّة وبلغوا فيها مراتب. وحتّى هؤلاء، كلَّمَا أَوَوْا إلى فراشهم، يصلُّون إلى الله من أجل أن "يبطّل شغب أجسادهم" وأن "يُبعد عنهم كلّ تخيلّ رديء وشهوة ضارّة".
رابعًا: وأخيرًا وليس آخِرًا، وهذا هو الأهمّ، بمواظبتنا على الصَّلاة. "إسهروا وصلُّوا لئلاّ تدخلوا في تجربة..." يقول السَّيّد في متّى 26: 41. الصّلاة حِرْزُنا الأكيد وحصانَتُنا المضمونَة فيما نسعى إلى أن نحفَظَ أنفسَنا من الشِّرِّير. ولا يَقِلُّ عن الصَّلاة فاعِلِيَّةً ارتباطُنا الوثيق بِسِيَر القدّيسين والأبرار، فهؤلاء خير مِثالٍ لنا في سَعْيِنَا وخير مُعِين.
نحن المؤمنين نثِقُ تمامًا، أو ينبغي أن نثِقَ، بأنَّه وإن كانت للخطيئة صَوْلات وجَوْلات، إلاّ أنّ الجولة النِّهَائيَّة ليست لها. ليست الغَلَبَة لها. إنّها، حسب تعليم الرَّسول بولس، للنِّعْمَة. يقول: "ولكن حيث كَثُرَتِ الخطيئة ازدادات النِّعمة جدًّا" (رومية 5: 20). ولنا، مِثالاً حيًّا على ذلك، مريم المصريّة الَّتي عَيَّدْنَا لها في الأحد الخامس من الصوم الأربعيني المقدَّس. فبعدما كانت هذه المرأة مِثالاً للزِّنا والفُجُور، أَضْحَتْ، وبنعمة المصلوب، نموذَجًا للتَّوبَة والطّهارة والعفاف. لذلك، نحن لا نيأس من توبة الخاطِئ، لأنّ ربّنا "لا يُسَرّ بموت الشِّرِّير، بل أن يرجِعَ الشِّرِّير عن طريقه ويحيا" (حزقيال 33).
إنّ حُلَفَاء إبليس مضمونون له، فلا حاجة به إلى مقاومَتِهِم. هو يقاوِمُ الَّذين يقاومونه، خصومَه الَّذين يجاهِدُون ضدَّه، لأنّه يُراهِنُ على كسبِهِم إلى صفوفه وتوسيع قاعدته بهم. ما يعني أنَّ هذا الَّذي سقط في الخطيئة مرّة أو مرّات، أي في أشراك إبليس، ما كان ليسقط لو لم يكن، أصلاً، من خصومه. لذلك، ولَئِنْ سقطَ، إلاّ أنّ لنا رجاءً أكيدًا بتوبته.
نحن الَّذين آمنَّا بنعمة الرَّبّ نؤمن بأنّ استقرارَنا، في نهاية المطاف، إنّما هو استقرارٌ في النِّعمَة لا في الخطيئة. هذا رجاؤنا، والرَّجاء لا يخيب.