الأحد 20 حزيران 2021

الأحد 20 حزيران 2021

16 حزيران 2021
الأحد 20 حزيران 2021
 العدد 25
أحد العنصرة المقدّس
 

* 20: مثوديوس أسقُف بتارُن، الأب نيقولاوس كباسيلاس، صلاة السَّجدة، * 21: إثنين الرُّوح القدس، الشَّهيد يوليانوس الطرسوسيّ، * 22: الشَّهيد إفسابيوس أسقُف سميساط، البارّ إيسيخيوس رئيس دير العلَّيقة في سيناء، * 23: الشَّهيدة أغريبيا ورفقتنها، * 24: مولد يوحنَّا المعمدان، تذكار لزخريَّا وأليصابات، * 25: الشَّهيدة ففرونيَّة، الشُّهداء أورنديوس وإخوته الستّة، * 26: وداع العنصرة، البارّ داود التَّسالونيكي. *
 
 
هل نحن عَنْصَرِيُّون؟!
"فامتَلأوا كُلُّهُمْ مِنَ الرُّوح القُدُسِ" (أعمال 2: 4)
 

كلمة عنصرة هي كلمة عبريّة في الأساس وتعني "اِجتماع". هو عيد الأسابيع (أنظر: خر 34: 22 ولا 23: 15 وتث 16: 9؛ 2 مك 12: 32) وسُمّي يوم الباكورة (عد 28: 26) وكان يقع في اليوم الخمسين بعد اليوم الثاني من الفصح (لا 23: 15 و16 وتث 16: 9 و10).

وكان يعتبر سبتًا أي زمن راحة لا يقومون فيه بأيّ عمل بل يجتمعون معًا للعبادة (لا 23: 21 وعد 28: 26). أمّا في اللغة اليونانيّة، فالكلمة هي " " Penticosti مشتقّة من " πεντηκόστη ἡμέρα" أي يوم الخمسين.

أساسًا، هذا العيد هو أحد أعياد اليهود الكبيرة الثلاثة: الفصح والعنصرة والمظالّ. كان العبرانيّون يعيّدون العنصرة لإحياء ذكرى دخولهم بشقاء وتعب كثيرٍ أرض الميعاد حيث تمتّعوا بالحنطة والخمر، بعد خمسين يومًا من خروجهم من مصر.

بدأ هذا العيد، في الأول، كيوم شكر لأجل الحصاد في أرض الميعاد. ويقول التقليد اليهوديّ إنّ الناموس أُعطيَ لموسى في اليوم الخمسين بعد خروجهم من مصر، لذا، حفظ اليهود هذا اليوم تذكارًا لإعطاء النّاموس أكثر ممّا حفظوه كيوم عيد جمع الحصاد. من هنا يُدعى هذا العيد، أيضًا، عيد الخمسين. لذلك، في زمن الرّبّ يسوع، كان يجتمع اليهود من كُلِّ حَدَبٍ وَصَوب، لِيُتمّموا الشريعة ويُشاركوا في هذا العيد.

في هذا اليوم بالذّات، سكب الرّبّ روحه القدّوس على الرّسل في
علّيّة صهيون. اليهود يحتفلون بتلقّي موسى للشريعة من الله، واليوم واضع الشريعة والموحي بها يأتي بنفسه ليسكن بنعمته في الرسل والكنيسة، ليصير الإنسان هيكل الله، ويتحقَّق عهد الله الجديد الَّذي وعد به بإرمياء النبيّ القائل:
 
"هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا. (...) أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" (إرمياء 31: 31 و33)، وكما يَعِدُ الرّبُّ أيضًا بحزقيال النّبيّ:
 
"وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا، وَأَجْعَلُ فِي دَاخِلِكُمْ رُوحًا جَدِيدًا، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِهِمْ وَأُعْطِيهِمْ قَلْبَ لَحْمٍ، لِكَيْ يَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي وَيَحْفَظُوا أَحْكَامِي وَيَعْمَلُوا بِهَا، وَيَكُونُوا لِي شَعْبًا، فَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا" (حز 11: 19 – 20).
 
أيّها الأحبّاء، وُعُودُ الرّبِّ تحقَّقَتْ كلُّها، وروحُه انسكبَ علينا، ووَلَدَنَا من فوق بتجديد الرّوح والماء وصيرورة القلب لوحًا نقيًّا كُتِبَت فيه الكلمة الإلهيّة بـ "الكلمة الإلهيّ" والرّوح القدس. كلّ مؤمن اعتمد على اسم الثالوث القدّوس ونال مسحة الميرون المقدَّس وُهب سُكنى روح الله فيه بالنعمة وختمه بالإضافة إلى نقش أيقونة "الكلمة الإلهيّ" في القلب كلمةً حيَّةً فاعلة في الَّذين يؤمنون بيسوع المسيح ملكًا وربًّا، كلمةً تفيض من جوف المؤمن "أنهار ماءٍ حيٍّ" (يو 7: 38).
 
كلّنا ممتلئون من روح الرّبّ، لكن هل نعرف قيمة الكنز الإلهيّ الَّذي لا يُقدَّر الموهوب لنا؟!... السؤال هو كيف نستغلّ (exploit) الطّاقات الإلهيّة المخبوءة في قلوبنا، أو كيف نطلقُها في كياننا لتفعل فيه؟!... الجواب بسيط، مطلوب فعل إرادة منّا لأنّ مشيئة الله واضحة وعطيّته موجودة فينا. أن نريد يعني: (1) أن نقرأ الكلمة الإلهيّة ونسعى لنعرفها في خبرة الحياة والعيش انطلاقًا من تفسير الكنيسة لها في الآباء والليتورجيا والقوانين وحياة القديسين والأبرار، أي في تقليدها الحيّ؛ (2) أن نصلِّي في مخادعنا ونشارك في صلوات الكنيسة وأسرارها؛ (3) أن نخدمَ الرّبَّ في مَن حَولَنا مِن أهلِنا إلى كنيستنا إلى مجتمعنا إلى وطننا. هذا كلُّه لا يستقيم إلّا إذا جاهدنا في هذه المضامير الثّلاثة بالتّوازي. الطريق واضح وبسيط وصريح، فهل نريد أن نكون عَنصَريِّين؟!...
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
 
طروبارية العنصرة باللّحن الثامن
 
مباركٌ أنتَ أيّها المسيحُ إلهنا، يا من أظهرتَ الصيّادينَ غزيري الحكمة إذ سكبتَ عليهم الروحَ القدس، وبهم اصطدتَ المسكونة، يا محبَّ البشرِ، المجدُ لك.
 
قنداق العنصرة باللّحن الثامن
 
عندما نزل العليُّ مبلبِلاً الألسِنة، كان للأُمم مقسِّمًا، ولمّا وزّعَ الألسنةَ النارّية دعا الكُلَّ إلى اتِّحادٍ واحد. لذلك، بِاتّفاقِ الأصوات، نمجِّدُ الروحَ الكليَّ قُدسُه.
 
الرِّسَالة
أع 2: 1-11
 
إلى كلِّ الأرضِ خرجَ صوتُهم
السمواتُ تُذيعُ مَجْدَ الله
 

لمَّا حلَّ يوم الخمسين، كانَ الرُّسُلُ كُلُّهم معًا في مكان واحد. فحدثَ بغتةً صوتٌ من السماءِ كصوتِ ريحٍ شديدةٍ تَعصِفُ، ومَلأَ كلَّ البيتِ الذي كانوا جالسين فيهِ، وظهرت لهم ألسنةٌ منقسِمةٌ كأنَّها من نار، فاستقرَّتْ على كلِّ واحدٍ منهم، فامتلأوا كلُّهم من الروح القدس، وطفِقوا يتكلَّمون بلغاتٍ أخرى، كما أعطاهم الروحُ أن ينطِقوا. وكانَ في أورشليمَ رجالٌ يهودٌ أتقياءُ من كل أمَّةٍ تحتَ السماءِ. فلمّا صار هذا الصوتُ اجتمعَ الجُمهْورُ فتحيَّروا لأنَّ كلَّ واحدٍ كان يَسمعُهم ينطِقون بلغتِه. فدُهِشوا جميعُهُم وتعجَّبوا قائلين بعضُهم لبعضٍ: أليس هؤلاءِ المتكلِّمونَ كلُّهُم جليليّين؟ فكيفَ نسمعُ كُلٌّ منّا لغتَهِ التي وُلد فيها، نحن الفَرْتيّينَ والمادِيّينَ والعيلاميّينَ، وسُكّانَ ما بين النهرين واليهودية وكبادوكيةَ وبُنطُسَ وآسية وفريجيةَ وبمفيلية ومصرَ ونواحي ليبيةَ عند القيروان، والرومانيين المستوطنين، واليهودَ والدُّخَلاءَ والكريتيّينَ والعرب، نسمعُهم يَنطِقون بألسنتِنا بِعَظائمِ الله! 
 
الإنجيل
يو 7: 37-52
 

في اليوم الآخر العظيم من العيد، كان يسوعُ واقفاً فصاح قائلاً: إن عَطِشَ أحدٌ فَلْيَأتِ إليَّ ويَشربْ. مَن آمنَ بي، فكَما قال الكتابُ ستجري مِن بطنِه أنهارُ ماءٍ حَيّ. (إنّما قال هذا عن الروحِ الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه إذ لم يَكُنِ الروحُ القُدُسُ قد أُعطيَ بَعْدُ، لأنَّ يسوعَ لم يَكُنْ بعدُ قد مُجِّدَ). فكثيرون من الجمع لما سمعوا كلامه قالوا: هذا بالحقيقةِ هو النبيّ. وقال آخرون: هذا هو المسيح، وآخرون قالوا: ألعلَّ المسيحَ من الجليل يأتي! ألم يَقُلِ الكتابُ إنَّه، من نسلِ داودَ، من بيتَ لحمَ القريةِ حيثُ كانَ داودُ، يأتي المسيح؟ فحَدَثَ شِقاقٌ بينَ الجمع من أجلِهِ. وكانَ قومٌ منهم يُريدونَ أن يُمسكوهُ، ولكِن لم يُلقِ أحدٌ عليه يداً. فجاءَ الخُدَّامُ إلى رؤساء الكهنَةِ والفَرِّيسيّينَ، فقالَ لهُم: لِمَ لم تأتوا بهِ؟ فأجابَ الخُدَّامُ: لم يتكلَّمْ قطُّ إنسانٌ هكذا مثلَ هذا الإنسان. فأجابَهُمُ الفَرِّيسيّون: ألعلَّكم أنتم أيضاً قد ضلَلتُم! هل أحدٌ مِنَ الرؤساءِ أو مِنَ الفرِّيسيينَ آمَنَ بِهِ؟ أمَّا هؤلاء الجمعُ الذينَ لا يعرِفونَ الناموسَ فَهُم ملعونون. فقالَ لهم نِيقودِيموُس الذي كانَ قد جاءَ إليه ليلاً وهُوَ واحدٌ منهم: ألعلَّ ناموسَنا يَدينُ إنساناً إن لم يسمَعْ مِنهُ أولاً ويَعلَمْ ما فَعَلَ! أجابوا وقالوا لهُ: ألعلَّكَ أنتَ أيضاً من الجليل! إبحثْ وانظرْ، إنَّهُ لم يَقُم نبيٌّ منَ الجليل. ثُمَّ كَلَّمهم أيضاً يسوعُ قائلاً: أنا هوَ نورُ العالَم، من يتبَعْني لا يمشِ في الظلامِ، بل يَكُنْ لهُ نورُ الحياة.
 
في الإنجيل
 
"أيّها المؤمنون، لنعيّد بابتهاج العيد الأخير، الذي هو آخر العيد، لأنّ هذا هو الخمسينيّ غايةُ الوعدِ المفترَضِ وإنجازُه. لأنّ فيه انحدرتْ نارُ المعزّي على الأرض كهيئةِ أَلْسُنٍ، وأنارت التلاميذ وأوضحتهم مسارّين الأمورَ السماويّة. نُورُ المعزّي حضرَ وأنارَ العالم." (كاتسما الستيخولوجيا الأولى سحر أحد العنصرة).
 
لقد وعد يسوعُ رُسلَه، في حديثه معهم قبل الآلام، بإرسال الروح القدس، "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزّيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالمُ أن يَقبلَه، لأنّه لا يَراه ولا يَعرفُه، وأمّا أنتم فتعرفونه لأنّه ماكثٌ معكم ويكون فيكم." (يوحنا 14: 16 -17)
 
هذا الأمر قد تمّ اليوم في عيد العنصرة في اليوم الخمسين، وكلمة عنصرة هي أصلها عبريّ "عَسَار" ومعناها "اجتمع" أو "جمع"، لأنّهم كانوا يجتمعون ويُعيّدون في هذا العيد.
 
وكما في العهد القديم أخذ الشعبُ العبرانيُّ الشريعةَ في اليوم الخمسين، كذلك ارتضى الله أن يرسل الروح القدس في اليوم الخمسين أيضًا، ليعطينا "الشريعة" أي الروح الإلهيّ الذي يسكن فينا ويجدّدُنا ويُحيينا إلى الأبد...
 
أمّا ثِمارُ الروحِ القُدُسِ التي يَنالُها المؤمنُ بيسوع فهي: " محبّة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تَعَفُّف" (غلاطية 5 : 22 – 23)
 
من الشروط الأساسيّة لِنَيل الروح القدس الإيمان بيسوع وحفظ وصاياه، "من آمن بي، كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يوحنا 7 : 38)، عندئذ يحصل على قلب مُحِبّ، على فرحٍ داخليّ لا يستطيع أحد أن ينزعه منه، ينال السلام الذي العالم لا يستطيع أن يعطيه، يصبر على المحن والاضطهادات، يعامل الجميع بلطف وصلاح، إيمانه لا يتزحزح، يصبح وديعًا ومتواضع القلب، يكون عفيفًا في كلّ شيء... 
 
في هذا اليوم أصبح المؤمنون واحدًا في المسيح، وكما أن في بابل انقسمت الشعوب وتفرّقوا، نرى اليوم أن لديهم فكر واحد وقلب واحد وإيمان واحد، لأنّنا بالروح القدس نصير في الله، وبالتالي نصير متّحدين بعضنا مع بعض في الله. (القديس أثناسيوس الكبير) ...
 
في هذا العيد المبارك يتجدّد المسيحي في حياته الروحية، ويعي أكثر هُوِيّتَه المسيحيّة، وبأنّه ممتلئ من روح الله، وهذه هي غاية الإنسان المسيحيّ (القديس سيرافيم ساروف). أمّا رسالتُهُ فهيَ نَقلُ بشارةِ الحياةِ إلى جميعِ مَن هُم حَولَه، إلى عائلته وأقربائه وأصدقائه وجميع من يصادفهم في حياته وفي عمله... لأن حيث يوجد الروح القدس توجد الحياة الأبديّة (القديس أمبروسيوس).
 
نصرخ إليك يارب في هذا اليوم قائلين: قلبًا نقيًّا أخلق فيّ يا ألله، وروحًا مستقيمًا جدّد في أحشائي" ... لا تطرحني من أمام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منّي"
 
معرفة احتياجات الذّات ومعرفة احتياجات الآخرين
 
تأسَّسَتِ الكنيسةُ في العنصرة، بِحَسَبِ تقليدِنا الشريف. هي الكنيسةُ التي نعرفها اليوم، جماعةُ المؤمنين الملتفّين بشركةٍ واحدةٍ حول الإفخارستيّة، الملتحمين بجسد المسيحِ الواحِدِ. في هذا اليوم خرج الرسل الذين كانوا خائفين من علّيّتهم وانفتحوا للعالمِ مبشِّرين.
 
وكلّم الرسول بطرس البشر المتواجدين بألسنةٍ يفهمُها كلٌّ من المتواجدين هناك بمختلفِ تحدّراتهم من بلدانٍ ومجتمعاتٍ ولغاتٍ وخلفيّات.
 
المسيحيّةُ انفتخت نحو الإنسان وأصبح الرعاةُ تفوحُ منهم رائِحةُ القطيعِ؛ بما معناه أنَّ الكهنوت تواضعَ ونزل إلى مستوى البشر ليرفعهم نحو المستويات العلويّة، الملكوتيّة.
 
هذا ما ورثته الكنيسةُ المعاصرة. ولكن بسبب تَعَقُّدِ الإنسانِ وأحوالِهِ بِتْنا بحاجةٍ لإعادة النظر في موضوع معرفة الذات ومعرفةِ ما يحتاجه الآخرون لغاياتٍ رعائيّةٍ سامية تهدفُ إلى إعادة اللُّحمةِ بين الراعي والرعيّة، وبين القادة فيما بينهم، وشعب الله.
 
ولتحقيقِ هذه الغاية لا بد من أن تستند الكنيسة في رعايتها إلى ما توصّل إليه البحثُ العِلميُّ البسيكولوجيُّ مِن نتائجَ وأن تأخذ بعينِ الإعتبار ما يفيدُها من أجلِ إعادة بناء العلاقات بينها وبين أعضائِها.
 
معرفةُ الذاتِ ومعرفةُ احتياجاتِ الآخرين هي جزءٌ من منظومةٍ لمساعدةِ الانسانِ في اكتشاف ذاته. فالانسان مدعوٌّ لاكتشاف ذاته على مستوى الحاجاتِ وطريقةِ التفكيرِ والاحتكاك مع الآخرين والسّلوك والطباع والمشاعر والانفعالات. الرّاعي والمُرشِدُون عليهم أن يَعُوا جيّداً حاجات أبنائهم وحاجاتهم الخاصّة سيَّما أنَّ العلاقة تذهب بِالاِتِّجاهَين.
 
فالأمور في الكنيسةِ متبادَلة. إنَّ المهمّ أيضاً أن نعيَ المُسلَّمة التي تقول إنَّ الفَردَ تنقُصُ حُرِّيَّتُهُ بِمِقدارِ ازدِيادِ حاجاتِه، وهذا يَعني نَقصَ مستوى استقلاليّتِه. ليس هناك إنسانٌ على وجه الأرض يستطيع ادّعاء الاستقلاليّة الكاملة.
 
وهناك أيضاً مسلَّمةٌ ثانيةٌ بأهميّةِ الأولى؛ وتقول إنَّنا كُلَّما لَبَّينا احتياجات الآخرين لبَّوا هم بدورهم احتياجاتِنا. هذا النوع من التعاطي الذكيّ والمتفهِّم، يُرشِدُنا إلى كيفيّةِ تَخَطِّي التحدِّياتِ والعقباتِ والمشاكل، وَيَجعلُ منّا قادةً منفتحين نحو الآخرين. ولكن ما هي هذه الاحتياجات التي علينا إدراكها على مستوى الوعي الذَاتيّ وعلى مستوى إخوتنا؟
 
هي ليست فقط الحاجات الماديّة والروحيّة بل أيضاً تلك الحاجات العلائقيّة التي تَشُدُّ اللُّحمةَ والمحبّةَ بين الأشخاص، وهي التالية: التقبُّل وهو الْتزامٌ غيرُ مَشرُوطٍ بالشخص رغم الاختلاف والأخطاء.
 
المودّةُ وهي التعبير عن التواصل من خلال المحبة حيث يمكننا استعمال تعابير مثل "أنا أحبك"، "أهتم بك"، إلخ. التقدير وهو التعبير عن الشكر أو الإشادة أو المديح ويركّز على ما يفعله الشخص.
 
الرضا وهو تعزيز الأشخاص والاعتراف بميزاتهم والتأكيد على أهميتهم وفرادتهم. الاهتمام وهو الانتباه للشخص والملاحظة والاستماع وتكريس الوقت له.
 
المواساة والتعاطف وهما التفاعل مع الشخص المتألّم والتألّم معه بصدقٍ وعناية. التشجيع وهو حَثُّ الأشخاص على الإصرار والمثابرة وبذل الجهد لتحقيق أهدافهم. الاحترام وهو تقييم الشخص بصورة عالية، ومعاملته على أساسٍ من الأهميّة والتكريم بالقول والفعل. الأمان وهو بناء الانسجام مع الأشخاص والمحافظة على نمط العلاقةِ معهم وتعميق الثقة.
 
وأخيراً الدَّعم وهو التواجد جنباً إلى جنبٍ مع الآخرين وتقديم المساعدة اللبقة والملائمة.