أسئلة وأجوبة مع الشيخ أمبروسيوس/ أوبتينا
في 11/12/2023
** سؤال: هل نستطيع، أيّها الشيخ، أن نخلص نحن العائشين في العالم؟
++ الشيخ: طبعًا شرط أن تبتعد عن الطيش والرخاوة. عش بهدوء وتواضع واستقامة واعتدال وابتعد عن الرياء. ماثل الوردة المزروعة في التراب، فإنّ نصفها مدفون في الأرض (الجذور) ونصفها فوق الأرض، هكذا، أنت أيضًا، لا تغرق عميقًا في تراب الأمور الدنيويّة. اعتبر نفسك وأنت وسط العالم أسوأ الجميع، فبدون التواضع لا يخلص أحد. إن وثقت أنّك بقدرتك الشخصيّة تستطيع أن تخلص، فأنت مخدوع. اسمع ما قاله القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: "هناك ثلاث طرائق لكي نجد الخلاص: 1) أن لا نخطئ. 2) أن نُظهر توبة صادقة. 3) إن لم نتب حقيقة، فلنصبر، إذًا، على المصائب والنكبات التي تصيبنا".
** سؤال: أخاف، أيّها الشيخ، من الكبرياء، فماذا أفعل؟
++ الشيخ: اهتمّ بأن تسيّج نفسك بكلّ أنواع التواضع، وعندئذ لا تعود تخاف شيئًا ولو هبطت السماء إلى الأرض. الله يمنح رحمته للمتواضعين، والتواضع يضع الإنسان عند أبواب السماء. كن منسحق القلب، ولكن إن لم تكن كذلك، فإنّ الله يجعلك تتّضع بواسطة الحوادث المؤلمة التي تتعرّض بها. الراحة الزائدة والرخاء والرفاهيّة والنجاحات تزرع الكبرياء في النفس، ولهذا فالربّ المحبّ البشر يتركك، أحيانًا، لمختلف التجارب والأحزان. إنّ تلؤلؤ النجاحات وبريق السعادة يسبّبان الزهو والافتخار، فيما جليد الملمّات يقود إلى التواضع. الألم ينقّي النفس من أوساخ الخطيئة ووصماتها، ولكي يتنقّى الإنسان يفيده حمل صليب ثقيل. أمّا ثقل الصليب فلا يدبّره الله، إنّما نحن أنفسنا، وذلك بحسب تجذّر الأهواء داخلنا. إن لم يسلك الإنسان الطريق المستقيم، بل يعرج يمينًا ويسارًا، يحتاج، وقتئذ، إلى ضيقة لكي يرعوي. هذا الضيق يشكّل له صليبًا يختلف ثقله وحجمه من واحد إلى آخر. قد يحدث أن يتألّم الإنسان ظلمًا كأن يتعرّض، مثلًا، لوشاية هو بريء منها، فلا ينبغي له أن يحزن. لأنّه إن كان، هذه المرّة، مظلومًا حقًّا، ولكن ألم يسبق له أن أتى ما يستوجب العقاب؟ فهو في هذه الضيقة الحاضرة يسدّد دينًا قديمًا.
** سؤال: إن كنّا نعيش، بالفعل، حياة صالحة، فهل هذا يجعلنا متأكّدين من خلاصنا؟
++ الجواب: ليس صحيحًا أن نتأكّد من خلاصنا، ولكن في الوقت نفسه لا ينبغي أن نيأس منه. الموقف الصحيح هو الموقف المتوسّط أي أن نرجو الخلاص ولا نخف من فقدانه. لا يجب أن ننسى بأنّ من يعيش اليوم بشكل فاضل يمكن أن يقع غدًا، إن لم ينتبه، في خطيئة عظيمة ويخسر خلاصه إن لم يتب، والعكس صحيح أي قد يتوب خاطئ ارتكب معاصي وزلّات كبيرة توبة صادقة ويخلص.
** سؤال: هل يسبّب المرض العصبيّة ما يجعل المريض يثور بسرعة، وهل هو مسؤول عن عصبيّته في هذه الحالة؟
++ الشيخ: لا يجب أن يبرّر أحد عصبيّته. المرض غير مسؤول بل الأنانيّة. يقول الكتاب المقدّس: "ليكن كلّ إنسان مسرعًا في الاستماع مبطئًا في التكلّم مبطئًا في الغضب" (يعقوب 1: 19). تجرّ العصبيّة الإنسان إلى الشرّ وتبعده عن إتمام الفضيلة والحكم العادل على أخيه الذي يطالبنا به الله. انتبه. لا تتسرّع في الكلام والتصرّف، إنّما كن صبورًا فتحفظ نفسك من العصبيّة والغضب. لكي يصبح المرء وديعًا، عليه أن يكون مجبولًا بالحديد والذهب. فالحديد هو الصبر والذهب هو التواضع.
** سؤال: كيف أقتني المحبّة؟
++ الشيخ: إن كنت تفتقد إلى المحبّة وتشتاق إلى اقتنائها، ابدأ بمزاولة الأعمال الصالحة ولو كانت خالية من المحبّة. والربّ عندما يرى اشتياقك ومحاولاتك يزرعها داخلك في أقصر وقت.
** وماذا عن الموت أيّها الشيخ؟
++ الشيخ: الموت يقف قريبًا جدًّا منّا، إنّه يلتصق بظهرنا، ولكنّنا نظنّه يختبئ وراء أبعد جبل عنّا، ولذلك لا نفكّر به على الإطلاق. يريد الله منّا أن نصلح أنفسنا، ولكن هذ لا يتمّ بلحظة، إنّما يقتضي وقتًا قد يطول وقد يقصر، ولذلك يطيل الله أناته علينا. غير أنّه يقطع حبل حياتنا عندما يرى أنّنا قد أصبحنا أهلًا لسكنى الملكوت، أو لأنّه عاد لا يجد أيّ بارقة إمل في إصلاحنا، ولئلّا يزداد شرّنا يأخذنا إليه.
أقوال للشيخ أناتوليوس/ أوبتينا
** أتريد أن تربح الفردوس؟ اقتنِ الصبر واكتسب التواضع وسوف تجده في داخلك.
** هل تعرف ماذا يحلّ بالشيطان عندما يراك مسرعًا لكشف أفكارك وخطاياك لأبيك الروحيّ؟ إنّه يرتجف كورقة يهزها ريح عاصف.
** أتصلّي من دون رغبة، بل إتمامًا لأمر شيخك أو أبيك الروحيّ؟ لا بأس، وإن كانت صلاتك من دون شهيّة، فالطاعة فوق كلّ الصيامات والصلوات.
** احتفظ بكلّ قوّتك بصلاة يسوع. إنّها حياتنا وحلاوتنا وفرحنا وتعزيتنا. قد تستصعبها في البداية، ولكنّك سوف تحسّ في النهاية بعيد لا ينتهي. لا تمنعنا صلاة يسوع من سماع القراءات والتراتيل، بل تساعدنا على ذلك. إنّها تزرع فرحًا كبيرًا في القلب، تهدّئ الروح وتسكّن الأفكار. ابدأ بتلاوة صلاة يسوع بتواضع واختمها بتواضع. إنّها الطريق الأكثر أمانًا لك لأنّها تحرق أفكار الكبرياء، وتطبع في قلبك الفتيّ حلاوة اسم يسوع وقوّته التي هي فوق كلّ قوّة. يصبح العدوّ كالكلب المسعور أمام من يتلون صلاة يسوع، لذلك يحاول بشتّى الوسائل أن يلقي الأفكار الوسخة في أذهان الجميع لا فرق كانوا مسنّين أم شبابًا، فلا تستغرب بل تنبّه لذلك.
** سمع الشيخ هذا الحوار بين راهبين:
- من علّمك صلاة يسوع؟
- الشيطان.
- وهل هذا ممكن؟
- كان يحاربني بشتّى الأفكار بضراوة، فكنت ألجأ، للحال، إلى صلاة يسوع وهكذا تعلّمتها.
[1] عن اليونانيّة من كتاب الستاريتز أمبروسيوس: ~O Stare.tj Vambro.sioj) :Ekdoseij vadelfo.thtoj $~O Para.klhtoj% Wrwpo.j VAttikh/j 1974)