الجمعة 25 كانون الأول 2009

الجمعة 25 كانون الأول 2009

25 كانون الأول 2009
الجمعة 25 كانون الأول  2009
العدد 52
السنة الخامسة عشرة
 
ميلاد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح بالجسد
 
المسيح وُلد فمجدوه المسيح أتى من السماوات فاستقبلوه المسيح على الأرض فارتفعوا رتّلي للربّ أيتها الأرض كلّها ويا شعوب سبحوه بابتهاجٍ لأنه قد تمجّد
طروبارية الميلاد                 باللحن الرابع 
 
ميلادُكَ أيّها المسيحُ إلهُنا قد أطلعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ الساجدين للكواكب به تعلَّموا من الكوكبِ السجودَ لك يا شمسَ العدل، وأن يعرفوا أنّك من مشارقِ العلوِّ أتَيْت، يا ربُّ المجدُ لك.    
قنداق الميلاد                     باللحن الثالث
 
أليومَ البتول تلدُ الفائقَ الجوهر والأرضُ تقرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتربٍ إليه، الملائكة مع الرعاة يمجّدون، والمجوس مع الكوكب في الطريق يسيرون، لأنّه قد وُلِد من أجلنا صبيٌّ جديد، الإلهُ الذي قبل الدهور.
الرسالة: 
غلاط 4: 4-7
 
كلُّ أهل الأرْضِ يسْجُدون لكَ ويُرتِّلونَ لكَ        
هلِّلوا للهِ يا جميعَ أهْل الأرض 
 
يا إخوة، لمّا حان مِلءُ الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأة، مولوداً تحت الناموس، ليفتديَ الذينَ تحت الناموس، لننالَ التبني. وبما أنّكم أبناءٌ أرسلَ الله روحَ ابنه إلى قلوبكم صارخاً أبّا أيّها الآب. فلستَ بعدُ عبدًا بل أنتَ ابنٌ، وإن كنتَ ابناً، فأنتَ وارِث لله بيسوعَ المسيح.
الإنجيل: 
متى 2: 1-12
 
لمّا وُلد يسوعُ في بيتَ لحمَ اليهوديّة في أيّام هيرودس الملك، إذا مجوسٌ قد أقبلوا من المشرق إلى أورشليم قائلين: أين المولودُ ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق فوافينا لنسجد له. فلمّا سمع هيرودس الملكُ اضطرب هو وكلُّ أورشليم معه. وجمع كلَّ رؤساء الكهنة وكتبة الشعبِ واستخبرهم أين يولد المسيح. فقالوا له في بيتَ لحمَ اليهوديّة، لأنه هكذا قد كُتب بالنبيّ: وأنتِ يا بيتَ لحمُ أرضَ يهوذا، لستِ بصغرى في رؤساء يهوذا، لأنّه منكِ يخرج المدبّر الذي يرعى شعبي إسرائيل. حينئذٍ دعا هيرودس المجوس سراً وتحقق منهم زمانَ النجم الذي ظهر. ثمّ أرسلهم إلى بيتَ لحمَ قائلاً: إنطلقوا وابحثوا عن الصبيّ بتدقيق، ومتى وجدتموه فأخبروني لكي آتيَ أنا أيضاً وأسجد له. فلمّا سمعوا من الملك ذهبوا، فإذا النجمُ الذي كانوا رأوه في المشرق يتقدّمهم حتى جاء ووقف فوق الموضع الذي كان فيه الصبيّ. فلمّا رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيماً جداً، وأتوا إلى البيت فوجدوا الصبيَّ مع أمّه فخرّوا ساجدين له، وفتحوا كنوزهم وقدّموا له هدايا من ذهب ولُبانٍ ومُرٍّ. ثمّ أُوحِيَ إليهم في الحلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس، فانصرفوا في طريقٍ أخرى إلى بلادهم.
رسالة الميلاد
 
"عظيم هو سرّ التقوى الله ظهر في الجسد" (1 تيمو 3: 16).
 
"لأنه حقًّّا لم يأت الله ليُعين ملائكة بل ليعين نسلَ ابراهيم، من ثمّ كان ينبغي أن يشبه أخوته في كلّ شيء" (عبرانيين 2: 16-17).
 
نعم، الله ظهر في الجسد.
 
الميلاد هو الظهور الإلهي الأجلى للعالم. فإن الله الكلمة اتخذ جسد الإنسان وكإله-إنسان (Theanthropos) استعلن للعالم. وكانت هذه بداية دخولنا، نحن، في عالم الله. لذا قال القدّيس غريغوريوس اللاهوتي: "صار الله إنساناً ليصير الإنسان إلهاً".
 
يا للعجب، كيف أنّ الهاً يتحّد مع الإنسان! الّذي كان منذ الأزل في اللاّزمن واللاّمكان يولد في حيّز الزمان والمكان! والّذي يُغني الكثيرين، يضحى فقيراً يفتقر إلى الكلّ حبّاً! المِلء يُفرغ ذاته، يفرغ ذاته من مجده حتى أذوق أنا شيئاً من ملئه!
 
الميلاد، أو سرّ التجسّد هو إفراغ للذات. هذا ما  يلخّص السرّ كلّه. لذا يقول الرسول بولس: "المسيح الإله أخلى ذاته آخذاً صورة عبدٍ صائراً في شبه الناس… ووضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فيلبي 2: 6-8).
 
المسيح نزل إلى الجحيم. وهو لا يطلب من أجل خلاص الإنسان الواقع، سوى أن يمدّ يده إليه ليقتبل الحياة الجديدة المقدّمة إليه.
 
فإن المحبّة إفراغٌ للذات، وإنكارٌ لها. 
 
القدّيس يوحنا الذهبي الفم يقول: "من أجلك يا ابني ضُربتُ وتألمتُ. من أجلك أفرغتُ ذاتي من المجد الإلهي وسارعتُ اليك لكي تكونَ لي، وأُتْحِدُكَ معي، وأرفعك إلى السماء. وأما هاهنا على الأرض، فأمكث معك إلى الأبد".
 
أيها الأحبّاء، أردتُ في بداية هذه الرسالة الميلادية أن أنقل إليكم بعضًا من الخواطر الكتابيّة والآبائية حول الميلاد، عساها تمسّ قليلاً عقولكم وقلوبكم.
 
لا بدّ لنا، نحن المؤمنين، في هذا الزمن الميلادي، من أن نستوقف قليلاً اهتماماتنا الدنيويّة لكي نتأمّل في الكتاب المقدّس (إنجيلي متى ولوقا حول الميلاد)، وفي كتابات الآباء القديسين (العظات الآبائية حول الميلاد)، وفي القطع الليتورجيّة المرتّلة، لكي نَلِجَ أكثر فأكثر في هذا السرّ (Mystirion) الفائق الطبيعة، سرّ تجسّد ابن الله الّذي لا يدرك بالعقل بل بالإيمان.
 
أناشدكم، أيّها الأبناء الأحبّاء، ألاّ تغرقوا في هذا الموسم الميلادي في المأكل والمشرب والسهر العالمي والطرب. كلّ هذا يدغدغ شهوات الجسد الضارة ولا يرفع النفس إلى الله أو يبني الإنسان الداخليّ.
 
ليلة الميلاد نقضيها في التأمل والصلاة استعداداً للاشتراك في الذبيحة الإلهيّة. ورجائي الحارّ ألاّ تنسوا في هذه الأيّام إخوتكم الصغار الفقراء، الأيتام، الأرامل، المعاقين، المرضى، المشردين والمظلومين في لبنان، وفي فلسطين، والعراق، وفي كلّ العالم. هكذا، بذكركم وافتقادكم لهم، على قدر الإمكان، شخصيًّا وماديًّا تشترون خلاصكم، وتلتقون وتتَّحدون بيسوع المسيح ربنا وإلهنا الذي أتى طفلاً فقيراً معوزاً ليرينا درب الحياة التي توصلنا إلى الفردوس المفقود، وإلى المجد السماوي.
 
متمّنياً لكم جميعاً أعياداً مجيدة مباركة.
 
                                      + أفرام
                        مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
"عبر من عيد مجيء الله الينا"
 
العيد على الابواب والناس في زحمة ، في اندفاع، في لهاث، في ترقب. حيثما نظرت، تجد المحلات تغص بالناس . الناس في عجقة. يريدون ان يتبضعوا، ان يشتروا، أن يعودوا الى البيت محملين بالاكياس المختلفة الالوان. الشراء هاجس عند الناس، فهو يشعر الواحد منهم انه بذلك يمسك بكل ما في العالم، وفي الحقيقة انهم لايمسكون شيئا، فما يستهويهم ليس الا اللهاث والعجقة وكسر الرتابة في الحياة اليومية .  
 
يتوق الناس الى قطف بهجة العيد. والعيد هو عند من هو في القلب سعيد. فالمال والشراء، والقنية، لاتأتي بالسعادة . الناس يريدون ان ينفقوا مما في جيوبهم وفي مدخراتهم طمعا في قطف بهجة هم انفسهم لايعلمون ما هي. لقد اكتمل عيدهم  بالشراء .العيد بالنسبة اليهم يكمن كله في الشراء والالوان والاكل وانا، ليس عندي مشكلة مع هذه الممارسات، فحسن ان يعبر الكبار عن محبتهم لصغارهم بشراء هدايا والعاب ،اذا كان ذلك سيدخل الفرحة الى قلوب الصغار. لكن كل هذه المباهج لا علاقة لها بالعيد الوشيك، بالميلاد، ولا يمكنها ان تسهم في ادخال الاطفال في صميم هذا الحدث العظيم ، وبالتالي فهي لاتمت بصلة  الى الحدث العظيم الذي نترقبه. ترى، ما الذي يترقبه المؤمن العائش في هذا  العالم العابر والزائل ؟  انه يترقب قدوم عيد تجسد الله . لقد نزل الله الى عالمنا واتخذ جسدا كجسدنا، لكن بدون خطيئة، من احشاء مريم البتول . الله صار مثلنا، كي يحولنا الى ذاته، كي يرفعنا الى فوق. نزل كي نرتفع.
 
"صار الاله انسانا، ليصير الانسان الها". العظيم صار بيننا، وبات بامكاننا ان ننظر الى المتحولات في حدودها.  هنا يكمن العيد. هنا كل القضية. في عيد تجسد الرب ، صار عند من يريد القدرة ان يحسن النظر في كل ما يقدم عليه في هذا العالم. الرب الذي سيولد في بيت لحم ، يدعونا دائما، ان نولد ولادة جديدة .ولادته تذكير بضرورة ولادتنا نحن. وهكذا، نحن لسنا فقط امام ذكرى، بل امام دعوة ورسالة ايضا. نحن امام حياة جديدة نبثها في صميم حياتنا كي نتغير، كي نرتقي، وكي نصبح افضل. وتقول احدى المقطوعات البديعة في خدمة العيد: "المسيح اتى من السموات فاستقبلوه". أإن تعيد، يعني ان تحسن استقبال الرب النازل الى عالمك. وكيف نستقبله؟    
 
في الحقيقة لا نستطيع ان نستقبله، الا اذا اسكناه في قلوبنا. الا اذا تطهرنا من خطايانا ، بالتمرد عليها. مهزلة كبيرة ان يبقى العيد مجرد اكل وشرب،مجرد شجرة، مجرد لباس جديد. مهزلة ان يكون العيد مجرد الوان، والعاب وهدايا . مهزلة ان يكون بابا نويل الشخص المركزي في هذا العيد .مهزلة ان ننفق على هدايا اولادنا، بينما هم يبعثون برسائلهم الى بابا نويل يعربون فيها عن رغبتهم ببعض الهدايا والالعاب . ومن جديد ،كيف نستقبل صاحب العيد على نحو ما ننشد في الكنيسة " ...المسيح اتى من السموات فاستقبلوه ؟"
 
يتجلى استقبالنا له، 
 
أولا ، بالمشاركة في صلوات هذا العيد. وهذا يعني اولا قراءة الخدمة الكنسية بعمق وتأمل في البيت، قبل التوجه الى الكنيسة، وذلك للوقوف على المعاني البديعة ، والدرر الروحية التي بثها من نظم الخدمة. وخدمة العيد نجدها في كتاب "الميناون"، وفي "طريق الامان لأبناء الايمان ".
 
ثانيا، بالانتباه الى الحياة الروحية الشخصية، كي يكون العيد حدثا روحيا شخصيا في حياتي . انا أستعد لاستقبال الرب، اي انني استعد كي اكون في ابهى حلة تليق باستقباله. وليس اجمل من التأمل في المقطوعة التالية ، كي يكتمل استعدادي: "إنني أشاهد خدرك، مزينا يا مخلصي. ولست امتلك لباسا، للدخول اليه. فأبهج حلة نفسي، يا مانح النور وخلصني."
 
ثالثا، بالالتفات الى الاخرين. ولهذا البند عدد من المعاني: الالتفات هذا يعني النظر الى حاجات الاخرين، والاحساس معهم في معاناتهم، في مشاكلهم، في همومهم. الالتفات يعني ان يدرك الانسان ان للاخرين مكانة وحضورا في قلبه، وانه لن يتقدم روحيا اذا هو غيّبهم من حياته ومن هواجسه ، لأن الاخرين في التقليد النسكي الارثوذكسي صاروا واحدا وشخص المسيح :"وما فعلتموه بأخوتي هؤلاء الصغار، فبي فعلتموه."اماهذه النقطة الثالثة، يستطيع المرء ان يجد لنفسه كم العالم فقير في تعاطيه مع الاخر .
 
رابعا، الانفتاح على كلمة الحياة الابدية، اعني بها الكتاب المقدس، والتي لولاها لما كان بالامكان ان نعرف الله: "الى اين نذهب يارب، وكلام الحياة الابدية عندك ؟" .
 
في الحقيقة كثيرة هي المعاني المبثوثة في خدمة العيد. وكثيرة هي الامور المطلوبة مني في هذا العيد .العيد الحاضر متشعب وكبير . فلنقرأ خدمته بعمق وتأمل في نص الخدمة نفسه ، راجين ان يكون لنا نصيب ومكان في قلب طفل المغارة. واذا فعلنا هكذا ، نكون على طريق استقبال الرب، كي نحيا حسب قلبه. هكذا يكون العيد. وكل عيد والبشرية في كل مكان ، بألف خير . 
الكنيسة الأرثوذكسية تطوب شهيد نابلس، فيلومينوس
 
أحتفل رسميا في كنيسة بئر يعقوب للروم الأرثوذكس في نابلس بالأعلان عن تطويب الشهيد الأرشمندريت فيلومنوس ووضع أسمه على لائحة قديسي الكنيسة الأرثوذكسية وذلك بقرار من المجمع المقدس.
 
ترأس القداس الإلهي غبطة البطريرك ثيوفيلوس يعاونه مطارنة الكرسي البطريركي الأورشليمي وعدد من مطارنة الكنيسة القبرصية أضافة الى وفد كنسي روسي. علما بأن رفات القديس محفوظة داخل الكنيسة التي فيها أستشهد.
 
وخلال القداس الإلهي تم الإعلان رسميا عن قرار المجمع المقدس بوضع الأرشمندريت الشهيد فيلومنوس في مصف القديسين وسيحتفل بتذكاره سنويا في 29 تشرين الثاني وهي ذكرى استشهاده.
 
الشهيد في الكهنة الأرشمندريت فيلومنوس كان رئيسا لدير بئر يعقوب في نابلس وفي عصر يوم 29/11/79 عندما كان واقفا في الكنيسة يصلي صلاة الغروب دخلت عليه مجموعة من المتطرفين اليهود المستوطنين وقتلوه بطريقة إجرامية مستعملين الأدوات الحادة حيث سقط شهيدا مضرجا بالدماء داخل الكنيسة التي خدمها وكان يصلي فيها. وقد مر على أستشهاده اربعون عاما حيث كانت رفاته موضع احترام وخشوع من قبل زائري الأراضي المقدسة.
ولد الشهيد في الكهنة في قبرص وذهب الى الأراضي المقدسة منذ أن كان صغيرا وخدم في عدة اديرة وكنائس ولبس الثوب الرهباني ورسم شماسا وكاهنا واخر مكان خدمه هو دير بئر يعقوب في نابلس حيث قضى شهيدا.
 
إن رفاته المقدسة هي مصدر نعم وبركات حيث شفي الكثيرون من المرضى من أمراضهم كما ان جسده يفيض طيبا ومن يدخل الى الكنيسة يشعر برائحة الطيب المنبعثة من جسد الشهيد القديس .
 
وألقى البطريرك ثيوفيلوس موعظة بهذه المناسبة، قال فيها "إن الكنيسة الأرثوذكسية في القدس مؤسسة على دم السيد المسيح الذي سال على الجلجلة من أجل مغفرة الجنس البشري وخلاصه، وأن هذه الكنيسة المقدسية قد أثمرت في أحضانها شهداء سكبوا دمائهم كتقدمة ومحبة للمصلوب من أجلهم والقائم من بين الأموات إرادياً"