الأحد 2 حزيران 2013
02 حزيران 2013
الأحد 2 حزيران 2013
العدد 22
أحد السَّامريَّة
اللَّحن الرابع الإيوثينا السَّابعة
*2: نيكيفورس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيِّة. * 3: الشَّهيد لوكليانوس، الشَّهيدة باڤلا. * 4: مطروفانس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، مريم ومرتا أختا لعازر . *5: الشَّهيد دوروثاوس أسقف صور. * 6: إيلاريون الجديد رئيس دير الدلماتن، الشَّهيد غلاسيوس. *7: الشَّهيد ثاودُوتُس أسقف أنقرة، الشَّهيد باييسيوس (كفالونيَّة). * 8: نقل عظام ثاوذورس قائد الجيش، الشَّهيدة كاليوبي.
حوار يسوع مع السَّامريَّة
الحوار بين يسوع والسَّامريَّة يجري في السَّامرة خارج منطقة اليهود التقليديَّة.
كانت المرأة آنذاك أقلّ كرامة من الرجل. جرى الحوار حول بئر ماء. مسافرٌ تَعِبٌ عَطْشَانٌ يلتقي بامرأة تَسْتَقي، فيطلُبُ منها أن تسقيه: "أعطني لأشرب". السَّاعة هي السَّادسة (الظُّهر)، وقت الظَّهيرة. هذه هي ساعة الخطيئة في الفردوس، حين سقط آدم وحوّاء. يسوع بلا خطيئة وهي كثيرة الخطايا. ينبغي أن يجذبَها إلى الخلاص. هو آدم الجديد بقرب بئر يعقوب يودُّ أَنْ يُعطي الماء الحيّ عوض الماء المادِّيّ.
هناك مستويان للحوار: المستوى المادِّيِّ والمستوى "السِّرِّيّ". الغاية من الحوار هي امتدادُ الملكوت إلى خارج النِّطاق اليهوديِّ، إلى جميع النَّاس: بشارة عجيبة هي المطلوبة، إعلان المسيح الحقيقيِّ للغرباء، إعلانُ سرِّ يسوع لمن هم خارج الشَّعب المؤمن التقليديّ.
الإيمان بيسوع مُسْتَطَاع ٌلكلّ إنسان.
يبدأُ الحوارُ بالعَطَشِ. نحن في شهر حزيران الحارّ والوقتُ وقتُ الظَّهيرة. هناك العطشُ المادِّيُّ وهناك العطش الرُّوحِيُّ، العطش إلى الله ينبوع الحياة.
لكن!، لكن! يبقى يسوع يلاحِقُنَا إلى عمق خفايانا: "ٱذْهَبِي وٱدْعِي زوجَكِ".
يريد أن نكون صادقين أنقياء في حياتنا. الإيمان
والسُّلوك واحِدٌ. هناك العقيدة وهناك الحياة منسجمة مع العقيدة.
لذا، تطرح المرأة السُّؤال: أين الإله الحقيقيّ؟ أين يجب أن نسجدَ له؟ هل في الكنيسة؟، في البيت أم في العمل؟ "صدِّقيني... تأتي ساعة وهي الآن حاضِرَة حين السَّاجدون الحقيقيُّون يسجُدُونَ للآب بالرُّوح والحقّ".
ماذا يعني ذلك؟
العبادة لا ترتبط بمكان، هي مرتَبِطَة بشخص، وهذا الشَّخص حاضِر، "الرَّبُّ قريبٌ"، "بالرُّوح والحقّ". الرُّوح هو الرُّوح القدس، روح الله لا روح العالم. والحقُّ هو يسوع وكلمته الإنجيل.
* * *
المسيح وحده مخلِّص العالم. كلمته الـمُتَجَسِّدَة هي الحلّ. سوف يظلّ العالم يدور، يفتّش، والمفتاح واحِدٌ هو المسيح.
ما زال الإعلان الإلهيّ ساطِعًا في العالم بتعليم يسوع ومحبَّته ممَّا أَنْبَعَ الماء الحيَّ، الرُّوح القدس، في قلوبنا يرشِدُنَا إلى الحقّ كلّه. نحن نحجبه بسبب خطايانا ومادِّيَّتنا وركضنا وراء مفاهيم العالم الضَّيِّقَة، ممَّا يُبْعِدُنا عن طريق الخلاص.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الرَّابِع
إنّ تلميذات الرَّبّ تَعَلَّمْنَ من الملاك الكَرْزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبْنَ الرُّسُلَ مُفْتَخِراتٍ وقائلات: سُبِيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريَّة نصف الخمسين باللَّحن الثَّامِن
في انتصاف العيد اسقِ نفسي العَطْشَى من مياه العبادة الحسنة أيُّها المخلِّص. لأنَّكَ هتفت نحو الكلّ قائلاً: من كان عطشانًا فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوعَ الحياة، أيُّها المسيح الإله المجد لك.
قنداق الفصح باللَّحن الثَّامِن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أيُّها المسيحُ الإله. وللنِّسوةِ حاملاتِ الطِّيب قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلَكَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعين القِيام.
الرِّسالَة
أع 11: 19-30
ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربُّ. كلَّها بحكمةٍ صَنَعْتَ
باركي يا نفسي الرَّبَّ
في تلكَ الأيَّام، لـمَّا تَبَدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضِّيقِ الَّذي حصَلَ بسببِ استِفَانُسَ، ٱجتازُوا إلى فِينيقَيَةَ وقُبْــُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِّمُونَ أحدًا بالكَلِمَةِ إلاَّ اليهودَ فقط. ولكنَّ قومًا منهم كانوا قُبُرسِيِّين وقَيْروانيِّين. فهؤلاءِ لـمَّا دخَلُوا أنطاكِيَةَ أخذُوا يُكَلِّمُونَ اليونانيِّينَ مُبشِّرِينَ بالرَّبِّ يسوع. وكانت يَدُ الرَّبِّ مَعَهُم. فآمَنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعُوا إلى الرَّبِّ. فبلَغَ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ الَّتي بأُورَشَلِيمَ فأَرْسَلُوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية. فلمَّا أَقْبَلَ ورأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ ووَعَظَهُم كُلَّهم بأَنْ يَثْبُتُوا في الرَّبِّ بعَزِيَمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلًا صالِحًا مُـمْتَلِئًا مِن الرُّوحِ القُدُسِ والإيمان. وٱنْضَمَّ إلى الرَّبِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طَلَبِ شاوُل. ولـمَّا وجَدَهُ أَتَى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدَا معًا سنةً كامِلَةً في هذهِ الكنيسةِ، وعلَّمَا جَمعًا كثيرًا. ودُعَيَ التَّلامِيذُ مَسيحيِّين في أنطاكِيَةَ أَوَّلًا. وفي تلكَ الأيَّام، اِنْحَدَرَ من أُورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحِدٌ منهم اسمه أغابُوسُ فأنبَأَ بالرُّوح أنْ ستكونَ مَجَاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيَّامِ كُلودْيُوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التَّلاميذُ بحسَبِ ما يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ واحِدٍ منهم أَنْ يُرسِلُوا خِدْمَةً إلى الإخوةِ السَّاكِنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبَعَثُوا إلى الشُّيُوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.
الإنجيل
يو 4: 5-42
في ذلك الزَّمَانِ، أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السَّامرَةِ يُقَالُ لها سُوخَار، بقُربِ الضَّيْعَةِ الَّتي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ٱبنِهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ الـمَسِير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ السَّاعَةِ السَّادِسَة. فجاءَتِ ٱمرأةٌ منَ السَّامِرَةِ لتستَقِيَ ماءً. فقال لها يسوعُ: أَعْطِيِني لأَشْرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مَضَوْا إلى المدينةِ ليَبْتَاعُوا طعامًا- فقالَت لهُ المرأةُ السَّامريَّة: كيفَ تَطلُبُ أنْ تشرَبَ مِنِّي وأنتَ يهوديٌّ وأنا ٱمرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطُونَ السَّامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرَفْتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَنِ الَّذي قالَ لكِ أعطيني لأشربَ، لَطَلَبْتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا. قالت له المرأةُ يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستَقِي بهِ والبِئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الَّذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضًا، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الَّذي أنا أُعْطِيهِ لهُ فلَنْ يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الَّذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنْبُعُ إلى حياةٍ أبديَّة. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أَجِيءَ إلى ههنا لأستَقِي. فقالَ لها يسوعُ: ٱذهبي وٱدْعِي رجُلَكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنْتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والَّذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌّ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبَلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الَّذي ينبغي أن يُسْجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا ٱمرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورَشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إِذِ السَّاجِدُونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالرُّوح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ السَّاجِدِينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ، والَّذين يسجُدون لهُ فبالرُّوح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمْتُ أنَّ مَسِّيَّا، الَّذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبِرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ ٱمرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكَتِ المرأةُ جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للنَّاس: تعالَوا ٱنْظُرُوا إنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعامًا لآكُلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التَّلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحدًا جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الَّذي أرسلَني وأُتَــمِّمَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم ٱرفعُوا عيونكم وٱنظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ٱبْيَضَّتْ للحَصاد. والَّذي يحصُدُ يأخُذُ أجرةً ويجمَعُ ثمرًا لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزَّارِعُ والحاصِدُ معًا. ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحدًا يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إنّي أَرْسَلْتُكُمْ لتحصُدُوا ما لم تَتْعَبُوا أنتم فيه. فإنَّ آخَرِينَ تَعِبُوا وأنتُم دخلتُم على تَعَبِهِم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السَّامِريِّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ الَّتي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولـمَّا أتى إليهِ السَّامِرِيُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندَهُم، فمَكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرَ من أولئكَ جدًّا من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمِنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سَمِعْنَا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.
في الإنجيل
"كلّ من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، وأمّا من يشرب من الماء الَّذي أنا أعطيه فلن يعطش إلى الأبد" (يوحنا 4: 13).
هذا الكلام وجَّههه الرَّبُّ يسوع إلى المرأة السَّامريَّة الَّتي التقاها عند عين يعقوب. ومن خلالها إلى كلّ إنسان عطشان إلى الحياة الأبديَّة، لأنَّه قد أتى ليملأنا من النِّعمة الإلهيَّة، ومَنْ نَهَلَ منها وٱرتوى فلن يعطش إلى الأبد، ولن تقوى عليه الخطيئة والموت، لأنَّه تذوَّق حلاوة القيامة بقوَّة الرَّبِّ قاهر الموت، الَّذي منحنا الحياة الأبديَّة والرَّحمة العُظْمَى.
الرَّبُّ يسوع حَطَّمَ الحواجز بين البشر، وخاصَّة ين اليهود والسَّامريِّين، بعد أن التقى هذه المرأة العَطْشَى إلى الكلمة الإلهيَّة. فقد أَتَتْ إلى بئر يعقوب لتروي ظمأها من مياه إسرائيل، فعادت أدراجها تفيض بمياه الحياة الأبديَّة. وَافَاهَا الرَّبُّ يسوع، ينبوع الحياة، عند البئر فحملته بروحها وعادت به إلى المدينة، وسكبت فيضه على النَّاس فأخذوا يَنْشُدُونَ الماء الحيّ من مصدره.
إنَّ ماء بئر يعقوب لا يُقَدِّم إلَّا ٱرْتِوَاءً عابِرًا لا يدوم: "كلّ من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا"، إنّه ليس أفضل من أيِّ ماء آخَر.
إنَّه يروي العطش الحالي، لكنَّ العطش يعود ثانية، وفي فترة وجيزة يعود الإنسان فيطلب ماءً وتزداد الرَّغبة في شرب الماء. وهذا يُبَيِّنُ ضعفات أجسادنا في هذا العالم، فهي باستمرار تطلب المزيد. وأمَّا الماء الحيّ الَّذي يعطيه الرَّبّ يسوع فيعطينا شبعًا وٱرتواء دائمًا، وبَرَكَة دائمة، "مَنْ يشرب من الماء الَّذي أُعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد". وهنا تظهر قيمة عطايا المسيح الغالية جدًّا، عندما تُقارَنُ بالعالَـمِيَّات، لأنَّه سوف يظهر أنّه لا وجه للمقارنة بينها، لأنَّ من يشترِك في روح النِّعمة وتعزيات الإنجيل فلن يعطش إلى الأبد"، ولن يُعْوِزهُ ما يُشْبِعُ شهوات نفسه، إنَّه يشتاق، لكنَّه لا يخور أو يذبل، إنَّه لا يَتَعَطَّش إلَّا إلى الله، يطلبُ دومًا المزيد من النَّصيب في نِعَمِ الله، لكنَّ عطشه ليس عطش اليائس. ولذلك، فهو لن يعطش إلى الأبد "لأنَّ الماء الَّذي يعطيه المسيح" يصير فيه، أي في داخله، "ينبوع ماء حيّ". إن من يكون في داخله ينبوع لا يحتاج قطّ إلى ما يطفئ ظمأه.
أهل السَّامِرَة بعدما بَشَّرّتْهُم هذه المرأة أعلنوا أنَّ الرَّبَّ يسوع هو "مخلِّص العالم"، وهذا الإعلان ما زال ساطِعًا في هذا العالم بتعاليم الرَّبِّ يسوع ومحبَّته الَّتي أنْبَعَت الماء الحيّ على الصَّليب. لكنَّنا نحجب إعلانه هذا بسبب خطيئتنا ومادِّيَّتنا، والتصاقنا بمفاهيم العالم الضَّيِّقَة، وهذا يحرمنا من عطيَّة الله، ينبوع ماء الحياة. فهل علينا حرمان أنفسنا ونبقى ظمأى إلى الخلاص؟ أم نشرب ونرتوي من ماء الحياة، لنصير من أبناء الملكوت السَّماويّ، أبناء الرَّبّ يسوع القائم من بين الأموات؟ له المجد إلى الأبد، آمين.
الرَّجَاء
تعصف ببلادنا والبلدان العربيَّة، بشكل خاصّ، أوضاع توحي وكأنَّ هنالك من يخطِّط ويدبِّر وينظِّم لأجواءٍ لا تُبَشِّرُ بالخير، ويدعو إلى الشَّرِّ والقتل والنَّهب والخطف وعدم الأَمَان، ويسعى لأن لا يكون هنالك سلام أو ٱستقرار. كما قد يظهر أنّها تهدف، كما تنبَّأ البعض، إلى تهجير المسيحيِّين من أراضيهم وهدم الإيمان الَّذي في صدورهم.
في هذه الأجواء يرى البعض أنَّ الشَّهادة بالدَّم على قاب قوسَيْن من المؤمنين في الشَّرق، أو أنّ الملجأ الوحيد أن تُتْرَكَ هذه البلاد إلى أصحاب المصالح والغايات الَّذين يَسْتَلِمُونَ زمام الأمور في هذه الأوطان. وبالتالي، يُدفَعُ المسيحيُّون إلى البحث عن بلاد يجدون فيها الملاذ الأمين والطمأنينة والسَّلام لهم ولأولاهم.
أمَّا نحن المسيحيين في الشَّرق فلنا قرارٌ أنَّ هذه البلاد هي بلادنا ولا يمكن أن تُتْرَكَ للعابثين بها ولا للَّذين يسعون إلى بيعها والسَّاعين لكسر البِشَارَة المسيحيَّة بأنَّ "المسيح قد قام".
نحن ندرك أنَّنا مهما تَغَرَّبْنَا فالشِّرِّير سَاعٍ وراءنا أَنَّى ذهبنا ولو إلى آخِر بقاع الأرض، طالما نحن ننادي بربٍّ غيره ونؤمن بسيِّد حقيقيّ، الرّبّ يسوع المسيح، الَّذي نحتمي تحت جناحَيْه ويحتضننا كما تحتضن الدَّجاجة فراخها، ويفدينا بدمه النَّازِف من جنب حبِّه لنا.
الشَّهادة الَّتي نُدعى إليها اليوم هي شهادة الكلمة الحقّ في وجه الباطل وشهادة الدَّم إن ٱقتضى الأمر زودًا عن هذا الوطن الَّذي نؤتمن عليه كما نؤتمن على إيماننا الَّذي هو أغلى وأسمى من الحياة.
الشَّهادة تقتضي مِنَّا اليوم قبل كلّ شيء أن نكون كلّنا قلبًا واحِدًا وفكرًا واحِدًا حامِلين فكر المسيح ومُسْتَنِيرين بروحه القُدُّوس، مواظِبِين على الصَّلاة والصَّوم ومُنْكَبِّين على الكُتُبِ المقدَّسَة ومتزوِّدِين بروح القدِّيسين الشُّهداء والأبرار. الشَّهادة المطلوبة مِنَّا تبدأ بنزع الإهتمامات الدنيويَّة والتِّقَنِيَّة والتِّكنولوجيَّة، وعدم التَّلَهِّي عن الله بتفاهات هذا العالم الزائلة، ليتوجَّه الذِّهن والقلب نحو الضَّابط الكلّ بروحٍ مُنْسَحِقَة وتائِبَة مُتَرَجِّيَة الرَّحمة والغفران للمُسِيئين إلينا، واقتناء السَّلام الَّذي من الرَّبّ.
لم يَعُدِ الكون كما كان بل أصبح كلّه يغلي بالبغض والمصالح الشَّخصيَّة والدوليّة. هكذا هو عالم اليوم، وأمَّا نحن الَّذين في العالم ولسنا منه، فلنا رجاء بالمسيح القائم والغالِبِ، وهو قد ابتغانا أن نكون رسالته في هذا العالم مكتوبين لا بِحِبْرٍ بل بروحه القُدُّوس ومختُومِين بختم دمه المقدَّس.
بشارتنا أنَّ المسيح قد قام لم تكن يومًا كلامًا شِعْرِيًّا ولن تكون. بشارتنا هي شهادة لنا بأنَّ الشَّرَّ مهما طال، وأنَّ الشِّرِّير مهما جال فالغلبة الأخيرة للمسيح الَّذي نحيا به. ولنا في كلّ مواجهة مع الشَّرِّ الغلبة لأنَّ المسيح الَّذي نلبس هو القادِر على النَّصر والغَلَبَة والظَّفَر متى شاء، ولنا في هذا رجاء.
لا يمكن أن يكون الشَّرُّ سَيِّدًا في العالم ولو سُمِّيَ بسيِّد هذا العالم، لأنَّ رجاءنا بالَّذي ٱنتصَرَ وأنَّ أوطاننا تُبْنَى بأصحاب الإيمان والرَّجاء وبتسليم الذَّات لله الحيّ. بلادنا قد روَّتْهَا دماء القدِّيسين وأضحَتْ آنية تحمل ذخائرهم وتفوح بعطر قداستهم. هي، أيضًا، تشهد مع كلّ مؤمن حقّ أنّه لا يمكن أن تموت هذه البلاد إن بقي رجلٌ واحدٌ قلبه لله وبقي أمينًا على إيمانه وينادي: " المسيح قام! ... حقًّا قام!".