ماذا قال الكتاب المقدّس عن سقوط الشيطان

ماذا قال الكتاب المقدّس عن سقوط الشيطان1
للستاريتز إيليا كليوبا 


-    الأخ: أرجوك، أيُّها الأب، أخبرني قليلًا عن حالة الشيطان قبل سقوطه بداعي الكبرياء، وما هو ضرر هذه الرذيلة؟
-    الستاريتز: اسمع، يا أخي يوحنّا، لكي تتخيّل، أنت نفسك، كم هي خسيسة رذيلة الكبرياء ومثيرة للإشمئزاز أمام الله وكيف يعاقب عليها، يكفي أن نتذكّر أنّه بسبب هذه الخطيئة، فقط، سقط الشيطان وجميع ملائكته وطُردوا من السماء (رؤيا 12: 8-9). ولكي نفهم مدى عمق الهاوية التي يسقط فيها المرء بداعي الكبرياء، دعونا نتعرّف من أي مجد ونور سقط الشيطان وملائكته، وإلى أي جبّ عار سقطوا فيه وأيّ عذاب يعانون. 

وحتّى تتمكّن من تخيّل هذا، إعلم أنّ الشيطان قبل سقوطه من النور والمجد، لم يكن خليقة تافهة من خَلْق الله، ولكنّه كان واحدًا من أجمل المخلوقات وأكثرها بهاء وقربًا الى الله. فالكتاب المقدّس يصفه بأنّه كان فجر الصبح المشرق بين المراتب الذكيّة السماويّة، وابن فجر الذي لا يغرب والشاروبيم السماويّة، الأجمل والأشع زينة لخالقه، الله.

يكتب الكتاب المقدّس عن هذا بشكلٍ رمزيّ على لسان النبيّ حزقيال، الذي يقول لملك صور:  "كنت في عدن، في جنة الله؛ كانت ملابسك مزيَّنة بجميع أنواع الأحجار الكريمة: الياقوت والألماس والجزع واليشب والياقوت الأحمر والعقيق الأحمر والذهب، فكل هذا تمّ زرعه بمهارة لا تدانى في أعشاشك ومعلّقٌ عليك في يوم خلقك. كنت الكروب الممسوح لتُظلّله، وأنا وضعتك عليه؛ كنت على جبل الله المقدّس ماشيًا بين الحجارة الناريّة" (حزقيال 28: 13-14). كما يطلق النبيّ إشعياء على الشيطان صفات النجم الساطع وابن الفجر (إشعياء 14: 12). هل رأيت، أيُّها الأخ يوحنّا، أيُّ مجد كان يمتلكه الشيطان، وما الجمال والروعة اللذين كان عليهما قبل أن يسقط هذا السقوط العظيم؟

ولكن لماذا سقط من هذا النعيم والجمال؟ 

دعونا نسأل الكتاب المقدّس عن هذا، وسوف يجيبنا قائلًا: "لقد كنت بلا عيب يوم خُلقت، حتّى ترسّخ الإثم فيك" (حزقيال 28: 15). ويشرح الكتاب المقدّس ما كان عليه هذا الاثم الذي كان متأصّلًا في الشيطان، فيقول: "أنت يا من تكلّمت في ذهنك: أصعد إلى السماء وأجلس على عرشي فوق نجوم الله القدير؛ سأبني مسكني على الجبل المقدّس، على حافّة الشمال، وسأصعد فوق الغيوم وأكون مثل العليّ" (أشعياء 14: 13-14).

ثمّ يوضّح أنّه بسبب هذا الذكاء العالي سقط من السماء، فيقول: "كيف سقطت من السماء، نجم ساطع، ابن الفجر، كيف ألقيت على الأرض، الذي روّض الأمم" (إشعياء 14: 12). ويشير الكتاب المقدّس بعد ذلك وبشكل أكثر وضوحًا إلى سبب سقوط الشيطان، فيقول: "من الجمال انتزع قلبك من كبريائك أفسد حكمتك. لهذا ألقيتك على الأرض وأمام الملوك سأخزيك" (حزقيال 28:18). ومرّة أخرى يصف صعود الشيطان وطموحه في مجد الله الذي لا يمكن بلوغه: "بسبب اتّساع تجارتك امتلأ كيانك الداخليّ بالبرّ وأخطأت؛ وأنا أطردك من بين الأحجار المتلألئة، وأطردك من جبل الله المقدّس على أنّه نجس" (حزقيال 28: 16-17). 

ثمّ يُظهر الكتاب المقدّس أين ألقي الشيطان وطُرد من المجد العظيم الذي كان  له في السماء، فيقول: "لقد أُلقي كبرياؤك إلى الجحيم بفرح كبير، وسوف تنتشر الديدان تحتك، وسوف تصبح الديدان غطاءك (إشعياء 14: 11). ويضيف المزيد قائلًا: "والآن يتمّ إلقاؤك إلى الجحيم، إلى أعماق الجحيم (إشعياء 14: 15). لذا، يا أخي يوحنّا، من هذه الشهادات القليلة من الكتاب المقدّس، أعتقد أنّك فهمت مدى الضرر الذي يلحقه هوى الكبرياء بأولئك الذين يسيطر عليهم.

[1] عن الموقع الروسيّ Provoslave. تعريب راهبات الدير.