الأحد 15 كانون الثاني 2012

الأحد 15 كانون الثاني 2012

15 كانون الثاني 2012

الأحد 15 كانون الثاني 2012  

العدد 3

الأحد (12) من لوقا (العشرة البرص)

اللحن السادس       الإيوثينا التاسعة

15: البارّان بولس الثيبي ويوحنا الكوخي * 16:  السجود لسلطة بطرس المكرّمة، الشهيد دَمَسكينوس. * 17: القديس أنطونيوس الكبير معلم البرية، الشَّهيد جاورجيوس الجديد (ايوانينا) *  18:أثناسيوس وكيرللس رئيسا أساقفة الإسكندرية. * 19: البار مكاريوس المصري، مرقس مطران أفسس. * 20: البار أفتيميوس الكبير، الشهيد افسابيوس. *21: البار مكسيموس، الشهيد ناوفيطس. *
(بَدْءُ الحكمةِ وكمالُها)
يقول الكتاب: "بدء الحكمة مخافةُ الرَّبِّ" (أم 1: 7). ما هو كمال الحكمة يا تُرى؟! يقول الإنجيليُّ يوحنّا الرَّسول في رسالته الأولى: "لا خوفَ في المحبَّة، بل المحبَّةُ الكاملةُ تطرُدُ الخوفَ خارجًا" (1 يو 4: 18).
    قال القدِّيس أنطونيوس الكبير، مَرَّةً، لتلاميذه: "يا أولادي أنا لا أخاف الله". لماذا؟ أردف قائلاً: "لأنِّي أحبُّه".
    بدءُ الحكمة مخافةُ الله، وكمالُ الحكمةِ محبّةُ الله.
    يوجد طريق لا بدَّ من سلوكه لاقتناء محبَّة الله فينا. المسيحيّون اليوم يتعاطَون مع الله على أنّه إله مُحِبّ، رحيم، شفوق، متعطِّف، وهذا ليس غير صحيح. لكن، هل يتدرَّج المسيحيّون من المخافة إلى المحبّة في نموِّهم الروحيّ؟ يعلّمنا الكتاب المقدَّس، كما فسَّره الآباء، أَنَّ علاقة الإنسان مع الله تقع في ثلاثة أنواع: العبد، الأجير والابن. يختار الإنسان العلاقة التي يريد أن تربطه بالله. لا يفرض الله علينا نوع العلاقة معه. هو يريدنا أن نكون أبناءً له، "لست أدعوكم بعدُ عبيدًا بل أحبّاء" (يو 15: 15). لكن يبقى السؤال ماذا نريد أن تكون علاقتنا مع الله؟ من هو الله بالنسبة لي؟
بشكل شبه دائم، نجد على أوراق النعوة العبارة التالية عن الراقد أنّه "متمِّم واجباته الدينيّة". ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنَّ معظم الناس، في خلفيّة فكرهم أنّ علاقتهم مع الله هي علاقة حقوق وواجبات. هذا يضع الناس في موقع العبيد أو الأُجَراء في علاقتهم مع الله، لأنّهم إمَّا أنّهم يفعلون ويمارسون "الفروض الدينيّة" لإبعاد العقاب الإلهي عنهم، أو ليحصلوا على أجرة مقابل تطبيقهم والتزامهم بما يمليه الدين عليهم.    لا يقول الكتاب أنّ هؤلاء الناس لا يخلصون. بل إنّهم يخلصون إذا التزموا الكلمة الإلهيّة كفرض، لكنّهم يضيّعون على أنفسهم فرصة أن يكونوا وارثين لله. لأنّ المسيحيّة ليست دينًا مبنيًّا على شريعة ووصايا وفروض، إنّها حياة جديدة وخليقة جديدة، إنّها حقيقة الوجود المطلقة ومعنى الحياة الذي لا معنى آخر لها غيره.
على الإنسان أن يرتقي بذاته من العبوديّة والمأجُوريّة إلى المحبوبيّة في علاقته مع الله، "إليكَ رفعتُ نفسي" (مز 143: 8). هذا يصير بالتدرُّج في معارج طريق الحياة الحقيقيّة عبر عيش الوصيّة الإلهيّة كوصيّة أبويّة، ككلمة محيية، لا كقانون. يُتمَّم هذا بالتَّطَهُّر "بغسل الماء بالكلمة" الإلهيّة (أفسس 5:26) و"الصلاة والصوم" (مر 9: 29). ولا يمكن للإنسان أن يحقِّق شيئًا من هذه الأمور إذا لم يُخصِّص شيئًا من وقته للهدأة والخلوة والتأمّل، "لأنَّه هكذا قال السَّيِّد الرَّبُّ قدُّوس إسرائيل، بالرُّجوع والسُّكون تَخْلُصُون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتَّكم. فلم تشاءوا." (إش 30: 16). فـ"الهدوء يسكِّنُ خطايا عظيمة." (جا 10: 4)، و"حياة الجسد هدوء القلب " (أم 14: 30)، و"هدوء اللسان شجرة حياة " (أم 15: 4)، و"كلمات الحكماء تُسمَع في الهدوء " (جا 9: 17).
"لذلك أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرَّبُّ ولا تَمَسُّوا نجسًا فاقبلَكم وأكونَ لكم أباً وأنتم تكونوا لي بنين وبنات يقول الرَّبّث القادر على كل شيء" (2كو 6: 17 و 18). هذا الخروج هو خروج من المكان والزمان، وهو، أيضًا، حالة روحيّة تُعاش في القلب. من أراد أن يتعلّمها فليذهب إلى معلّميها آباء الصحراء من خلال كتاباتهم وإلى ورثتهم الرهبان.
    بالتنقية يصير الإرتقاء بالعلاقة مع الله من المخافة إلى الحبّ الكامل.
من استطاع أن يفهم فليفهم.

طروبارية القيامة  باللحن السادس

إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة. فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

قنداق دخول السيّد إلى الهيكل    باللحن الأول

أيها المسيح الإله يا من بمولده قدَّس المستودع البتولي، وبارك يدي سمعان كما لاق، وأدركنا الآن وخلَّصنا، إحفظ رعيّتك بسلام في الحروب، وأيِّد المؤمنين الذين أحببتهم، بما أنك وحدك محبّ للبشر.

الرسالة

كول 3: 4-11 

ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ. كلَّها بحكمٍ صنعت
باركي يا نفسي الربَّ
يا إخوةُ، متى ظهرَ المسيحُ الذي هو حياتُنا فأنتم أيضًا تَظهَرون حينئذٍ معهُ في المجد. فأمِيتوا أعضاءَكم التي على الأرضِ: الزِنَى والنجاسةَ والهوى والشهوةَ الرديئَةَ والطمعَ الذي هو عبادةُ وثَن، لأنَّهُ لأجلِ هذه يأتي غضبُ الله على أبناءِ العِصيان، وفي هذه أنتم أيضًا سلكُتم حينًا إذ كنتم عائشين فيها. أمَّا الآن فأنتم أيضًا اطرحوا الكُلَّ: الغضبَ والسُخطَ والخُبثَ والتجديفَ والكلامَ القبيحَ من أفواهِكم، ولا يكذب بعضُكم بعضًا بلِ اخلعوا الإنسانَ العتيقَ معَ أعماله والبَسُوا الإنسانَ الجديد الذي يتجدَّدُ للمعرفةِ على صورةِ خالقِه، حيثُ ليس يونانيٌّ ولا يهوديٌّ، لا خِتانٌ ولا قَلَفٌ، لا بربريٌّ ولا إسكِيثيٌّ، لا عبدٌ ولا حرٌّ، بلِ المسيحُ هو كلُّ شيءٍ وفي الجميع

الإنجيل

لو 17: 12-19

في ذلك الزمان، فيما يسوعُ داخلٌ إلى قريةٍ استقبلهُ عشَرةُ رجالٍ بُرصٍ، ووقفوا من بعيدٍ ورفعوا أصواتَهم قائلين: يا يسوعُ المعلّمُ ارحمنا. فلمَّا رآهم قال لهم: امضوا وأَرُوا الكهنةَ أنفسَكم. وفيما هم منطلّقون طَهُروا. وإنَّ واحداً منهم لمَّا رأى انَّه قد بَرئ رجَعَ يمجِّد الله بصوتٍ عظيم وخرَّ على وجههِ عند قدَميه شاكراً لهُ، وكان سامريّاً. فأجاب يسوع وقال: أليس العشَرةُ قد طهُروا، فأين التِسعة؟ ألم يوجَدْ من يرجِع ليمجد اللهَ الاَّ هذا الأجنبيَّ؟ وقال له: قُمْ وامضِ إيمانُك قد خلَّصك.

في الإنجيل

اليوم سمعنا المقطع الإنجيليّ من لوقا والمعروف بإنجيل البرص. والصورة بسيطة جدًّا لكنها ذات معنى عميق. هناك عشرة أشخاص، كلهم مصابون بمرض البرص. ومرض البَرَص منذ ألفي سنة كان لا يعرف له أيّ دواء، وهو مرض معدٍ. اذاً كان مقضيًّا على البُرص باعتزال الناس ومن ثم الموت في البراري. أتى الرب يسوع وشفاهم من مرضهم. فأعاد بذلك لهم الحياة والقبول في المجتمع. 
عشرة تم لهم الشفاء، تسعة نسوا أن  يشكروا الذي شفاهم، وواحد من عشرة فقط فكّر بأن يقدم الشكر لطبيبه الشافي. ويلفتنا الانجيل الى أن هذا العاشر كان غريبًا أجنبيًا. وعندئذ طرح السؤال وهو مطروح علينا جميعا: ألم يوجد من يقدّم الشكر لله على شفائه إلاّ هذا الأجنبي؟ أين التسعة؟ لقد شفى عشرة فأين التسعة الباقون؟ تسعون في المئة نسوا شافيهم إلاّ ذاك الأجنبي. في أيامنا هذه هناك رفض لكل شكر، اليوم لا يشكر أحد أحدًا، الاولاد في البيت لا يشكرون أهلهم، التلاميذ في المدرسة لا يشكرون معلميهم، والمريض بالكاد يشكر طبيبه لا سيّما اذا كان قد دفع الاجرة. ان هناك مرضًا عندنا وهو الاعتقاد بأن الشخص الذي تشكره تضعه موضعا أرقى منك، لذا ففي الشكر طابع المذلة. والشخص الذي يَشكر هو ذاك الذي يقبل على نفسه تحمّل المذلة وبالتالي هو انسان ضعيف. إنّ في أعماق كل واحد منا تكبّرًا وتعجرفًا. الكبرياء، الجبروت، الاعتزاز، والمجد والتاريخ، هذه هي التي تجعل الناس لا يشكر الواحد منهم الآخر على عمل صالح. لقد حصرنا علاقاتنا بحيث أنكرنا اللهَ في قلوبنا وأنكرنا للناس فضلهم، وصار البعض يظن أنّنا بدفعنا المال والأجرة لفاعل حسنة وخير، نكون قد قمنا بكل واجباتنا نحوه. فكأن عالمنا تحوّل الى عالم تجارة. لا، إنجيل اليوم يقول لنا إنّ علاقات الناس المسيحيةَ هي علاقات شكر لكل من يعمل معنا الخير كائنًا من كان. 
الأجنبيّ عرف أن يشكر، أمّا أهل البيت فلا تسمع من فمهم كلام الشكر إلاّ قليلاً. يجب أن يتعوّد فمنا على قول كلمة شكرًا، يجب أن تتعود شفاهنا استعمالها. يجب أن نشعر بأن من حق إخوتنا علينا أن نبادلهم الشكر. فالله فاعل في كنيسته وفي عالمنا ونعمه لا تحصى وهو يعطيها مجانًا. فلنشكر الله وليشكر كل واحد منا أخاه.

القّداس

يتألّف اليومُ الليتورجيُّ في كنيستنا من عدّةِ صلواتٍ، تغطّي مجملَ ساعاتِ اليومِ الأربع والعشرين. يبدأ اليومُ الليتورجيُّ بصلاةِ غروبِ اليومِ الذي يسبقه (يبدأ، مثلاً، يوم الأحد في غروب السبت)، وتليه صلواتُ النوم، نصف الليل، السحر، القدّاس، والساعات.
السوادُ الأعظمُ من شعبنا لا يسمعُ بهذه الصلواتِ ولا يمارسُها. الممارسون منه، وهم قلّة، يشاركون في بعضها (القداس- السحر- الغروب). أمّا عند غيرِ الممارسين، وهم الأغلبيّةُ، فكلُّ الصلواتِ بالنسبة لهم هي "قدّاسَ"! ؟
يعودُ سببُ هذا الخلط في استعمال التسمياتِ إلى فترةٍ سابقةٍ كانتْ الصلواتُ فيها، بسبب نَدْرَةِ الكهنة، تقتصرُ على قدّاسٍ يُقام يومَ الأحد (وفي الأغلب الأحيانِ ليسَ كلَّ أحدٍ) وأيّام الأعيادِ الكبرى. لم يكنْ شعبُنا في تلك الحقبة يرى الكنيسة مفتوحةً ولم يكن يسمعُ قرع الأجراس الاّ في بعضِ أيّامِ الآحادِ والأعياد. فبالنسبة له كلُّ صلاةٍ تُقام هي "قدّاس".
هذه الواقعةُ، بالرغم من مرارتهِا وممّا تذكّرُنا به من أوضاع مترديّةِ عاشْتها كنيستُنا الأنطاكيةُ قبل عقودٍ من الزمن، تؤكد لنا حقيقةً أساس في حياتِنا المسيحيّة تَغيبُ عن مجمل شعبنا: محوريّةُ القّداس في حياة الجماعة الكنسيّة ووجودها. يُمكن للظروف أن تمنعَ إقامةَ صلاة غروبٍ أو سحر لكن يجب أن لا يقفَ أيُّ ظرفٍ عائقاً امامَ إقامةِ القدّاس، وإلاّ فإنّ الهويّة المسيحيّةَ بمجملها معرّضةً للزوال.
القدّاس ليس مجرّد صلاةٍ. هو منبعُ كلِّ الصلوات وغايتُها. دونَه تفقدُ كلُّ الصلواتِ بُعْدها الكنسيَّ الوجوديَّ. فرادةُ القدّاس تكمنُ في جسدِ الربِّ ودمِه الموزَّعَيْن فيه على المؤمنين: غذاءً ينميّ كيانَهَم المسيحيَّ ويحفظهُ، حياةً تعطي لحياتِهم البيولوجيّةِ المحدودةِ بعدًا آخرَ يتخطّى اللحم والدمَ إلى حياة في الروحِ القدس لا نهايةَ لها. فكلُّ قدّاسٍ تبقى فيه الكأسُ المقدّسةُ مغلقةً هو مسرحيّةُ فاشلةٌ.
الحقيقةُ الوجوديّة للكنيسة قائمةٌ في القدّاس الإلهيّ. هذا ما مارسته الكنيسة منذ البدءِ في "يوم الربِّ" وفي "كسر الخبز". مراجعة تاريخيّةٌ لحياةِ الكنيسةِ تؤكدُ هذه الحقيقة: 1- كلّ الأسرارِ الكنسيّة، لا يكتملُ فعلُها وجدواها الخلاصيِّان إذا لم تَقُدْنا إلى القدّاس، لذا كانت تتمُّ ضمنَ خدمةِ القدّاس لأنها، في مضمونها وغاياتها تقودُ إلى  المشاركةِ فيه (المناولة). 2- كلّ الرُتَبِ الكهنوتيةِ والوظائفِ والأنشطة الكنسيّةِ، نشأتْ وتبلورتْ لتامين خدمَةِ القدّاسِ ومستلزماتِه وملحقاته. 3- كلُّ القوانين الكنسيّة نشأتْ لحماية إقامةِ القدّاس من أيِّ شائبة أو انحرافٍ، فكلُّ انحرافٍ قانونّي أو عقائديٍّ يُترجمُ، عمليًّا، إقصاءً لصاحبِه عن المشاركةِ، في القدّاس مع باقي الجماعةِ، وكلُّ من تقلُّ مشاركتُه في القداس عن 3 مرّاتٍ في السنةٍ يفقدُ هويته المسيحية. 4- آباؤنا القدّيسون المتوحّدون كانوا يضعون رغبتَهم التوحّديّة جانباً ليلتقوا مع الإخوةِ، يومَ الأحدِ وأيامَ الأعيادِ، لإقامةِ القدّاس وتناول جسدِ الربِّ ودمِه، محقّقين بذلك هويَّتهم المسيحية الشخصيّةَ وهويّة الجماعة المسيحيّة والشركة في ما بينها. لا يحقّقُ القدّاسُ الهويّةَ المسيحيّة للشخص فحسب، بل يحقّقُها للجماعة أيضًا. وحدةُ الجماعةِ والشركةُ بين أعضائها تتحقّقان، أوّلاً في جسد المسيحِ الحاضر في القداسِ والموزعِ على المؤمنين. بعدها، تاتي القوانين والمؤسساتُ لتدعمَ هذه الوحدة وتَصونَها من الانحراف والفتور. الحريصُ على "الطائفة" المسيحية عليه أوّلاً أن ينتمي فعلاً لا اسماً، إلى الكنيسة المسيحيّة. ويتحقّق انتماؤه في لقائه مع الجماعة والأسقف، أو الكاهن الذي يمثِّلهُ حول الكلمة والجسد الإلهيَيْن الموزّعيْن بسخاءٍ على كلِّ الجماعةِ في القداس.
والأكثرُ غرابةً في الممارسات الشعبيّة للصلوات أنْ يُتابعَ بعضُهم صلواتِ الصوم يوميًّا دون المشاركة في قدّاسِ الأحد أو حتى في قدّاس الفصح والإكتفاء "بحضورِ الهجمة". وكذا الحالُ في عيد الميلادِ وغيرِهِ من الأعياد. هذا ما يُظهر جهلاً مؤلماً لأصول حياة العبادة المسيحية.
أخيراً نورد بعض ما جاء على لسان الربّ بهذا الشأن:
"إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمَه فلنْ تكونَ فيكم الحياةُ. من أكل جسدي وشربَ دمي، فله الحياةُ الأبديّة وأنا أقيمُه في اليوم الأخير... من أكلَ جسدي وشربَ دمي أقامَ فيّ وأقمتُ أنا فيه، وكما أنا أحيا بالآبِ الحيِّ الذي أرسلني فكذلك يحيا بي من يأكلُني". (يوحنا 6، 53-54 و56-57).

مجيء لا حلول

تقرأ الكنيسة في  قدَّاس عيد الظهور الإلهي مقطعًا من الإصحاح الثالث في إنجيل متى، بحيث إنَّ الترجمة الكنسية التي تُتلى على المصلّين تستعمل فعل «حلول» الروح القدس على الرّبّ يسوع، عوضًا عن «مجيء» الروح القدس، فتقول: «وإذ السموات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلاً مثل حمامةٍ وحالّاً عليه». والأصحّ في هذا السياق القول آتيًا عليه، إذ إنَّ الترجمة الصحيحة للفعل اليوناني  Erkhomenon المشتق من Erkhomai هو «المجيء» وليس «الحلول»، وهذا ما نقرأه في الأناجيل الأربعة بحسب الترجمة البروتستنتية، التي تُعتَبَرْ بمثابة الترجمة الحرفية عن اللغة اليونانية.
وكون الرّب يسوع هو إلهًا كاملاً وإنسانًا كاملاً بدون انفصال أو اختلاط أو امتزاج أو تشوُّش، يأتي فعل «آتيًا عليه» ليكون الترجمة الصحيحة والدقيقة للأصل اليوناني للفعل المستعمل ومضمونه وذلك للأسباب التالية:
1-    قد تُفهم كلمة «حالاًّ» بأنَّ الروح القدس «حلَّ» على الرّبّ يسوع في المعمودية، وأنه قبلاً لم يكن يتنعَّم به. وهذا طبعًا غير صحيح، لأنَّ يسوع هو الأقنوم الثاني غير المنفصل عن الثالوث القدُّوس، والموجود قبل الأزل، ولم تكن لحظةٌ كان فيها أقنومٌ موجودًا دون الآخر، وما شاهدناه في مياه الأردنّ هو الله الابن المتجسّد غير المنفصل عن الله الآب والله الروح القدس.
2-    إذا دقَّقنا في جذور فعلَي Katavainon (نزل) و Erkhomenon (أتى)، لأدركنا حقيقةً جوهرَ ما حدثَ في هذا العيد المبارك. فالذي حصلَ هو كشفٌ إلهي لطبيعة الله الثالوثية، بصوت الآب، وشخص الابن، وهيئة الحمامة، ليُصبح العيد عيد «الظهور الإلهي».
 من هنا نقول أنَّه في اللحظة التي تعرَّفنا فيها على حقيقة الابن، تعرّفنا فيها أيضًا على الآب والروح، ففعل Katavainon، إضافةً إلى أنَّه يعني «النزول أو الانحدار»،  هوَ يحملُ أيضًا في طيَّاته معنى «الوصول» Vainon، من هنا نقرأ في اللاتينية فعل Veni وفي الفرنسية فعل Venir، الذي يعني «الوصول»، ليتكوَّن المعنى الكامل للعيد، ففي اللحظة التي وصلَ فيها الابن، وصلَ فيها الروح، وهذا ما تعنيه الآية « روح الله نازلاً مثل حمامة وآتيًا عليه» وكيف لا؟! والكلمة صار جسدًا.
ختاماً نقول: إنَّ كلَّ المفردات البشرية، تبقى عاجزةً عن وصف جوهر الله الثالوثي، الذي يفوق كل وصف وتعبير. 
   هللويا

أخبـــارنــــا

                                                  

حلقة دراسة إنجيل يوحنا مع راعي الأبرشية

يسرّ حركة الشبيبة الأرثوذكسية، مركز طرابلس، فرع الميناء، دعوتكم للمشاركة في حلقة "تفسير إنجيل يوحنا" مع سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) راعي الأبرشية، وذلك مساء الجمعة الواقع فيه 20 كانون الثاني 2012 الساعة السابعة في بيت الحركة – الميناء.

 أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس

لمناسبة أسبوع الصلاة لأجل الوحدة تقام صلاة الوحدة برئاسة أصحاب السيادة مطارنة طرابلس: يوم السبت الواقع فيه 21 كانون الثاني 2012 في ديرسيدة النجاة للموارنة- بصرما وذلك عند الساعة السادسة مساءً